سفينتنا غرقت بأيدينا

*سفينتنا* *غرقت بأيدينا*. …. …. …. ا.د.ضياء واجد المهندس …. ….. …..
.
كانت هناك سفينة راسية في ميناء الرومان يشار لها بالبنان والقوة ، ربانها من طغاة الرومان من المقربين إلى الامبراطور ..
عندما أكتملت الفحوصات على السفينة ،وبعد ان انتهى البحارة من تحميل السفينة بالبضائع والمنتجات و مستلزمات السفر ،واصبح الجميع على متن السفينة ،أمر قبطان السفينة بالمركب ان ينطلق ….
وماكادت المرساة ان ترتفع وتبحر السفينة قليلا ،
إلا وسمعوا اصوات قوية شديدة وطقطقة من اسفل السفينة ..
عندها هرع البحارة الى مصدر الصوت، حيث اكتشفوا ان الواحا خشبية ضخمة من جسد السفينة تفككت وخرجت من مكانها ، وان عدد الالواح المتفككة وكمية المياه الداخلة الى السفينة تؤكد ان السفينة غارقة لا محالة ….
فقفز الجميع الى البحر ، وسبحوا الى المرفأ الذي مازالوا بقربه…
وغرقت السفينة بما فيها …
أصر قبطان السفينة ان يعلم سبب غرق السفينة ،فهي سفينة قوية مصنوعة بجودة عالية و بأيدي ناس خبرة وثقة ،فكيف للسفينة ان تغرق بهذا الشكل ؟؟؟!!
ورصد جائزة ضخمة لمن يعرف سبب غرق السفينة …
واصبح البحارة المتمرسون على الغطس بالغوص الى داخل السفينة الغارقة مستخدمين الوسائل البدائية المتوفرة آنذاك ..
واصبحوا يكشفوا ويبحثوا عن سبب غرق السفينة ….
وعندما عرفوا السبب ،عادوا الى ربان السفينة ،
وعلامات الدهشة على وجوههم …
سألهم الربان :
ما سبب غرق السفينة ؟!!!!!!!!! فأجابوه :ان الالواح الخشبية التي تفككت فجأة والتي سببت غرق السفينة كانت خالية من مسامير التثبيت ، وان عدد المسامير المختفية أثر على هيكل السفينة ومتانتها مما سبب لتفكك الالواح وغرق السفينة، ولان
الربان وطاقم السفينة متأكدون ان السفينة مصنوعة بأحسن الايدي ومن المستحيل ان يكون سوء في التصنيع ، وكان لابد من البحث عن كيفية فقدان
المسامير …
وبعد التقصي و السؤال والبحث ، تقدم احد البحارة الى الربان واخبره : ان في يوم من الايام رأى احد البحارة يبيع مسامير تثبيت الواح السفينة الى محل الخردة في احد الاسواق الكبيرة في روما التي كانوا يشترون منها …
فسأل الربان عن ذاك الشخص ؟؟؟ وهل مازال بين طاقم السفينة؟؟!! فأخبروه انه مازال موجود ،فطلبه القبطان وجيء بالرجل ..
سأله القبطان : هل كنت تقوم ب فك المسامير من السفينة ؟؟!!!!!!
فجاوبه بكل ثقة : نعم سيدي …
واندهش القبطان من جرأة الرجل ، وقال له :وتقولها هكذا بكل صلافة امامي وامام الجميع …
فجاوبه البحار : نعم سيدي .
صرخ القبطان في لحظة غضب على البحار قائلا:
انت سارق، سرقت مسامير السفينة ، وتسببت في غرق السفينة وضياع بضائعنا واموالنا ..
فجاوبه البحار : سيدي انا اخذت المسامير وبعتها ، لأنك لا تعطيني اجرا يكفيني ويكفي عائلتي عندما اعود الى منزلي بعد كل رحلة …
وانا كل شهر اقوم بفك مسمارين او ثلاثة لتعينني على مصروفي عند عودتي ،فافعل بي ماشئت ياسيدي . فها انا بين يديك .
فنظر البحارة الى بعضهم البعض ، ونظروا الى الرجل.
عندها صرخ احد البحارة :نعم سيدي الاجر لا يكفي ،وانا كنت آخذ من طعام المطبخ وابيع منه كي اعيل اسرتي . وتحدث بحار آخر :نعم سيدي الاجر لا يكفي، وانا كنت آخذ من حبال السفينة وابيعها كي اعيل اسرتي … وصرخ بحار آخر :الاجر لا يكفي ياسيدي ، وانا آخذ من بضائع النقل حتى اعيل اسرتي .. واصبح البحارة الواحد تلو الاخر يقول بأنه يإخذ شيئا من السفينة بسبب الفقر والحاجة وسوء الأجر ….
سكت قبطان السفينة وغلب على امره ….
ثم التفت الى مساعده وقال له :
هيا بنا ياصاحبي . سفينتنا غرقت بما صنعت ايدينا ، وكنا نبحر في سراب ونحن نعتقد اننا في الطريق الصحيح .
فجاوبه مساعده :
انت لوحدك يا سيدي …فأنا كنت آخذ من بقايا ملابسك وابيعها حتى استطيع اعالة اسرتي ….. *في عراقنا* ، جعلنا الطغاة من حكامنا ان نتدافع لإغراق بلدنا في التخلف والجهل و الانحطاط بفعل صمتنا على الفاسدين و سكوتنا على السارقين من ألحاكمين المتسلطين على رقاب العباد والبلاد … …. …. . .
البروفيسور د. ضياء واجد المهندس. مجلس الخبراء العراقي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى