بنت المخيم

بنت المخيم

بقلم: ناهده محمد

_ الفصل الاول.. داخل غرفه المشفى
لم يكن من السهل على سعاد ان تفتح عينيها فكميه الضمادات التي كانت تغطي رأسها كبيره جدا اما الصداع الذي ابى ان يفارقها فقد كان شديد لدرجه جعلتها تستيقظ اخذت نفسا عميقا قبل أن ترفع جسدها جالت ببصرها في الغرفة التي كانت داخلها كانت غرفه مظلمه وكئيبة سمعت في هذه الأثناء صوت قادم من بعيد لكن صوت هدير المطر الغزير ابتلعه ليدخلا شخصين كان الأول ضابط اما الثانية فقد كانت ممرضة
-كيف حالك الان؟ كانت الممرضة من تتكلم
– بخير… أين أنا الآن؟
-داخل مشفى اليرموك! أجابت الممرضة
-مشفى اليرموك! من جاء بي إلى هنا؟
-كان مغمى عليك داخل منزل مشبوه سكت الضابط قليلا قبل أن يضيف وانا هنا الآن لمعرفه ماذا كنت تفعلين داخل ذلك المنزل
-في البداية ما أسمك؟
-سعاد
-اسمك الثلاثي!
-سعاد عمر حسن
-محل سكنك؟
– مخيم جسر بزيبز
-كم عمرك؟
-16 عام
-هل لديك أقرباء او ناس تعرفيهم هنا في بغداد
-كلا…. انا لا اعرف احد
-كيف كلا وانت قد كنت داخل احد منازل بغداد
-انا أجهل تماما كيف وصلت إلى هنا كانت سعاد تتكلم بصوت يرتجف خوفا وقلقا
-لن يفيدك النكران حاولي ان تتذكري
قاومت سعاد دموعها وكبتت صدمتها لتكتفي بتكرار ما قالته سابقا:
-انا أجهل تماما كيف وصلت إلى هنا
شعرت الممرضة بالاسى عليها في نفس الوقت الذي شعرت فيه ان خلف وجه هذا الفتاه البريء وجسدها النحيل تختبئ قصه مرعبه
-حضره الضابط سيكون افضل ان تأتي غدا لتكمل تحقيقك فهي لن تذكر شيء الآن كما انها لن تغادر المشفى وهي لا تعرف احد هنا في بغداد
-لم يسر الضابط ما سمعه لكن حاله سعاد النفسية والصحية جعلته يستجيب لكلام الممرضة
-حسنا… سآتي غدا لكن لا تدعيها تغادر المشفى.

_ الفصل الثاني.. بدأت اتذكر
اليوم التالي
كان استيقاظ سعاد هذه المرة افضل من التي سبقتها فأشعه الشمس المتسللة داخل غرفه المشفى التي تنام فيها اضافه إلى اعتدال الجو وانخفاض شده الصداع جعلته كذلك رفعت جسدها ببطئ لترى نفس كانونه المغذي التي كانت موضوعه على كفها يوم أمس كان المطر قد توقف في هذه الأثناء والجو قد أصبح اكثر اعتدالا نظرت مباشره إلى النافذة التي تتوسط غرفه المشفى وفجاه غمرها بحر ذكريات ولم تستهلك سوى لحظات قليله لتغرق فيه
في ذاكره سعاد
قبل شهر
صباح يوم جديد في مخيم جسر بزيبز المعبر الوحيد الذي يربط الانبار بالعاصمة بغداد
-اليوم وعلى غير العادة أشعر براحه كبيره كانت سعاد من تتكلم:
-وما سر هذه الراحة؟ سألت اختها الصغرى
-توقف المطر واعتدال الجو انت تعرفين اني اكتأب عندما يهطل المطر
نعم بالطبع ستكتأب فاليوم الذي قصف فيه منزلهم وتوفيا فيه والداها وعمها كان يوم ماطر وهكذا بدأت حياه سعاد بدون اب او ام حتى جدها العجوز وخالتها ماتا نتيجة القصف ولم ينج احد من عائلتهم سواها هي واختها وبعد تفجير منزلهم من قبل تنظيم داعش الاجرامي لم يعد لهاتين البنتين اي مأوى يأويهما سوى المخيمات وهكذا حالهما كحال اغلب سكان الانبار الفلوجة تحديدا ناحيه الصقلاويه من لم يبق لديه احد واضطُر لسكن الخيام والتحالف السماء ليتحمل شده البرد القارص وحر الصيف اللاهب أملا بالعبور إلى بغداد وكلما زاد عدد العائلات ارتفع نصيبهم من المعاناة ولمده عام كامل عاشتا البنتان على مساعدات الدولة وبعض المنظمات الإنسانية.

_ الفصل الثالث.. وصلت إلى بغداد
بعد سنه من العيش في المخيم عبر من عبر إلى بغداد من النساء وذلك لأن لديهن احد داخل بغداد يتكفلهن اما سعاد واختها والقليلات الاخريات من المتبقيات ضللن يسكن الخيام إلى أن جاء اليوم و التقت سعاد برجل خمنت انه قد تجاوز الثلاثين من عمره في البداية أخبرها بأنه فاعل خير ويحب ان يساعدها هي واختها ببعض الأموال او الملابس القديمة او حتى الطعام وهكذا استمر هذا الشخص يلتقي بهما كل أسبوع أو اثنين حتى أنه وعدهما بأنه سيأخذهما من المخيم ويضعهما في ملجأ للأيتام وعندما جاء اليوم لذلك كانت سعاد في غايه السعادة فهي قد وجدت شخص تثق به بعد فقدانها لجميع أفراد عائلتها شخص وجدت فيه الرحمة والعطف على حالها هي واختها و لم تتردد في قبول عرضه على الاقل هي ستعيش تحت سقف منزل ليس خيمه فذهبت سعاد هي واختها مع هذا الرجل وعندما وصلوا إلى بغداد منطقه الأعظمية تحديدا أخذهم إلى منزله بحجه انه سيقدم لهما بعض الطعام كان المنزل صغير المساحة وحديث البناء لكنه في نفس الوقت لا يخلوا من البساطة بمعنى اخر كان يشبه اغلب بيوت بغداد.

_ الفصل الرابع.. ما بعد الوصول
عندما دخلنا انا واختي مروه منزل هذا الرجل الذي كان يدعى احمد كما قال لنا وقتها كنا في قمه الجوع فلم نتردد في تناول ما قدمه لنا من الطعام وبالنسبة لفتاتين جائعتين كان كل ما يقدمه لنا لذيذ لكن ما آثار استغرابي هو أن أحمد لم يأكل مع انه طول الطريق لم يأكل او يشرب شيء وبعد الطعام مباشره شعرت بنعاس شديد في البداية كنت أظن أن هذا بسبب التعب من السفر لكن بعد ثواني قليله عجزت عن مقاومه النوم الذي غالبني واستسلمت الى النوم و اظن ان اختي كانت قد نامت قبلي.

_ الفصل الخامس.. طريق الضياع
في صباح اليوم التالي كنت اشعر بدوار شديد ذهبت إلى الحمام وتقيئت مرارا وكان جسدي يرتعش اما اختي مروه فقد بحثت عليها في كل أنحاء المنزل ولم أجدها جن جنوني وقتها فلأول مره منذ موت والدانا نفترق انا ومروه لا أدري أين ذهبت او من أخذها ولم يكن باستطاعتي فعل شيء فباب المنزل كانت مغلقا تماما أحسست وقتها اني خائره القوى وليس باستطاعتي فعل شيء وهذا هو واقع الأمر لأني كنت كذلك فعلا ولعده لحظات شعرت بالذنب لموافقتي بالذهاب مع احمد حاولت أن اتذكر ما حصل ليله امس لكني صُدمت بفشلي المتكرر بعد ثلاث ساعات فُتح باب المنزل ليظهر خلفه احمد تجمدت اطرافي وسرت في جسدي قشعريرة خفيفة عندما رأيت وجهه الذي كان ولأول مره قاسي ولعوب اما أملي الاخير بأن مروه ستكون معه فقد تبخر بنفس السرعة التي ظهر فيها
-أين مروه؟ صرخت في وجهه!
لم يجبني وتقدم نحو وقام بضربي بكلتا يديه حاولت الخلاص منه لكني لم أفلح فجسده كان يفوق جسدي حجما وقوه ضربني وقتها من كل الجهات حتى صار رأسي ينزف ثم اخذني في غرفه تقع قرب مطبخ المنزل ورماني داخلها
-وبعدها؟ سألني الضابط
لم يحصل شيء يذكر بعدها سوى اني سلكت طريق الضياع طريق صرت به اعمل لكن في الليل فقط تحولت من بنت عاديه إلى فتاه ليل تسكن البيوت المشبوهة
-لم تكن لديك نيه في الهرب؟ واصل الضابط أسالته
-أين سأذهب وانا لا مكان يأويني والمجتمع ينبذني
واختك مروه هل رأيتها ثانيه؟
-كلا ولم اسمع عنها شيء لكني موقنة بأنها اذا لم تمت لأصبحت مثلي فلا مكان لأمثالنا في هذا المجتمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى