يا حمد.. ضاع البلد..

يا حمد.. ضاع البلد..

أ.د.ضياء واجد المهندس

تقول العرب في أمثالها:
( اختلط الحابل بالنابل )، والحابل هو من يسوق الإبل في الحرب، والنابل هو ضارب النبل والسهام..
عند اشتداد المعركة وتصاعد الغبار لا يعرف الحابل من النابل، فلا يعرف من يمسك الأبل ومن يرمي بالسهم،
ويطلق المثل من باب الاستعارة الوصفية على الفوضى واضطراب الأمور كما هو حالنا في العراق..
قالت لي خاجية قبل أيام :احذروا من الأيدي الخفية .!!!!
وعندما سألتها عن السبب، اسردت لي حكاية مفادها: ان حكيم أخذ 100 نملة سوداء، و 100 نملة حمراء، و وضعها في وعاء زجاجي، فلن يحدث شيء.. لكن أخذ الوعاء و هززه بعنف لوقت بسيط ثم تركه على الطاولة ، عندها بدأ النمل في قتل بعضهم البعض.. يقول الحكيم : (ان النمل الأحمر اعتقد أن الأسود هو العدو، بينما اعتقد النمل الأسود أن الأحمر هو العدو، بينما العدو الحقيقي هو الشخص الذي هز الوعاء نفس الشيء)..
في مجتمعنا العراقي،
قبل أن نختلف ونتخاصم، يجب أن نسأل أنفسنا من هز الوعاء؟
لان هناك عائلات تفرقت وأصبحو أعداء ، وهناك اصدقاء تفرقوا، وهناك ازواج تطلقوا، وهناك اخوة نفروا، وتباعدوا عن بعض، كل هذا بسبب شخص هز الوعاء بالغيبة والنميمة..
لقد ضربنا المثل بنملة ولكن من هز الإناء افعى….
أن ما يحدث في كواليس الحركات السياسية لاختيار الرئاسات و تشكيل الحكومة تهزها الف الف أفعى..
لقد اخمدت معظم الثورات الشيعية ، وتم تدمير الدول الشيعية التي قامت عبر التاريخ عبر صراع ولاتها ..
كالدولة الإدريسية التي حكمت في المغرب بين عامي ( 172 _ 308 هج ) ، والدولة العلوية التي حكمت في شمال ايران ، بين عامي ( 250 _ 316 هج ) ،
والدولة البويهية ، التي تأسست في شيراز ثم توسعت الى بغداد ، وحكمت بين عامي ( 333 _ 446 هج ) ،
والدولة الحمدانية التي حكمت في الموصل وحلب وشمال بلاد الشام ، بين عامي ( 293 _ 392 هج ) ،
ثم الدولة الفاطمية التي حكمت في مصر والمغرب العربي وبلاد الشام والحجاز ، بين عامي ( 286 _567 هج )، وغيرها من الدول .
ورغم كل التضحيات التي قدّمها الشيعة قرابين بين يدي تلك الثورات والدول ،
وبغض النظر عن القصور والتقصير فيها، إنّما خسرت الصراع ..
لا لقوة خصومها،
او لبطلان مبادئها،
بل انهارت لعامل داخلي مهم ،
عاشته تلك الدول والثورات ألا وهو :
الخلاف والإنقسام الداخليين بشأن الثورة والدولة ..
ولعل الكثير من ذلك يبدأ بحسن الظن بالعدو ، والركون الى وعوده الكاذبة وإغواءاته الشيطانية ..
وكأن الشيعة عبر التاريخ يحنّون الى عهود القهر والظلم او ينسونها بسرعة،
فيصدقون بكلام عدوهم ..
ويغترون بوعوده،
فيتخاذلون ويضعفون .. فيرجع العدو لقهرهم ..
ثم يقول قائلهم :
” ياليت ظلم بني مروان دام لنا
وياليت عدل بني العباس في النار ” !!
وهكذا يُظلمون ويُقهرون فتُملأ بهم السجون، وتُنتَهك منهم الحرمات ..
وتملّ منهم أعواد المشانق، فيثورون،
ويقدمون التضحيات الجسام .
فيخسرون غالباً،
وتُعلق أجساد قادة ثوراتهم شهوراً،
وتُهدم بيوتهم،
وتُقطع لقمة عيشهم ..
أو بعض الاحيان ينتصرون ..
لكنهم في الحالتين،
حالة الثورة او الدولة ..
بدلاً من أنّ يركزوا على عدوهم المتربص بهم ينشغلون في نزاعات فيما بينهم،
وتلهيهم مصالحهم،
تاركين العدو يخطط للإنقضاض عليهم ..
هل يملك زيد بن علي شرعية لثورته ام لا !!؟؟
هل يحكم العراق أحد زعمائها ام نستورد ملكاً من الحجاز !!؟؟
هل يجوز تأسيس حزب إسلامي لمحاربة الدكتاتور أم لا !!؟؟
فيتفرقون، ويضعفون ..
والعدو يخطط متربصاً !
ثم يغترون بوعود مثل ” آل الزبير ”
فيتركون قائدهم ويُسَلّمون لعدوهم
فيُذبح منهم سبعة الآف !
حتى قال قائل من الأعداء :
” لو كان هذا العدد خرافاً مِلْكَاً ل آل الزبير لكان ذبحه إسرافاً ” .

أيها المظلمون من الشيعة ..
لا توجد نواقص ، بل يوجد فساد، وقصور وتقصير .
لا توجد أخطاء بل خطايا جوهرية في النظام السياسي الحالي..
فطالبوا بحقوقكم،
وارفضوا الفساد والفاسدين ..
و ارجعوا الى عقلائكم وحكمائكم و أهل الحق من شيوخكم ،
وتشاوروا معهم للوصول الى طرقِ رفضٍ لما هو قائم ، وتغيير أحوالك و إصلاح بلدكم ..
ولاتسمحوا لعدوكم أنْ يقلبها عليكم ..
فلعدوكم أغراض غير ماتستهدفونه ..
وله نوايا غير ما في قلوبكم ..

تقول خاجية :
يا حمد..
تاه الولد، و ضاع البلد..
يا حمد..
شفنه الويل، وخرب الريل..
لا فرحة ظلت لا سعد..

ربنا نشكو لك خلافنا و اختلافنا..
و سوء ولاتنا و أحوالنا..

البروفسور د.ضياء واجد المهندس
مجلس الخبراء العراقي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى