امة برجل

🖋️ الشيخ محمد الربيعي
قد كان عليّ (ع) يعيش مع النَّاس، ولكنه كان في عيشه معهم يرتفع إلى الله دائماً، فيفكر فيهم من خلال الله لا من خلال نفسه، كان لا يريد الناس لنفسه، ولذلك قال لهم: “ليس أمري وأمركم واحداً؛ إني أريدكم لله وأنتم تريدونني لأنفسكم” ، وكان مع الحقّ في الله، ومع الحقّ في رسول الله، ومع الحقّ في الإسلام، ومع الحقّ في إدارة شؤون الناس، وقد قال رسول الله (ص): “عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ، يدور معه حيثما دار” .
ولذلك، في ذكرى عليّ (ع)، ينبغي لنا أن نكون مع الحق، أن لا نكون مع الباطل، مهما أغرانا الباطل بماله، وبسلطته وبعصبيَّته، لأنَّ الباطل سوف يزول في الدنيا قبل الآخرة، وسيبقى الحقّ، ذلك بأنّ الله هو الحقّ، وأنَّ ما يدعون من دونه هو الباطل.
إذاً، لا بدَّ لنا أن نكون مع الحقّ، لأنَّ ذلك هو الذي يقرِّبنا إلى الله، وهو الَّذي يجعلنا من الأتباع الحقيقيّين لمحمّد وعليّ والصفوة الطيّبة من أهل بيته، وهذا ما لاحظناه في وصيَّة عليّ في آخر لحظات حياته، فيما ينقله الشّريف الرضيّ في “نهج البلاغة”، من كلام له قاله في هذه الأيام الثلاثة التي كان ينزف فيها ويحتضر، وأراد أحد أصحابه أن يدخل عليه، فمنعه أهله من ذلك، ولكنَّه بعد أن صرخ وبكى أذن له، فوجده كما قال (الأصبغ بن نباته): “فإذا هو مستند معصوب الرأس بعصابة صفراء، قد نزف دمه واصفرّ وجهه، فما أدري أوجهه أشدّ اصفراراً أم العمامة، فأقبلت عليه، فقبَّلته وبكيت، فقال لي: “لا تبك يا أصبغ، فإنّها والله الجنَّة. فقلت له: جعلت فداك، إني أعلم والله أنك تصير إلى الجنة، وإنَّما أبكي لفقداني إيَّاك يا أمير المؤمنين” .
محل الشاهد :
ولذلك، أيها الأحبَّة، علينا ونحن نعيش ذكرى عليّ (ع) في هذا اليوم الَّذي استقبل به ربَّه في مسجد الكوفة، أن نرتفع إلى مستوى عليّ (ع)، أن نحفظ الإسلام كما حفظه، وأن نخلص لله ولرسوله كما أخلص لهما، وأن يكون رضى الله كلّ همنا، وأن نبتعد عن كلّ العصبيّات والحساسيات، لأنه يريد للذين يلتزمون خطه ويسيرون مع، أن يكونوا في مستوى المسؤوليَّة، أن يعيش المؤمن أخوَّة المؤمن، وأن يهتمَّ بما يصيب المؤمن الآخر. ابتعدوا عن كلّ ما يفرقكم، ابتعدوا عن كلّ عصبيّاتكم، ولا سيّما في هذا الشَّهر المبارك الذي أراده الله أن يكون شهراً للمغفرة والرَّحمة، يغفر لنا ذنوبنا ويرحمنا.
فتعالوا ليغفر بعضنا لبعض، وليرحم بعضنا بعضاً، ولنرحم الواقع الصعب الذي نعيشه، فلا نثقله بكلّ ما لدينا من عصبيّات طائفية ومذهبية وحزبية، تعالوا نرتفع إلى الله لنطلب رضاه، ولا شيء إلَّا رضاه، لنحبّه كما أحبّه عليّ…
اللهم احفظ الاسلام و المسلمين
اللهم احفظ العراق وشعبه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى