الحجيج والفقراء

الحجيج والفقراء
ـــــــــــــــــــــــــــ
لا ادري لماذا اسـّتـَعـَرت صفحات التواصل الأجتماعي ( السوشل ميديا ) مؤخرا بالأمتعاض الكبير من معتمري بيت الله الحرام , ومصدر هذا الأمتعاض أنه كان الأولى بهم صرف تخصيصات السفر الى الفقراء وإطعامهم وكسوتهم بدلا من اداء مناسك العمرة , فان هذا افضل عند الله وأبرك , ولو تساءلنا كم هي الموجبات المادية للسفر لاداء المناسك , فسيأتي الجواب انها لاتزيد عن تسعمائة دولار كأجور نقل ومصاريف السكن يضاف اليها مائة دولار لمصروفات الطعام فبذلك يكون المبلغ الأجمالي الف دولار , وباللهجة الدارجة عشر ورقات , اذن المبلغ ليس كبيرا لتتوجه الانظار عليه ويكون شغلهم الشاغل في الانتقاص من تصرفات الحجيج اذا ماقورنت بمصاريف كبيرة كان بالأمكان توفيرها والاستغناء عنها لصالح الفقراء , فلماذا لا يتطرق المنتقدون لتلك المصروفات وطرح المقترحات بغية صرفها على الفقراء , فنجد هنا مراسيم الأعراس الباهضة التكاليف , على سبيل المثال , فعلى العروسين استئجار قاعة بمبلغ لايقل عن ثلاثة ملايين دينار لساعتين فقط لأقامة حفلة الحنة , والمعروف أن ليلة الحنة كانت تقام في الليلة التي تسبق ليلة الزفاف والهدف منها لاشعار العروس بالليلة الاخيرة في بيت والديها , وتوديع صديقاتها , وتبرك صديقاتها بها من اجل جلب الحظ لهن في الزواج وما شابه ذلك , ولكن مع تطور الزمن حصل انه من الصعوبة اقامة حفلة الحنة في الليلة التي تسبق ليلة الزفاف بسبب عدم الحصول على حجز قاعة لأقامة تلك المناسبة , فترى ان ليلة الحنة أصبحت تقام قبل ثلاثة أيام او أكثر من ليلة الدخلة , ليتم بعدها إقامة حفلة الزفاف والتي تتطلب حجز قاعة أو قاعتين , هنا تكون مصاريف الاستئجار لأقامة الحفل بشكل مضاعف , فاذا ماكانت حفلة ليلة الحنة للنساء فقط فأن الموضوع في ليلة الزفاف يختلف تماما , اذ ان الحفل هنا مقسوم على قسمين , رجال ونساء مما سيؤدي ذلك الى مضاعفة اجور استئجار القاعة ناهيك عن مصاريف الطعام لكلتا الحفلتين ( الحنة والزفاف ) واجور النقل والفندق وكذلك مصاريف اجهزة الصوت والفرقة الموسيقية التي ستحيي الحفلة , بالأضافة إلى اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار أن هناك فرقة أخرى يتطلب مشاركتها في الحفل وهي من الفرق الشعبية لاستصحاب العروس من بيت اهلها إلى قاعة المناسبات , فهل أخذ المنتقدون هذه المسألة بعين الأعتبار ؟ ثم لماذا لاتوجه اللائمة لأولئك الذين ينثرون الاموال على الفنانين في المناسبات المختلفة وبات بعظهم يعمل قلادة من الدولارات وآخر قلادة من العملة العراقية ذات القيمة العالية ليضعوها على صدور العروس أو الفنان , او مناسبات الأحزان التي أخذت جانبا أو منحى آخر من الأبتكارات والتفنن في إقامة ولائم العزاء , وهذا أحد منتقدي الحجيج وفي مراسم العزاء لوالدته جاء بطباخين من أحد فنادق الدرجة ذات الخمس نجوم لطبخ الغداء والعشاء مع طاقم التقديم لثلاثة أيام ليحضر تلك الولائم اصحاب الكروش والبطون من ذوي الدخول الكبيرة مستبعدين الفقراء والمحتاجين , فياترى اليس كان الاولى به التبرع بمصاريف تلك البهرجة إلى الفقراء والإكتفاء باقامة مجلس استخلاف ؟ وثمة امر آخر ؛ هناك من يعمد للسفر إلى دول خارجية يصرف خلالها مبالغ طائلة من أجل قضاء الأوقات بأساليب شيطانية لايرتضيها الدين أو العقل والضمير للتبجح هناك بأنه من اصحاب الجاه والأموال إضافة إلى إقامة صداقات نسائية موهومة متناسيا أنه لولا أمواله ، فلن ينظر إليه أحد وليس التطلع إلى صداقته , اليس كان الأولى توجيه الأنتقاد لمثل هؤلاء ، ذات يوم رأيت أحد هؤلاء المتبجحين امام بائع الخضروات التي تقدم على موائد الطعام كمقبلات وهو يسأله عن كيفية بيعه لتلك الخضروات ، فأجابه البائع ، أنها ثلاث باقات بالف دينار ، عندها طلب منه ان تكون اربعة بالف ، فرفض البائع طلبه ، فما كان منه إلا أن ينصرف ولم يشتر ِ منه معتقدا بغلائها ، تصوروا ، أنهم ينفقون الملايين ببذخ فاضح ويستخسرون صرف الألف دينار بحق رجل يبيع الخضار الذي طالما انهكه قر الصيف وزمهرير الشتاء , وهناك مسائل أخرى لا ينبغي التطرق لها منعا للأطالة , ونحمد الله انهم لم يقولوا او يطالبوا بعدم شراء بيت سكن , لأن الأولى السكن في بيت ايجار والتصرف بالمبلغ لصالح الفقراء طالما كانت هناك بيوت للإيجار ، وكذلك عدم لزومية شراء سيارة ، وإذا كانت لديه سيارة فالأول به بيعها والتصرف بثمنها لصالح الفقراء أو الامتناع عن شراء الحاجات المنزلية المختلفة وما شابه ذلك , كل ذلك من اجل التباكي على الفقراء , ولكن من حقنا أن نتسائل هنا ونقول , ايها المتباكون , ماذا قدمتم للفقراء ؟ اليس من الحكمة أن تشعلوا الشمعة بديلا عن لعن الظلام , ولكن وجب علي هنا طرح التساؤل التالي للمتباكين فأقول , لو ذهبتم لأداء مناسك العمرة فأنكم ستجدون عشرات المتسولين يسدون الطريق عليكم طالبين المساعدة المادية , فكيف وصل هؤلاء وهم يقطعون آلاف الكيلومترات لاداء مناسك العمرة ؟ الم يدفعوا أجور ومصاريف النقل والإقامة ؟ اليس الأولى بهم اطعام انفسهم وعيالهم وشراء كسوتهم ومتطلبات معيشتهم بدلا من صرفيات السفر ؟ مجرد سؤال .

ســــــــــعد عبدالوهاب طه