حقوق الإنسان في جوهرها بحاله حركه
بقلم .أوس ستار
حقوق الإنسان هي المبادئ الأخلاقية أو المعايير الاجتماعية التي تصف نموذجاً للسلوك البشري الذي يُفهم عموما بأنه مجموعة من الـحقوق الأساسية التي لا يجوز المس بها وهي مستحقة وأصيلة لكل شخص لمجرد كونها أو كونه إنسان، فهي ملازمة لهم بغض النظر عن هويتهم أو مكان وجودهم أو لغتهم أو ديانتهم أو أصلهم العرقي أو أي وضع آخر. وحمايتها منظمة كحقوق قانونية في إطار القوانين المحلية والدولية. وهي كلّية وتنطبق في كل مكان وفي كل وقت ومتساوية لكل الناس، وتتطلب التماهي والتشاعر وسيادة القانون وتفرض على المرء احترام الحقوق الإنسانية للآخرين. ولا يجوز ولا ينبغي أن تُنتزع إلا نتيجة لإجراءات قانونية واجبة تضمن الحقوق ووفقا لظروف محددة، فمثلا، قد تشتمل حقوق الإنسان على التحرر من الحبس ظلما والتعذيب والإعدام. وهي تقر لجميع أفراد الأسرة البشرية قيمة وكرامة أصيلة فيهم. وبإقرار هذه الحريات فإن المرء يستطيع أن يتمتع بالأمن والأمان، ويصبح قادراً على اتخاذ القرارات التي تنظم حياته. فالاعتراف بالكرامة المتأصلة لدى الأسرة البشرية وبحقوقها المتساوية الثابتة يعتبر ركيزة أساسية للحرية والعدل وتحقيق السلام في العالم. وإن ازدراء وإغفال حقوق الإنسان أو التغاضي عنها لهو أمر يفضي إلى كوارث ضد الإنسانية، وأعمالا همجية، آذت وخلّفت جروحا وشروخا عميقة في الضمير الإنساني. ولهذا فإنه من الضروري والواجب أن يتولى القانون والتشريعات الدولية والوطنية، حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم،ولكي لا يشهد العالم والإنسانية مزيدا من الكوارث ضد حقوق الإنسان و الضمير الإنساني جميعا.
تعريف حقوق الانسان
حقوق الإنسان ليس لها تعريفا محددا بل هناك العديد من التعاريف التي قد يختلف مفهومها من مجتمع إلى آخر أو من ثقافة إلى أخرى، لأن مفهوم حقوق الإنسان أو نوع هذه الحقوق يرتبطان بالأساس بالتصور الذي نتصور به الإنسان، لذلك سوف نستعرض مجموعة من التعاريف لتحديد هذا المصطلح: يعرفها “رينية كاسان” وهو أحد واضعي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأنها (فرع خاص من الفروع الاجتماعية يختص بدراسة العلاقات بين الناس استناداً إلى كرامة الإنسان وتحديد الحقوق والرخص الضرورية لازدهار شخصية كل كائن إنساني، ويرى البعض أن حقوق الإنسان تمثل رزمة منطقية متضاربة من الحقوق والحقوق المدعاة). أما “كارل فاساك” فيعرفها بأنها (علم يهم كل شخص ولا سيما الإنسان العامل الذي يعيش في إطار دولة معينة، والذي إذا ما كان متهما بخرق القانون أو ضحية حالة حرب، يجب أن يستفيد من حماية القانون الوطني والدولي، وأن تكون حقوقه وخاصة الحق في المساواة مطابقة لضرورات المحافظة على النظام العام). في حين يراها الفرنسي “ايف ماديو” بأنها (دراسة الحقوق الشخصية المعرف بها وطنياً ودولياً والتي في ظل حضارة معينة تضمن الجمع بين تأكيد الكرامة الإنسانية وحمايتها من جهة والمحافظة على النظام العام من جهة أخرى). أما الفقيه الهنكاري “أيمرزابو” فيذهب إلى (أن حقوق الإنسان تشكل مزيجاً من القانون الدستوري والدولي مهمتها الدفاع بصورة مباشرة ومنظمة قانونا عن حقوق الشخص الإنساني ضد انحرافات السلطة الواقعة في الأجهزة الدولية، وأن تنمو بصورة متوازنة معها الشروط الإنسانية للحياة والتنمية المتعددة الأبعاد للشخصية الإنسانية).
وجميع التعريفات الآنفة الذكر تعكس وجهة نظر الكتاب الأجانب، أما فيما يخص الكتاب العرب فإن “محمد عبد الملك متوكل” يعطي تعريفاً شاملا وواسعا إذ يعرفها بأنها (مجموعة الحقوق والمطالب الواجبة الوفاء لكل البشر على قدم المساواة دونما تمييز بينهم). أما رضوان زيادة فيذهب إلى القول بأن حقوق الإنسان (هي الحقوق التي تكفل للكائن البشري والمرتبطة بطبيعته كحقه في الحياة والمساواة وغير ذلك من الحقوق المتعلقة بذات الطبيعة البشرية التي ذكرتها المواثيق والإعلانات العالمية). ويرى الأستاذ “باسيل يوسف” أن حقوق الإنسان (تمثل تعبيراً عن تراكم الاتجاهات الفلسفية والعقائد والأديان عبر التاريخ لتجسد قيم إنسانية عليا تتناول الإنسان أينما وجد دون أي تمييز بين البشر لا سيما الحقوق الأساسية التي تمثل ديمومة وبقاء الإنسان وحريته). أما “محمد المجذوب” فيعرفها بأنها (مجموعة الحقوق الطبيعية التي يمتلكها الإنسان واللصيقة بطبيعته والتي تظل موجودة وإن لم يتم الاعتراف بها، بل أكثر من ذلك حتى ولو انتهكت من قبل سلطة ما).
أما الأمم المتحدة فقد عرفت حقوق الإنسان بأنها (ضمانات قانونية عالمية لحماية الأفراد والجماعات من إجراءات الحكومات التي تمس الحريات الأساسية والكرامة الإنسانية، ويلزم قانون حقوق الإنسان الحكومات ببعض الأشياء ويمنعها من القيام بأشياء أخرى)، أي أن رؤية المنظمة الدولية لحقوق الإنسان تقوم على أساس أنها حقوق أصيلة في طبيعة الإنسان والتي بدونها لا يستطيع العيش كإنسان.
تصنيف حقوق الانسان
لما كانت مفاهيم حقوق الإنسان لا يصح النظر إليها بوصفها
حقوقا مجردة، وإنما هي تتطور من حيث نطاقها ومضامينها بتطور العلاقات الاجتماعية ودرجة التوافق بين المجتمعين السياسي والمدني في إطار هذه العلاقات الاجتماعية، لذلك فقد تباينت اجتهادات الباحثين بشأن تصنيفات هذه الحقوق وتقسيماتها المختلفة.
كما أن حقوق الإنسان في جوهرها حقوق في حالة حركة وتطور وليست حقوقاً ساكنة، وفي الوقت نفسه تتميز بالتنوع فيما بينها وهذا التنوع يعد مصدر ثراء له، ونظراً لعددها الكبير فقد وضعت معايير عديدة لأجل تصنيفها، فمنهم من يصنفها وفقاً للقيم التي تجسدها (أصلية ومشتقة) أو تصنف على أساس ممارسة الفرد لحقوقه في نطاق الجماعة فيحددها بـ(حقوق متعلقة بشخصية الفرد وحقوق متعلقة بفكرة وحقوق متعلقة بنشاطه) وهناك من يصنفها إلى حقوق (فردية وجماعية وتضامنية).
وتصنف هذه الحقوق إلى ثلاث مجموعات:
المجموعة الأولى: من حيث الأهمية تقسم إلى حقوق أساسية وغير أساسية.
المجموعة الثانية: من حيث الأشخاص المستفيدين منها تصنف إلى حقوق فردية وحقوق جماعية.
المجموعة الثالثة: من حيث موضوعها تصنف إلى حقوق مدنية وسياسية من جهة وحقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية من جهة أخرى.
المجموعة الرابعة: وهناك طائفة جديدة من الحقوق الحديثة والتي تسمى بحقوق التضامن.