استنكار شعبي
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي المحترم..
السادة أعضاء رئاسة مجلس النواب المحترمون..
السادة أعضاء مجلس النواب المحترمون..
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته..
في الوقت الذي نستنكر فيه ما يدور في عملية مناقشة موازنة 2021 من تسريبات إلى وسائل الإعلام، و الذي أثَّرَ كثيرًا في سعر صرف الدولار و على أسعار المواد كافة، ممَّا أوجدَ اضطراباتٍ غير مسوَّغةٍ بفِعْلِ عدم أمانة الجهاز الموكَّلِ بإعداد موازنة2021. و كان الأجدر بهم أن يقدِّموا المقترحات أو يعلنوها للإعلام بعد أن يتمَّ مناقشتها من قِبَلِ مجلس النواب.
نودُّ أن نذكرَ جملةً من الملاحظات حول موازنة 2021:
*أوَّلًا)* إنَّ اقتراحَ مَن أعدَّ الموازنة أن يكون سعر صرف الدولار 1450 دينارًا عراقيًّا يدلُّ على أنَّ مَن وضع هذه التسعيرة يُسهمُ في تدمير الإقتصاد العراقي لأنَّ عملية تعويم العملة يجب أن تكونَ بشكلٍ تدريجيٍّ و مُسيطَرٍ عليه و دون عِلمِ الجماهير لكي لا يُحدِثَ صدمةً؛ أما أن تقوم بزيادة سعر صرف الدولار إلى 22% فسيؤثِّر ُحتمًا على زيادة التَّضخُم إلى ضعف هذه النسبة و قد يصل الى 100% بسبب آثارهِ الإجتماعية و النفسية على السوق، إضافةً إلى ما يمكن أن يفعله المضاربون في سوق العملة من زيادة أسعار الصرف إلى أكثر من 1500 دينارًا.
إنَّ عملية تعويم العملة كان من الممكن أن تكون بشكلٍ تدريجيٍّ -كما قلنا إنفًا- و على مدى سنة و تُعَدُّ عاملًا إحتياطيًّا في دعم الموازنة مثلما يمثِّلُ ارتفاع سعر برميل النفط مُكتَسبًا مُضافًا للموازنة..
*ثانيًا)* إنَّ عمليةَ الإقتطاعِ من رواتب الموظفين باعتمادٍ خصمٍ يصلُ إلى أكثر من 50% من المخصَّصات سيؤدِّي بالنهاية إلى تخفيض الرواتب بنسة 40-50% إجمالًا، لأنَّ المخصَّصات تشكِّلُ أكثر من 70% من الراتب الإسمي، الذي هو راتب ضعيف نسبيًّا، و لكون الموظفين قد رتَّبوا حياتهم على هذا المعدَّلِ من الراتب؛فيُصبِحُ من الصعب الإستمرار بحياة طبيعية دون معاناةٍ في حال إنقاص رواتبهم إلى النصف، إضافةً إلى انخفاض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار بنسة 22% ؛ و التي قد تصل إلى أكثر من 30% في السوق الخارجية، وليس في سوق تبادل العملات المصرفية في البنك. وهذا يعني أنَّ الراتب الحقيقي المتبقي لا يتعدى 30% من قيمة الراتب الذي يتقاضاه الموظف، ناهيك عن مشكلات التَّضخُّم التي ربَّما ستصل إلى 100% من خلال إرتفاع سعر الدولار، و ارتفاع نسبة الضرائب على بعض المواد الكمالية و بعض المهن مما يجعل الراتب الحقيقي الذي يتمُّ تداوله في 2021 أقل من 20% من الراتب الحالي الذي يتمُّ تداوله في 2020.
*ثالثًا)* إنَّ عملية تحديد موازنة عام 2021 من وزارة المالية أو (وزارة المديونيَّة) لا تتمُّ عبر سلًّةٍ من الإجراءات القاسية (سلة عقوبات) أو الإسراع إلى الإقتراض.
إنَّ اعتماد الموازنة على تخفيض سعر الصرف إلى 22%، أو قد يصل في سوق التداول إلى 30%، وتخفيض الرواتب إلى أكثر من 50%، وفرض ضرائب مشتملة مما يؤثِّرُ تأثيرًا كبيرًا على السوق الذي يعتمد بدوره على الكتل النقدية لرواتب الموظفين، لأنَّ السوق العراقية هي سوق موظفين وليس سوق استثمارية، لغياب الإستثمارات في العراق بسبب الفساد و سيطرة مجموعات و كتل و مراكز قوى مع فصائل مسلحة على كلِّ هذه الأمور، و التي جعلت من الصعوبة إيجاد إستثمارٍ واضحٍ في اقتصاد العراق..
كان الأجدر بوزارة المالية أن تعتمد على تعظيم الموارد في قطاعات الدولة جميعها؛ و أن تزيد من وارداتها في المنافذ الحدودية والمطارات ووسائل النقل التي تمرُّ عبر الأجواء أو الأراضي أو الموانيء العراقية.. أيضًا كان بالإمكان تفعيل دور الصناعات الوطنية و المنتجات المحلية و شركات القطاع المختلط، و زيادة دعم القطاع الخاص بدل اللجوء إلى الموظف و سَلْبِهِ قوتَ يومِهِ.
للأسف كنَّا نرجو من وزارة المالية خيرًا.. بأن تقومَ بدورٍ فاعلٍ في عملية تعظيم الموارد و تنشيط القطاع الصناعي و الزراعي و التجاري في العراق و تفعيل دور الصناعات الوطنية و المُنتَجِ المحلي و أن تحاول أن تسترِدَّ الأموال المنهوبة من العراق في الداخل والخارج بدلًا من لجوئها إلى استنزاف قدرة المواطن.
*مقترحنا هو*:
بما أنَّ سعر الصرف تجاوز 1300 دينارًا أن يبقى سعر صرف الدولار ثابتًا عند 1300دينارًا عراقيًّا و أن يتم فتح حسابات توفير لكلٍّ الموظفين العراقيين في المصارف الحكومية (الرشيد والرافدين)؛ و أن يتمَّ سحب 25% من مخصَّصات موظفي الدولة و تُعَدُّ هذه المخصَّصات كادِّخارٍ إجباريٍّ للموظفين؛ و من حقِّ الموظف أن يستخدمَ هذه الأموال في شراء الأراضي أو الدور من الدولة؛ و بإمكانه الإستفادة منها في تسديد أقساط هذه الأراضي أو الدور.. بالإضافة إلى أن تقومَ الدولةُ ببيع كارتات شحن الموبايل لشركات الهاتف النقال عن طريق المصارف الحكومية؛ لأنَّ هذه المصارف تأخذ جزءًا من أموالها من حسابات توفير الموظفين و تباع للموظف بسعر بيعها في السوق اي 12000 دينارًا مباشرة بدون وسيط؛ وبذا تستفيد الدولة 2000 دينارًا عن كلِّ بطاقة و بذلك لا تستطيع شركات الإتصالات التلاعُبَ فيها.
*رابعًا)* يجبُ إعادة النظر في أداء البنك المركزي العراقي؛ كون ترشيح محافظ البنك المركزي العراقي يتمُّ من كتلةٍ محدَّدَةٍ وذلك للإستفادة منه للحصول على كتلة نقدية كبيرة من خلال التلاعب بسعر الصرف واحتكار بعض المصارف لمزاد العملة؛ لذا فإنَّ المطلوب تشكيل لجنة عالية المستوى من مجلس النواب، و من هيئة النزاهة، و من دائرة الرقابة المالية، و كذلك الامانة العامة لمجلس الوزراء لتقييم أداء البنك المركزي و أسباب مأساة السوق العراقية. و يجب أن تقوم دائرة الكمارك من الآن باستقطاع الرسوم الجمركية من كلِّ الراغبين بالحصول على الدولار.
و استقطاع نسبة 5% للضرائب و أن يكون هنالك سقف محدد لبيع المزاد على أن لا يتجاوز نصف عائدات العراق النفطية المباعة، لأنَّ البنك المركزي بدأ باستنزاف العملة العراقية الصعبة من الإحتياطي النقدي و أخَذَ ببيع ضعف واردات العراق من العملة الصعبة المستحصَل عليها من بيع النفط.
*خامسًا)* على الدولة الإهتمام باسترداد الأموال، سواء كان من شركات الهاتف النقال، أو من الخدمات من الديون المترتبة على الشركات و على الدول، و الأموال المهرَّبَة التي يمكن الحصول عليها من خارج العراق بمساعدة وزارة الخزانة الأمريكية.
وأخيرًا نأمل في أن تكون هناك مناقشات جادة في اللجنة المالية لمجلس النواب تحاول ترصين عمل الموازنة بحيث لا تكون سيفًا يذبحُ رقابَ المواطنين العراقيين والموظفين خاصة.. و إنما تكون مُنصفة مرنة تحقِّق للعراقيين فرصةً كريمةً في العيش…
وفَّقكم الله تعالى في خدمة العراق و أهله.
أ. د. ضياء واجد المهندس
مجلس الخبراء العراقي