سفرة إلى باكو ( 2 ــ 3 )

سفرة إلى باكو ( 2 ــ 3 )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وانطلقت بنا الحافلة تجوب شوارع باكو المتميزة بنظافتها وتناثر الأشجار على جوانبها التي اكتست بالوفر النازل متناغمة مع الجو الرائع بنزول المطر الخفيف الممزوج بالوفر وكانت كالأشجار التي أكتست بالقطن , وما هي إلا دقائق لينبهنا المرشد السياحي مشيرا إلى الجانب الأيمن قاصدا بناية بيضاء كبيرة قائلا انظروا لهذا الصرح , انه مركز حيدر  علييف الثقافي وهو من تصميم المعمارية العراقية الراحلة زها حديد مستوحية تصميمه من توقيع الرئيس الراحل حيدر علييف وهذا ما سنزوره غدا ضمن برنامج الزيارة .

ووصلنا إلى احد المطاعم لتناول العشاء الذي صاحبه غناء حي لمطربين ومطربات باللغة التركية التي هي لغة البلد الأصلية , وغادرنا المطعم لنصل إلى فندق پوليڤار وهو من الفنادق الراقية ( خمس نجوم ) هناك ويقع على بحر ( بحيرة ) قزوين , وحال مادخلنا صالة الفندق رأيت على جانبه الأيسر آلة پيانو بيضاء ، ولا أدري لماذا عندما أرى آلة البيانو ، أدنو منها محاولا تلمسها على الرغم من أني لا أجيد العزف عليها ، هذه الآلة اوحت لي بكتابة قصة قصيرة بعنوان الوداع الأخير , توجهنا حينها الى طاولة الاستقبال لإستلام مفاتيح الغرف التي تم تخصيصها لنا , ولكن فوجئنا بسؤال غريب , من منكم يدخن ؟ فأنبرى المدخنون معلنين عن أنفسهم , فتبين لنا أن المدخنين قد خصص لهم الطابق الأخير من الفندق فيما كان هناك من بيننا شخص لايدخن وأعلن عن نفسه أنه من المدخنين ظنا منه أنهم سيحصلون على علب السجائر مجانا وان ذلك يقع ضمن الخدمات المقدمة من قبل إدارة الفندق وقد وقع في ما لايحسد عليه , وقد اثارتني موضوعة جديرة بالأهتمام وكانت ضمن تعليمات ادارة الفندق للنزلاء , وهي إذا ما زار أحد المدخنين شخصا من غير المدخنين في الطوابق السفلى فعليه الإلتزام بالتعليمات وهي بعدم قيامه بالتدخين في تلك الطوابق , حينها حمدت الله أني لست من المدخنين متيقنا بأني سأكون في دائرة النظرة السلبية للمجتمع الحديث الذي يمقت التدخين ،  عافاني وشرفني الله بأن لا أكون من روادها أولا ، وكذلك بفضل ارادتي ثانيا .

وانطلق كل واحد منا نحو غرفته المخصصة له , ودخلت غرفتي لاستبدل ملابسي لانام بعد رحلة طويلة أتعبتني كثيرا , ولتدارك برودة الجو نظمت درجة حرارة الغرفة على الـ 25 ° لانام نومة عميقة غير مستخدم لأي غطاء .

لقد اخذنا تعليمات الخدمة المقدمة من قبل ادارة الفندق لحظة  وصولنا هناك , وكان من ضمنها ( المسبح الشتوي , حمامات الساونا , الجاكوزي , المساج , تاجير الدراجات الهوائية .. وما شابه ذلك ) بالإضافة إلى المطعم الذي يقدم وجبة إفطار فقط من الساعة السابعة صباحا وحتى الساعة 11 قبل الظهر , ونهضت صباحا براس مثقل بالتعب , اذ مازال تأثير السفر يسري في جسمي , على أثر مكالمة هاتفية من احد الزملاء لألتقيه في مطعم الفندق , وكالعادة لمثل هذه الفنادق فأنها تمتاز بالطاولة المفتوحة , التي تحوي مالذ وطاب , وهذا لايهمني كثيرا إذ أعتدت على نظام غذائي بسيط تماشيا مع برنامج المحافظة على الوزن , بيضة واحدة سلق , مع ثلاثة قطع من الخبز المربعة الشكل ( بريد ) وقليل من اللبن الرائب و ورقتي خس وقطعتين من الگريب فروت مما أثار أندهاش زميلي متسائلا , كيف يكون ذلك , قلت له إذا كان الطعام مجانا فإن صحتي غالية , أجابني بأندهاش أكبر , ومن قال أن هذا الطعام بالمجان ؟ لقد دفعنا ثمنه سلفا , أجبته ومع ذلك فليكن ، فأنا كذلك , وعليك أن تعلم بأني قد الغيت وجبة العشاء منذ فترة طويلة , أجابني متسائلا , ألا تشعر  بالجوع ؟ قلت له حتى لو استصرختني معدتي فأنا لا أعير أهمية لصراخها عدا حبة واحدة من الفاكهة مساءً بغية أخذ حبة الأسبرين , أجابني .. عمرك خسارة , أجبته , ان مفهوم الربح والخسارة يختلف مفهوميهما من شخص لآخر , وما قيمة ربحي في الغذاء مقابل صحتي في شيخوختي إذا أنعم الله علي بمشيئته أن يمد بعمري إلى الشيخوخة وأنا أعاني من فرط السمنة مصحوبا بداء السكر والضغط والمفاصل وما يتبعهم من مشاكل صحية , وأضفت ٌ بنوع من الفكاهة على كلامي.. يا أخي لنترفق قليلا بالذين سيحملوننا على اكتافهم الى دار البقاء , أجابني بأني متشائم ، قلت له ولكن أنا إنسان واقعي وأرى كل ما أنا عامل به ، هو عين الصواب ولكن بعيدا عن البوهيمية ، فكثيرا ما استرشدت بنصح الزملاء والأصدقاء في مضمار الصحة والتنوع الغذائي ، وقد يتعداه إلى أمور إجتماعية أخرى ، فأنا متفاعل مع أية نصيحة قد تقوّم من بعض أعمالي الخاطئة ، إذا ماتوفر ذلك الشخص الذي تعمقت ثقتي به , وهكذا وعلى شاكلة هذا الحديث إنتهى إفطارنا لنتوجه إلى الحافلة المتوقفة في باب الفندق منذ الساعة الثامنة , وبعد تكامل العدد إنطلقت بنا في جولة صباحية .. يتبع

س . ع . ط