تكلم لأعرفك

تكلم لأعرفك
ــــــــــــــــــــ
بالتأكيد هناك أناس نحبهم كثيرا وهذا الأمر بات من الأمور البديهة لأسباب عديدة ، فحب الأبوين والإخوان وأولاد الأعمام والأخوال والخالات فضلا عن الأصدقاء بات من الأمور المسلم بها ، ولكن هناك أناس أحببناهم كثيرا وأصبحوا في تعايش معنا وبشكل يومي إلا أننا لم نرهم ولو لمرة واحدة في حياتنا وجها لوجه بل كانت رؤيتهم عن طريق شاشة السينما أو التلفاز ، والأمر لايتعدى إلا الصوت فقط وهذا ما يتفاعل معنا من خلال أجهزة الصوت كإسطوانات الغرام فون أو اجهزة التسجيل المختلفة أو المذياع ، وحدث ذلك قبل ظهور أجهزة التلفاز ، ومن خلال المذياع أحببنا كثيرا من الفنانين وأصبحوا يتعايشون معنا صوتا لا فعلا وأخذنا نشتاق اليهم وأحببناهم ، وبالتأكيد أنهم لايشتاقون لنا ولكنهم بحاجة إلى تشجيعهم من قبلنا في فعالياتهم ، فكم تابعنا الممثلين والمطربين من خلال شاشات التلفاز ومن قبلها كان المذياع ، وأصبحنا نميزهم من خلال الصوت لا بالصورة بخاصة فيما يخص المذياع ، فكثيرا ما تابعت الممثلين وأصبحت أميز هذا من ذاك ومن تلك من خلال أصواتهم التي يتميزون بها فتولدت محبة من طرفنا نحوهم وبتنا نتابع أخبارهم عن طريق الصحف والمجلات ، هذه المحبة كانت بالتأكيد محبة سطحية من خلال كفاءاتهم الفنية بدون دراية لما يضمرون نحو أمور أخرى كالعلاقة فيما بينهم أو فيما يبدون من آراء تخص مشاغل الحياة والتي من المحتمل قد تتعارض مع آراءنا وتفكيرنا ، وكم تمنينا لو أننا لم نسمع تلك الآراء أو الأخبار ، ومن المطربين الذين كنت أحبهم كثيرا كان هناك مطرب شعبي معروف الذي كثيرا ما أطرب مسامعنا بأعذب الألحان ورحنا نتابع تسجيلاته وأخباره على الرغم من ابتعاده عن الوطن ، إلا أنه صدمنا ونحن نراه من شاشة إحدى القنوات الفضائية وهو يكاد يتنكر لبلده وما أعطاه له متناسيا أن بلده هو أحد أسباب نجاحه ، ولولا تشجيع أهله لما كان مطربا يشار إليه بالبنان ، وذهب في تلك المقابلة إلى التقليل من شأن بلاده وهو يقول ، أنه ليس لديه شيء في العراق ، ولا يهمه أمره لأنه ببساطة لايملك حتى شبرا واحدا فيه ، فعلام الإهتمام بأمره ؟ هنا كان رد فعلي بأن أقول لأصدقائي ، ياترى من هو المتسبب في عدم امتلاكه شبرا واحدا من الأرض على أرض العراق ، وهل الأموال التي جناها من خلال حفلاته الخاصة والعامة في العراق وفي دول الخليج الذي كان فيه المطرب الأول ؛ قليلة ؟ إذن كتحصيل حاصل ، كان هو المتسبب الرئيس في هذا الجانب ، وذهب في تلك المقابلة إلى المبالغة في تجميل صورة ذلك البلد الذي تجنس بجنسيته ، فتراه يقول ، بينما كان عائدا لذلك البلد وفي المطار ، وجب عليه الوقوف بطابور تأشيرة الدخول حاملا جواز السفر ذلك البلد ، فرآه أحد رجال أمن المطار ، فدنا منه قائلا له ، بأنه واقف في المكان الخطأ ، فهو واقف مع القادمين من غير أهل البلد ، وعليه الدخول من بوابة أهل البلد ، فذهب بتمجيد هذه الحالة وكيفية احترامه وتقديره ، وهكذا أصبحت بضعة وريقات العامل الأساس في تنكره لبلده ومفتخرا بإنتمائه إلى بلد لاتربطه به سوى تلك الوريقات التي تؤلف جواز سفره ، بعيدا عن انتمائه لأناسه وطبيعة حياتهم من عادات وتقاليد ، فإذا كان قد نجح في الوصول لتلك البلاد فهل نجح ذووه وبقية أهله وأصدقائه من الوصول معه والذين هم ربما لم يفكروا بذلك على الأطلاق ، فكيف تكون حالة الإنسان وهو يعيش بعيدا عن ذويه وبقية أهله وأصدقائه ؟
ولم يكن هذا اللقاء الوحيد الذي ندمنا على مشاهدته وسماعه والذي جعلنا لانستسيغ متابعة أعماله وحتى الإستماع لإغانيه بل هناك لقاءات أخرى مع فنانين تم عرض مقابلاتهم على شاشات التلفاز والتي جعلتنا في حالة كره وإشمئزاز منهم بعد أن كنا نحبهم ونود سماعهم ، ومن هذه اللقاءات كان هناك لقاءا مع أحد الفنانين الكوميديين العراقيين الذي كانت له شهرة واسعة في العراق ، إلا أنه هجر العراق إلى أحد البلدان الأجنبية ، عاد إلى العراق في العام 2006 بلقب دكتور مع عدد غير قليل من العراقيين تحت مسمى؛ المغتربين العراقيين ، وقد تمت مقابلته على شاشة إحدى القنوات الفضائية ، وردا على سؤال وجه له ، كيف وجدت العراق بعد سنوات الفراق ، فكانت إجابته بسلبية مدهشة بكل ماتعنيه هذه الكلمة من معان ، إذ قال بأنه شاهد الناس بشكل ملفت للنظر ، وقد شاهدهم يستخدمون نقالات ( موبايلات ) أفضل وأحسن من نقاله الذي يستخدمه ، فهل كانت هذه إجابة لفنان مثقف حاملا شهادة الدكتوراه ، وفي لقاء مع مطرب سوري مشهور اكتسح الساحة الغنائية بنجاح كبير فبدلا من تطوير نفسه بالدراسات الفنية راح يدمن على المخدرات مما جعله في وضع صحي سيء للغاية ، وذات مرة أشيع عنه انتقاله إلى جوار ربه مما تسبب في تخيم الحزن على محبيه ، هذا المطرب أصبح كلامه بين ليلة وضحاها فيه من الصعوبة بالنطق وأخذ ينتقد كبار المطربين مثل كاظم الساهر ، وراح يعرض أفضاله ودوره في تثبيت أركان كاظم على الساحة الغنائية ، ولا أدري هل إذا التقاه على جانب من حفل غنائي يكون صاحب فضل كبير عليه في شهرته وجمالية فنه ؟ متناسيا أن كاظم الساهر بحد ذاته جواز سفر بدون أوراق يجوب البلدان وقد ثبـّت حضوره بصفته فنانا متألقا في أرجاء الوطن العربي بجهوده الذاتية وليس بمنة أحد ، ولم أنس ذلك اللقاء التليفيزوني لفنانة سورية أيضا اكتسحت الساحة الفنية الغنائية بنشاط ملحوظ ، إلا أن نرجسيتها المتقدة كانت عاملا مساعدا كبيرا في إخفاقها الفني وحتى على مستوى علاقتها بعائلتها التي انتهت بالفشل ، فأدهشت المشاهدين وهي تقول بأن حبها لنفسها أولا قبل أبنائها مما جعل المذيع والمشاهدين في حالة من الذهول لكلامها هذا ، وقبل أشهر من وفاة فنان لبناني كبير له من السمعة الفنية الرائدة في أرجاء الوطن العربي ، ظهر بحركات غير متزنة في لقائه المتلفز فظهر بحركات صبيانية لاتليق بالفرد العادي فكيف يكون تصرفه هذا وهو فنان كبير يشار إليه بالبنان ، وهذا ماجعل مقدم البرنامج في حرج وأخذ يداري تلك اللحظات بخجل واضح بالإضافة إلى اندهاش جمهوره من تصرفاته هذه ، وانا واحد منهم ، وفي لقاء