زيارة بابا الفاتيكان تُسقِط حظر الفيفا عن بغداد الأمان الأسود أفشلوا سيناريو المشبوه .. وزينل وسعيد نجحا مع الوديع والداهية .. فماذا عن درجال الحائر؟!
زيارة بابا الفاتيكان تُسقِط حظر الفيفا عن بغداد الأمان
الأسود أفشلوا سيناريو المشبوه .. وزينل وسعيد نجحا مع الوديع والداهية .. فماذا عن درجال الحائر؟!
بغداد/ إياد الصالحي
غادر البابا فرنسيس العراق، صباح أمس الأثنين، عائداً الى العاصمة الإيطالية روما، بعد انتهاء زيارة تاريخية استقطبت اهتمام مئة وخمسين قناة فضائية عالمية نقلت عبر بث مباشر إحياءه القُدَّاس وتحرّكاته وخطاباته في خمس محافظات، هي: بغداد والنجف وذي قار وأربيل والموصل، من المؤمّل أن يُخلّف لقاؤهِ حشود المواطنين تأثيراً كبيراً على الدول والمؤسّسات الكبرى في العالم كي تفعّل أنشطتها المختلفة على أرض العاصمة بغداد وبقية المُدن على هَدْي رسالة السلام والاطمئنان عملياً ووجدانياً بإيمان الحبر الأعظم من معايشته بين نهري دجلة والفرات للأيام الأربعة.
ويتطلّع المراقبون الى متغيّرات كثيرة في المرحلة المقبلة سواء ما يتعلّق في قضايا السياسة والاقتصاد والصحّة والثقافة تُلقي بظلالٍ إيجابية على الحياة في العراق بعد أن أنارت زيارة بابا الكنيسة الكاثوليكية بالعاصمة بغداد مساحات كبيرة من الحقائق في عيون العالم المتأخّر عن المساهمة في بسط الاستقرار ما بعد أحداث عام 2003، ومن بينها استحقاقات رياضية مُهمة، حيث مازال موقف الاتحاد الدولي لكرة القدم متشدّداً في عدم رفع الحظر عن ملاعب بغداد، تلك الحكاية التي لم تشهد لها وقعاً مثيلاً عبر تاريخ الفيفا “الهيئة المنظمة لكرة القدم في العالم” منذ تأسيسها في 21 أيار عام 1904 في العاصمة الفرنسية باريس، تضم 211 اتحاداً وطنياً منضوياً تحت عضويتها.
ورقة المصلحة!
سعى مسؤولو الكرة العراقية في أكثر من محاولة لتأكيد سلامة اللعب في ملاعب العاصمة بغداد، إلا أنهم يصطدمون كل مرّة بالرفض الدولي والقاري القاطع أو لعبهما بالورقة حسب مصلحة المتنافسين معنا! وتجلى بذلك بقرار الاتحاد الآسيوي لكرة القدم برئاسة الماليزي تان سري داتو حمزة الذي أدار الاتحاد للفترة (من عام 1978 لغاية عام 1994) بمنع العراق وإيران على خوض مبارياتهما الرسمية في تصفيات كأس العالم المكسيك 1986 على ملاعبهما، والتي بدأت في آذار قبل عام من البطولة، برغم مرور خمسة أعوام آنذاك على اندلاع الحرب بينهما في أيلول 1980، وأتضح لاحقاً من خلال تحليلات مسؤولي الاتحاد العراقي أن داتو حمزة، الذي شغل منصب نائب رئيس الفيفا للفترة من عام 1982 لغاية 1990، كان وراء تمرير مقترح فرض الحظر بالتنسيق مع الاتحاد الدولي للتأثير على حظوظ الكرتين في التصفيات من خلال سيناريو وُسِمَ بـ(المشبوه) أفشله أسود الرافدين بانتزاعهم تذكرة التأهل أول مرة الى المونديال بعد أن قهروا تحدّيات اللعب خارج أرضهم ذهاباً وإياباً مع قطر والأردن ولبنان في الجولة الأولى ثم الإمارات في الثانية وأخيراً حسموا الجولة النهائية مع سوريا، مُتحمّلين كل ضغوط “الحكام والإعلام” السلبية!
موافقة ابن همام
وعاد الفيفا الى فرض الحظر على العراق عام 1990 بسبب أحداث غزو الكويت، وبعد مرور خمسة أعوام تمكّن عضوي الاتحاد العراقي للعبة د.عبدالقادر زينل وحسين سعيد من رفع الحظر عبر جهودِهما الشخصية عقبَ مقابلة البرازيلي (الوديع) جواو هافيلانج رئيس الفيفا آنذاك في قطر، وتفهّمه طلبهما، وقال لهما ليستحصل العراق موافقة المنتخبات الراغبة للعب في بغداد وسنوافق بالحال، وبالفعل ضيّف ملعب الشعب المباريات الرسمية وفقاً لهذا الاتفاق.
ثم أسهم احتلال العراق عام 2003 في عودة الحظر كاملاً، حتى أثمرت جهود حسين سعيد بصفته رئيساً للاتحاد (2003-2011) وعضو المكتب التنفيذي للاتحاد الآسـيوي (2002-2011) من خلال التنسيق مع القطري محمد بن همام رئيس الاتحاد الآسيوي حينها بعد زيارته ونائبه الإماراتي يوسف السركال مدينة أربيل في 25 آب عام 2010 وتفقّدهما المنشآت الرياضية، عن موافقة الآسيوي على تضييف المدينة الاستحقاقات الدولية للمنتخبات العراقية، وفي حالة رفض أي اتحاد اللعب في العراق يُحرَم لمدة سنتين من المشاركة في تصفيات أية بطولة، ونجحت أربيل في ضيافة أكثر من مباراة، وعُدّ ذلك إنجازاً كبيراً في عهد رئيس الفيفا (الداهية) جوزيف بلاتر الذي عُرف عنه موقفه السلبي تجاه ملف الحظر.
خلل تنظيمي
ولم تهنأ الكرة العراقية طويلاً حتى تلقى الاتحاد العراقي في 23 أيلول عام 2011 رسالة من الفيفا تمنع إقامة المباريات الرسمية في أربيل بعد 21 يوماً من مباراة العراق والأردن في تصفيات مونديال البرازيل 2014 ثبّتَ فيها مراقب المباراة وجود خلل تنظيمي في ملاحظتين، هما : توافد حضور ستة آلاف متفرج في ملعب (فرانسو حريري) خارج سعته البالغة 12 ألف، وإيقاف الحكم البحريني نواف شكرالله المباراة لمدة اثنتي عشرة دقيقة بسبب انقطاع التيار الكهربائي.
وفاء انفانتينو
وعجز مجلس إدارة اتحاد كرة القدم برئاسة ناجح حمود (حزيران2011- أيار2014) عن كسر قرار الفيفا طوال مدّة عمله، حتى تمكّن خلفهِ عبدالخالق مسعود ( أيار عام 2014 لغاية شباط عام 2020) بالتعاون مع وزير الشباب والرياضة الأسبق عبدالحسين عبطان (2014 – 2018) من لقاء رئيس الاتحاد الدولي السويسري جياني انفانتينو في مدينة زيورخ السويسرية الثلاثاء 29 تشرين الثاني عام 2016 وحضور حسين سعيد، ناقشوه في مدى إمكانية رفع الحظر، ووعدهم الرجل خيراً، وأوفى يوم الجمعة 17 آذار عام 2018 عقب اجتماع مجلس الفيفا في العاصمة الكولومبية بوغوتا، مقرّراً السماح للعراق بتنظيم المباريات الدولية في ثلاثة ملاعب هي :البصرة وكربلاء وأربيل، وكان دور رئيس الاتحاد الآسيوي البحريني سلمان بن إبراهيم والرئيس السابق للهيئة العامة للرياضة السعودية تركي آل الشيخ كبيراً في دعم حق العراق عملياً بإنجاح تنظيم مباراة أسود الرافدين والأخضر السعودي الودّية في ملعب البصرة الأربعاء 28 شباط العام نفسه، فيما ظلّ الحظر على بغداد قائماً، ووردَ تأكيد انفانتينو على الموضوع في مؤتمر بوغوتا بقوله “إن طلب السلطات العراقية أتى متأخراً، ومسألة إقامة مباريات دولية في العاصمة العراقية تحتاج إلى مزيد من الدراسة»!
شكوك الفيفا
اليوم، أصبحت مسؤولية وزير الشباب والرياضة عدنان درجال مضاعفة، لاسيما أنه نقل وجهات نظر متفائلة لانفانتينو بشأن إمكانية مساهمته بقوّة في حثّ مجلس الفيفا على رفع الحظر التام عن الملاعب العراقية أثناء لقائهما في العاصمة القطرية الدوحة الأحد 20 كانون الأول 2020 بحضور نائب رئيس الهيئة التطبيعية للاتحاد د.شامل كامل، فالجهد الوزاري يستلزم وضع ملف متكامل عن سلامة اللعب في بغداد بدلالة خلوّ مباريات الدوري المحلي من حوادث الشغب، وشعور عناصر اللعبة بالأمان وسط الجماهير في مواسم سبقت الحظر وبعده على مرّ العقود الأربعة وبحضور الجمهور أو من دونه، وهذه النقطة تُدحِض شكوك الفيفا بوجود مخاوف انتهاك لحقوق أسرة الفيفا من اتحادات ومدربين ولاعبين وحكام (ضيوف العراق) بخروق أمنية، وبالتالي فإن تعكّزه على الحظر لتحقيق مصلحة حمايتهم ليس صحيحاً كون نفس عناصر أسرة الفيفا من العراقيين يمارسون اللعبة في ملاعب بغداد والمحافظات دون أضرار.
الامتحان الأصعب
ليكن ملف رفع الحظر عن العاصمة بغداد من أهم المهام الحالية أمام الوزير درجال مستثمراً الزيارة التاريخية لبابا الفاتيكان الذي تلقى منه هديّة قميص المنتخب الوطني يوم السبت 6 آذار الجاري، وليمضي بتفعيل علاقاته مع رؤساء اتحادات الفيفا والآسيوي والعربين ويُحيي هدف كرتنا الشرعي، المقتول بأخطائنا تارة وتربّص الآخرين بها تارة أخرى، وألاّ يبقى درجال حائراً بشأن متابعة النظام الأساسي لاتحاد كرة القدم وقانون الأندية وانتخابات اللجنة الأولمبية، فلن ترضي قراراته وتوصيات مستشاريه أحّداً، وإن كان بعضها صائباً في ظلّ رفض المُنتفعين إخلاء كراسيهم بحُجج واهية، فإعادة النشاط الكروي الدولي الى بغداد هو الامتحان الأصعب لقدراته الإدارية واللوجستية منذ استيزاره في الرابع من تموز عام 2020.