النبوة و الإمامة توأمان
![](wp-content/uploads/2024/01/IMG_20240113_085140_996-2.jpg)
🔸 *النبوة و الإمامة توأمان* 🔸
🖋️ *الشيخ محمد الربيعي*
[[ نبارك لكم ولادة الامام علي بن ابي طالب ( عليه السلام ) ]] لقد بدأ النبي الاكرم محمد ( ص ) بكسر جدار الصمت لدعوته المباركة بدعوة اقربائه الى دينه ثم شرع بعد ذلك بدعوة الناس أجمعين …
والسبب في ذلك أن مامن شك في أن الاصلاحات العميقة التي يراد لها ان تترك أثرا في جميع شؤون الناس وكل مناحي حياتهم ، وتغير مسيرة المجتمع تحتاج قبل اي شيء الى قوتين :
● قوة البيان ، بأن يستطيع الداعية و المصلح بيان الحقائق التي جاء بها من أفكاره الخاصة ، أو ماتلقاه عن طريق آخر الى الناس باسلوب جذاب ، يأسر القلوب ، ويسحر العقول .
● القوة الدفاعية ، التي يستطيع تشكيل خط دفاعي منها عند التعرض لهجوم الاعداء و الخصوم ، وفي غير هذه الصورة ستنطفئ شعلة الدعوة ويفشل المصلح في خطاه الاولى .
لقد كان بيان لدى الرسول الله ( ص ) في أعلى مرتبة من الكمال فكان قادرا كأقوى خطب على بيان تعاليم دينا ، للناس في غاية الفصاحة والبلاغة .
ولكنه كان يفتقر في الأيام الاولى من دعوته الى عنصر ( القوة الثانية ) أي ( القوة الدفاعية ) ، الرادعه الحامية ، لأنه استطاع في السنوات الثلاث الاولى من رسالته أن يضم الى دعوته قرابة أربعين شخصا ، وذلك في الظروف السرية الشديدة ، ولاريب ان تلك القلة القليلة من الاتباع لم تكن قادرة على أن تتولى مسؤولية الدفاع عن النبي ( ص ) وحماية رسالته .
ومن هنا عمد رسول الله ( ص ) وبهدف تحصيل القوة الدفاعية المطلوبة وتشكيل النواة المركزية الى دعوة أقربائة الى دينة قبل التوجه بالدعوة الى عامة الناس ، ليتمكن من هذا الطريق أن يزيل النقص من جهة عدم وجود القوة الثانية ، ويكون منهم سياجا قويا يحفظة ، ويحفظ رسالته من الاخطار المحتملة .
أن فائدة هذه الدعوة كانت على الاقل دفع ابناء عشيرته الى دفاع عنه بدافع القربى و الرحم على فرض انهم لم يؤمنوا برسالته ، ولم يقبلوا دعوته .
هذا مضافا الى انه ( ص ) كان يعتقد ان اي إصلاح وتغيير لابد أن يبدأ من إصلاح الداخل وتغيبره ، فما لم يستطيع الانسان من إصلاح أبنائه وأقربائه وردعهم عن قبائح الافعال لا يمكن لدعوته أبدا أن تؤثر في الأجانب و الأبعدين ، الأن المناوئين سيعترضون عليه لدعوته في هذه الحالة ، ويشيرون الى أفعال أبنائة وعشيرته .
من هنا أمره الله تعالى بأن يدعو عشيرته الأقربين إذ خاطبه قائلا (( و أنذر عشيرتك الأقربين ))
محل الشاهد :
إن الاعلان ايها الاحبة عن وصاية علي ( ع ) وخلافته في مطلع عهد الرسالة وبداية أمر النبوة يفيد بقوة ووضوح أن هذين المنصبين ليسا بأمرين منفصلين ، ففي اليوم الذي يعلن فيه رسول الله عن رسالته ونبوته ، يعين خليفته ووصية من بعده ، وهذا يشهد بجلاء بأن النبوة و الإمامة يشكلان قاعدة واحدة ، وأن هذين المنصبين إن هما الا كحلقتين متصلتين لاينفصل بينهما شيء .
كما أن حادثة ( دعوة الاقربين ) تكشف من جانب آخر عن مدى الشجاعة الروحية التي كان يتحلى بها الامام امير المؤمنين ( علي بن ابي طالب ) ، عليه السلام حيث قام في مجلس أحجم فيه الشيوخ الدهاة و السادة المجرمون عن قبول دعوة النبي (ص) ، خوفا وتهيبا ، وأعلن بكل شجاعة مؤازرته للنبي ، واستعداده للتضحية في سبيل دينة ورسالته وهو آنذاك غلام في ربيعة الثالث أو الخامس عشر ، وما حابى أعداء الرسالة ولا ماشاهم كما فعل المصلحون من الساسة و الزعماء المتخوفون على مصالحهم و مراكزهم آنذاك !!!
صحيح ان ( علياً ) عليه السلام كان في ذلك اليوم أصغر الحاضرين سنا إلا أن معاشرته الطويلة للنبي قد هيأت قلبه لتقبل الحقائق التي تردد الشيوخ القوم في قبولها ، بل عجزوا عن دركها و فهمها !!
وقد اعطى ابو جعفر الإسكافي حق الكلام في هذا المجال اذ قال :
فهل يكلف عمل الطعام ، ودعاء القوم صغيرٌ غير مميز ، وغر غير عاقل ، وهل يؤتمن على سر النبوة طفلٌ…
وهل يدعى في جملة الشيوخ الكهول إلا عاقل لبيب ، وهل يضع رسول ( ص ) يده في يده ، ويعطيه صفقة يمينه بالأخوه و الوصية ، و الخلافة ، الا وهو أهل لذلك ، بالغ حد التكليف ، محتمل لولاية الله ، وعداوة أعدائه ، ومابال هذا الطفل لم يأنس بأقرانه ولم يلصق بأشكاله ، ولم يرُ مع الصبيان في ملاعبهم بعد اسلامه ، وهو كأحدهم في طبقته كبعضهم في معرفته ، وكيف لم ينزع اليهم في ساعة من ساعاته بل ما رأيناه الا ماضيا على اسلامه ، مصمما في أمره ، محققا لقوله و بفعله ، قد صدق اسلامه بعفاف وزهده ، ولصق برسول الله ( ص ) من بين جميع من حضرته فهو أمينه و أليفه في دنياه وآخرته .
اللهم احفظ الاسلام و اهله
اللهم احفظ العراق و شعبه