المسافر والخيــــــــــــــال ( 19 )
المسافر والخيــــــــــــــال ( 19 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتستمر رحلة سفينتنا قاطعة عباب بحر الشمال ولتقطع المسافة إلى مدخل قناة روتردام بحدود خمسين ساعة وها نحن نقترب من مدخل القناة ، ومن محاسن الصدف كانت خفارتي التدريبية في برج القيادة الرئيس وليس في برج التدريب من الساعة 1200 إلى الساعة 1600 ، وهي أول خفارة لي في هذا البرج لحظة وصول السفينة إلى مداخل الموانئ ، ولم أعتد على مثل هذه الخفارة في خفاراتي السابقة في البرج الرئيس والتي جميعها كان في عرض البحر ، وفي هذا الوقت تكون مسؤلية قيادة السفينة على عاتق الضابط الثاني ( سكند اوفسر ) ولما كنا على مقربة من مدخل قناة روتردام ، فان على ربان السفينة التواجد في البرح الرئيس مع الضابط الثاني وتكون القيادة بمسؤوليته مباشرة وهذا ما أدى إلى اعلام ربان السفينة باننا على مقربة من مدخل قناة روتردام ، وما هي إلا دقائق حتى دخل الربان إلى مقصورة القيادة الرئيس ، وفي لحظة وصوله ، قام بالتقاط لاقطة جهاز المناداة ( VHF ) وعلى القناة 16 مناديا محطة سيطرة ميناء روتردام وأرسل اشارة النداء إلى تلك السيطرة ، طالبا ارسال دليل بحري ( بايلت ) من اجل الدخول إلى قناة روتردام ، معطيا اياها اسم السفينة ، مع وقت الوصول المتوقع إلى منطقة إلقاء المخطاف ( والتي تكون على مسافة معينة من مدخل القناة ) وما هي إلا لحظات حتى يأتي الرد ، بأنه تم الإستلام وعلى الربان ارسال المعلومات الكاملة عن السفينة ، اسم الوكيل الملاحي المعتمد من قبل الشركة العائدة لها السفينة ، والمتواجد في روتردام ( ويكون دوره الرئيس ، في تسوية الأمور المالية مابين السفينة وادارة الميناء ) وكذلك طول وعرض وغاطس السفينة ، ونوع الحمولة ومعلومات أخرى ، وهذا ماتم ارساله وسرعان ما جاء رد سيطرة الميناء بالإيجاب ، والتي من المعتاد أن تكون الإجابة بحالتين ، أما أن نلقي المخطاف والإنتظار في منطقة الإنتظار أو حصول الموافقة على ارسال الدليل على الفور بدون القاء المخطاف ليتم استقباضل الدليل البحري بواسطة زورق خاص يتم سيره بمحاذات السفية وليتم القاء سلم الدليل البحري ( وهو عبارة عن حبلين متوازيين يبعدان عن بعضهما بمسافة نصف متر ، بينهما سلالم خشبية ) تمكن صعود الدليل إلى سطح السفينة ، ومن ثم يأخذ موقعه في برج القيادة الرئيس ، فكانت الإجابة بأنه سيتم إرسال الدليل البحري على الفور ، أي دون الحاجة إلى إلقاء المخطاف في منطقة الإنتظار ، وبعد مايقرب النصف ساعة ونحن نسير باتجاه مدخل القناة لاح لنا من بعيد زورق الدليل البحري ، وبعد أخذه مناورة قصيرة عند محاذاة السفينة ، تم انزال السلم ، وصعد الدليل إلى سطح السفينة وقد قاده أحد البحارة إلى البرج الرئيس ، وهكذا أخذ دوره في قيادة السفينة بغية إدخالها القناة وصولا إلى أحد ارصفة الميناء المقرر ارساء سفينتنا عليه ، ولكن هنا علينا الإنتباه إلى نقطة مهمة ، وهي أن القانون الدولي لايعفي ربان السفينة من مسؤولية سلامة السفينة من أي خلل أو ضرر قد يحدث لها أثناء القيادة من قبل الدليل البحري ، وفي الوقت نفسه جلس سائق الدفة على الكرسي الخاص بسائق الدفة ( الدومان ، او الويل ) لينفذ اوامر الدليل البحري بعد تحويلها من السيطرث التلقائية إلى السيطرة اليدوية ، إذ كانت في معظم ساعات الإبحار تعمل بشكل تلقائي ، وهكذا استمرت العملية لأكثر من ساعتين ونحن نقطع المسافات في هذه القناة مستمتعين بالمناظر الطبيعية الخلابة على جانبي القناة ، لتستقبلنا بعدها دافعتان ، تم ربط الأولى بمقدمة السفينة بينما الأخرى تم ربطها في مؤخرة السفينة ، لتبدأ مرحلة ارساء السفينة على الرصيف الذي تم تخصيصه لسفينتنا ، وليغادر سفينتنا الدليل البحري ، وكذلك فك اربطة الدافعتين ولتنطلقان نحو واجبات أخرى ، وفي الوقت نفسه تم اغلاق البرج الرئيس والبرج التعليمي لعدم وجود مايبرر من بقائهما مفتوحين ، وهكذا تم الإرساء بسلام ، ليصعد ضيف جديد إلى السفينة ألا وهو الوكيل الملاحي حاملا حقيبته المتضمنة على اوراق السفينة الصادرة من الميناء بالإضافة إلى رواتب العاملين على السفينة ومن ضمنها رواتب الطلاب المتدربين ، وبعد نزولي من برج القيادة الرئيس بصفتي متدربا ، دخلت مطعم الطلاب وانا منشرح الصدر لهذه الزيارة وجلست مع زملائي الطلاب لنتناول العشاء وجميعنا منشرحي الصدور والغبطة مرتسمة على وجوهنا ولنتفق على توقيتات النزول إلى المدينة صباح اليوم التالي ، والتي بالتأكيد ستضيف أشياء ومعلومات جديدة إلى مانختزنه من معلومات عن المدينة ، وعند الساعة 2200 ( العاشرة مساء تم الإعلان عبر الإذاعة الداخلية للسفينة للتوجه إلى بهو الطلاب لتوزيع وتسلم رواتبنا المقررة خلال هذه الفترة بعد استلامنا لآخر راتب لنا قبل مغادرتنا ميناء هلسنكيور بخمسة عشر يوما … بتبع
ســــــــــعد عبدالوهاب طه