ثقافة المجتمع
![](wp-content/uploads/2022/07/IMG-20220621-WA0021-6.jpg)
ثقافة المجتمع
ــــــــــــــــــــــ
من أهم العناوين لمجتمع ما والتي تميزه عن المجتمعات الأخرى هي النظافة بشكلها العام والمطلق غير محددة بمرفق من مرافق الحياة , سواء كانت نظافة الجسم أو محل العمل والإسكان والمحيط العام لمنطقة السكن , وهذا ماينعكس بشكل إيجابي على حياتنا اليومية ولكن ليس في هذا المجال فقط كما يعتقده بعضنا بل يتعداه في سفراتنا إلى مناطق أخرى , فـإقامتنا في الفندق لا يعني عدم الإهتمام بنظافة غرفتنا المخصصة لنا فحسب ولا تعني عدم المحافظة على الأماكن التي نزورها كذلك , ففي البيت يبدأ عنوان النظافة من الباب الرئيس للدار , الذي يوصلك إلى مقصدك ليشمل أجنحته كافة , وقد تبدو للوهلة الأولى أن النظافة تخص غرفة المعيشة او الإستقبال وغرف النوم , متناسين شيئا آخر على الأهمية بمكان ألا وهي ؛ الحمامات , فـإذا كانت غرفة الإستقبال عنوان مهم لهيبة الدار فـإن الحمامات عنوان النظافة الحقيقية للدار , فبغير ذلك لانجد للنظافة أي عنوان وإلا فـإنها لاتختلف عن زريبة البقر أو الأغنام , وما ينطبق على نظافة الدار فـإنه ينطبق على نظافة الشارع أو المحلة في الوقت نفسه وفي أي مكان من المعمورة نتواجد فيه , وقد يتبادر إلى أذهاننا أن هذه هي حدود النظافة متناسين نظافة الأنهار والمسابح والمرافق الأخرى التي لانجد لها أي عنوان في تصرفاتنا اليومية ولم نرها في ثقافتنا الإجتماعية أو المدرسية ولانجدها في مناهجنا الدراسية الحالية , مازلت أتذكر عملية مد أيادينا أثناء اصطفافنا في التجمع الصباحي لتفتيش نظافة ظهور أيادينا في مدارسنا الإبتدائية والإهتمام بقص الأظافر , وكيف راح المعلم ينزل لمستوى تفكيرنا وفهمنا لمفردات الكلام ليوضح لنا الأسباب الموجبة لإهتمامنا بقص الأظافر موضحا من أين وكيف تتجمع الأوساخ تحت الأظافر , وكيفية إختلاطها أخيرا مع غذائنا وبالتالي فـإن الجراثيم تدخل معها إلى أجوافنا , فنحن اليوم بأمس الحاجة إلى إهتمام مدارسنا بهذه الجوانب والتأكيد على نظافة الشارع والمنطقة والأنهار وعدم إلقاء الأوساخ والأزبال فيها وكذلك المسابح وبأبسط الأحوال عدم التبول في الأنهار والمسابح ، مما ينعكس أثرها على الصحة والواقع العام , وبات من الضروري إهتمام الجهات ذات العلاقة من عدم تصريف المياه الثقيلة في الأنهار التي تغذي وحدات تصفية المياه وبالتالي تلوث المياه والتي من المفروض بها أن تكون صالحة للشرب والطبخ والإستعمالات الأخرى , فـإذا بها تصل إلينا وهي لاتصلح حتى للتغسيل , كما لي هنا وقفة وإشارة إلى مايفعله بعض الأخوة من ترك مخلفاتهم في أماكانهم بعد المغادرة والتي يمكن إختصارها بقشور الكرزات وأغلفة المعلبات المعدنية والورقية وقشور الفواكه وهذا مانجده في الحدائق والمتنزهات , أو المسارح وقاعات السينمات , ولا تنحصر النظافة على الأزبال فقط بل التدخين الذي يمارس بدون مراعاة مشاعر الآخرين , زارني في بيتي قبل يومين أحد الأصدقاء وبقي معي مايقارب الساعة والنصف , بذل خلالها مجهودا كبيرا وبطولة قل نظيرها وهو يدخن السيجارة تلوة الأخرى ولم ينتبه إلى تضايقي عندما فتحت شبابيك غرفة الإستقبال رغم برودة الجو , وهذا ما لم أجده عند أصدقائي الآخرين الذين يزورونني في داري فهم يعمدون إلى التدخين خارج الغرفة , أما في مكتبي فقد تم تعليق ثلاث لوحات ذهبية اللون والكتابة باللون الأسود لتكون أكثر وضوحا بعدم التدخين , ومع ذلك يعمد أحدهم إلى التدخين وعندما أبين له تضايقي لحساسية القصبات التنفسية عندي أرى على وجهه نوعا من التذمر والإنزعاج .
رأيت قبل أيام فيديو للفنان القدير الراحل عادل أدهم في معرض رده على سؤال إحدى الإعلاميات , أنه إذا ما كان لديه شهادة تقدير , فإلى من سيعطيها ؟ حينها أجابها بـإجابة غير متوقعة بقوله أنه سيعطيها إلى ذلك الكندي الذي كان يشاركهم في تصوير أحد الأفلام في كندا بموقع على أحد الأنهار ، إذ كان إشراك بعض الكنديين إلزاما وحسب تعليمات الحكومة الكندية في أعمال الأجانب التي يمارسونها في كندا , وخلال إستراحة الكادر قام أحد العاملين بالتدخين , وما هي إلا لحظات حتى نادى المخرج على الكادر لإستكمال التصوير فما كان من ذلك العامل إلا أن رمى عقب سيجارته في النهر مما أثار استغراب ذلك الكندي الذي سرعان ما خلع ملابسه ليلقي بنفسه في النهر رغم برودة الجو وليأتي بذلك العقب وهو مشمئز ومعاتب ذلك العامل , بأن الله تفضل عليهم بهذه النعمة ليشربو منها ويغتسلوا بها ولطبخ الطعام , لا لإلقاء الأزبال عليها , فعليك إحترام البلد الذي أجاز لك الإقامة فيه .
هذا الفيديو أحزنني كثيرا وأنا أشاهد فيديو لرجل شارف على السبعين من عمره يقف على نهر العشار في منطقة نظران وهو ينظر إلى الأزبال الملقات في النهر وأغلبها كانت قناني الماء الپلاستيكية , يصرخ بصوت عال ٍ قائلا .. أين رئيس الوزراء ؟ أين الوزير ؟ أين المحافظ ؟ هنا وجب علي الإجابة ليس دفاعا عن أحد ولكن للحق أقول وبشكل سؤال .. هل هذا واجب رئيس الوزراء أو الوزير ليضع حراس على النهر لمنع هذا وذاك من عدم اإلقاء الأزبال في النهر ؟ وكم هو أعداد الحراس ليقبعوا على حواف الأنهار الطويلة إذا ماعلمنا أن هناك مئات الأنهار ، والسؤال الأهم هنا , أين ثقافة المواطن والمجتمع ؟ وهل أدرجنا ذلك في مناهجنا الدراسية في مدارسنا ؟ الأجابة لدى القارئ بالتأكيد .
سعد عبدالوهاب طه