ضرورة وجود المناصرين و المؤيدين في قضية الظهور
♦️ *ضرورة وجود المناصرين و المؤيدين في قضية الظهور* ♦️
🖋️ *الشيخ محمد الربيعي*
ان من الامور التي هي جدا مهمة في قضية الظهور الحق للامام المهدي ( ع ) ، الطليعة الواعية البصيرة ،
من المناصرين و المؤيّدين .
محل الشاهد :
إنّ وجود المناصرين المؤازرين المنفِّذين بيَدي ذلك القائد الواحد شرطٌ أساسٌ وحسّاس من شرائط الظهور .
ويتعيّن القول به بعد نفي فرضيّتين :
▪️الفرضيّة الأولى: أن يفترض أنّ هذا الفرد الواحد يغزو العالم بمفرده : وهو واضح الامتناع والبطلان، مهما أُوتي الفرد من كمال عقليّ وجسميّ، بعد التجاوز عن الفرضيّة الآتية، وهو إيجاد المعجزة من أجل تحقيق النصر .
▪️الفرضيّة الثانية: أنّ هذا القائد يغزو العالم عن طريق المعجزة، وهذا غير صحيح، وذلك لوجوه عدّة، وهي :
▪️أ- إنّ الدعوة الإلهيّة لو كانت على طول التأريخ قائمة على إيجاد المعجزات من أجل النصر، لما وُجد على وجه الأرض منذ خلقت أيّ انحراف أو ضلال، ولَما احتاج الأمر إلى قتال وجهاد .
في حين أنّ الدعوة الإلهيّة قدّمت آلاف الأنبياء ( ع ) ، والعاملين بهديهم كشهداء في طريق الحقّ، بما فيهم الأئمّة المعصومون عليهم السلام .
▪️ ب- إنّ الدعوة الإلهيّة على طول الخطّ قد ارتكزت على التربية الاختياريّة للفرد والأُمّة على السواء، وذلك أنّه بعد أن وهب الله تعالى الإنسانَ السمعَ والبصر والفؤاد؛ أي العقل والاختيار، وهداه النجدَين: طريق الحقّ وطريق الباطل، وحمّله مسؤوليّة أعماله والأمانة الكبرى التي رفضت السماوات والأرض أن تحملها، وحملها الإنسان، وبها تبدأ فكرة التمحيص.
ومن المعلوم أنّ الإيمان الممحَّص، ولو بشكله البسيط يكون أثمن وأرسخ من الإيمان القهريّ؛ فإنّه يتّصف بالضحالة والضعف، وبقلّة الاستجابات الصالحة المطلوبة من قِبَل الإنسان.
وهذا الإيمان القهريّ يمكن أن ينتج من جوّ المعجزات.
إذاً، فحيث تنتفي هاتان الفرضيّتان، يتعيّن المطلوب، وهو احتياج القائد، في تطبيق العدل على العالَم، إلى الناصرين والمؤيّدين لكي ينتشر الجهاد انتشاراً طبيعيّاً.
وتندرج، في هذا الشرط، الصفاتُ الأساسيّة التي يجب أن يتّصف بها هؤلاء المريدون؛ ليكون هذا الشرط في واقعه: وجود المؤيّدين على النحو المعيّن، لا المؤيّدين كيف كان.
و للمناصرين والمؤيّدين شرطان متعاضدان ، يكمّل أحدهما الآخر، ويندرج تحتهما سائر الأوصاف.
▪️أحدهما: الوعي والشعور الحقيقيّ بأهميّة عدالة الهدف الذي يسعى إليه، والأُطروحة التي يسعى إلى تطبيقها.
▪️ثانيهما: الاستعداد للتضحية في سبيل هدفه، على أيّ مستوى اقتضته مصلحة ذلك الهدف.
وبمقدار ما يوجد في نفس الفرد من هاتين الصفتين، يكون الفرد قابلاً للعمل الاجتماعيّ والجهاد في سبيل الحقّ.
وبمقدار ما يفقد الفرد من هاتين الصفتين، يكون عاجزاً عن العمل والجهاد مهما كان مخلصاً في تديّنه، ولكنّه كان منعزلاً عن المجتمع.
ومن هنا، استهدف التخطيط الإلهيّ إيجادَ التمحيص الذي يربّي الأُمّة التربية التدريجيّة البطيئة نحو إيجاد هذين الشرطين، وتكاملهما في نفوس الأفراد، بحيث يكونون قابلِين لقيادة العالم .
قد يقال بلزوم شرط اخر وهو وجود قواعد شعبيّة كافية ذات مستوى مطلوب من حيث الوعي والتضحية من أجل هذا التطبيق , لتكون هي رائدة اليوم الأوّل في اليوم الموعود.
فإنّ المخلصين الممحَّصين الذين يمثّلون الطليعة الواعية لغزو العالم. وأمّا تطبيق الأُطروحة فيحتاج إلى عدد أكبر من القواعد الشعبيّة الكافية, ليكونوا هم المُثُل الصالحة لتطبيق الأُطروحة العادلة الكاملة في العالم.
يتأكّد توافر هذا الشرط ، باعتبار وضوح توافر سائر الشروط في دعوته ( ع) ، وعدم وجود بوادر انخرامها إلّا فيما يعود إلى هذا الشرط، فإنّ دعوته مبدئيّة ذات قيادة، وهو بشخصه القائد .
ونلاحظ أمير المؤمنين ( ع ) كان يعاني من توافر المناصرين ، حيث نراه في العهد الأخير من خلافته يخاطب أصحابه بأنّهم ملأوا قلبه قيحاً، ويتمنّى إبدالهم بخير من صرف الدينار بالدرهم، وهذا راجع في حقيقته للظروف التي كان يعيشها المجتمع يومذاك.
وحينما تولّى الإمام الحسن ( ع ) مركز الخلافة والقيادة، وحاول مناجزة القتال للجهاز المنحرف الحاكم، تفرّق عنه جيشه، واستطاع معاوية شراء ضمائر قادة الإمام ( ع) واحداً بعد واحدٍ، حتّى لم يبقَ معه ( ع ) من جيشه ناصر؛ فاضطُرّ إلى الصلح مع معاوية، وهذا في واقعه، رجوع إلى المحافظة على الدعوة المبدئيّة بعد انخرام المناصرو المؤيد ، أو الرجوع إلى التقيّة بعد عدم وجود الناصرين المؤيّدين.
ويأتي بعده دور الإمام الحسين بن عليّ ( ع )، فتأتيه مئات الكتب من العراق، من الناصرين المؤيّدين الثائرين على الحكم الأمويّ المنحرف، فتتوافر له الحجّة بوجود الناصر بعد توافر الشرائط الأُخرى، فيشعر بوجوب قيامه بالدعوة الإلهيّة والثورة لطلب الإصلاح في أمّة جدّه الخاتم ( ص) ، ويأتي دور الأئمّة المعصومين ( ع ) ، المتأخّرين عن الإمام الحسين ( ع )، فيبدأ عصر الهدنة، كما سُمّي بذلك من قبلهم ( ع ) ، وذلك باعتبار عدم توافر الشرط من المناصرين و المؤيدين ، وذلك باعتبار عدم توافر ا
لاانعدام الناصرين المخلصين، أو قلّتهم عن المقدار الكافي للثورة.
ويتّضح ذلك بجلاء من موقف الإمام الصادق ( ع ) ، تجاه مبعوث الثورة الخراسانيّة إليه، الذي كان يقول له إنّ الثائرين هناك من أصحابه ومؤيّديه، فلماذا لا يقوم بالجهاد والمطالبة بحقّه في الحكم المباشر، قائلاً: يابن رسول الله، لكم الرأفة والرحمة، وأنتم أهل بيت الإمامة، ما الذي يمنعك أن يكون لك حقّ تقعد عنه، وأنت تجد من شيعتك مائة ألف يضربون بين يديك بالسيف.
فقال له (ع): اجلس يا خراسانيّ، رعى الله حقّك، ثمّ قال: يا حنيفة، أسجري التنّور، فسجرته حتّى صار كالجمرة وابيضّ علوّه، ثمّ قال: يا خراسانيّ! قم فاجلس في التنّور. فقال الخراسانيّ: يا سيدي، يابن رسول الله، لا تعذّبني بالنار، أقلني أقالك الله، قال (ع ): أقلتك.
قال الراوي – وهو حاضر في ذلك المجلس -: فبينما نحن كذلك، إذ أقبل هارون المكّيّ، ونعله في سبّابته، فقال: (ع ) يابن رسول الله، فقال له الإمام الصادق ( ع ): ألقِ نعلك من يدك واجلس في التنّور، قال: فألقى النعل من سبّابته، ثمّ جلس في التنّور. وبعد هنيهة، التفت إليه الإمام ( ع ) ، وقال: كم تجد في خراسان مِثْلَ هذا؟ فقال: والله، ولا واحداً. فقال: أما إنّا لا نخرج في زمان لا نجد فيه خمسة معاضدين لنا، نحن أعلم بالوقت .
مما اتضح اعلاه نكتشف ان من الضروري على الامة السير على النهج الصحيح ، لتعجيل فرج الامام الحجة ( ع ) .
اللهم احفظ الاسلام و اهله
اللهم احفظ العراق و شعبه