مواصفات الجار المثالي
احمد باسم القزاز
بمناسبة اربعينية الامام الحسين (عليه السلام) والصمت السياسي المتفق عليه قررت ان اخوض في كتابة مقالاً اجتماعياً بحت في ظل اغرب العطل التي شهدتها السياسة على مر تاريخ العراق فحين أن المواطن البسيط او العامل سيتعطل دوامه ليوم واحد من اجل اربعينية الامام الحسين (عليه السلام) لكن صناع القرار ممن يقع على عاتقهم مسؤولية تشكيل حكومة من شأنها تحسين الواقع المعيشي المتردي والمصادقة على العقود ومحاولة حل المشاكل والازمات والى اخره سرعان ما اعطوا لانفسهم عطلة تقارب الشهر من اجل الاربعينية كذريعة قبل تشكيل الحكومة غير معترفين ان السبب الحقيقي هو غياب الحلول الناجعة التي لا تحتمل مخاطرة ومتاجرة ب”الدم” وأيضا بأنَ تجربة التعاطي الساذجة السابقة من قِبل كل الكتل السياسية على حالة الانسداد السياسي اودت بحياة مواطنين بلا أي سبب او تحسين لأي شيء خلال احداث ثورة عاشوراء الحديثة.
متناسين الساسة بأن سر عظمة “ابا عبدالله” (عليه السلام) ليس ثورته ضد الظلم بل اخلاصه بأن تكون ثورته لله فقط فتجرد عن اهوائه فكانت ثورته ربانية خالصة لله تعالى لا لسواه وهذا هو سر الخلود ما أن علموا سر الامام الحسين (عليه السلام) ما عطلوا ولو للحظة مصالح الناس بل لم ولن يتشبثوا بالسلطة الزائلة والاصرار على جر العراق لأحداث مأساوية من جديد.
ولذلك وعلى طريقة برامج “التوك شو” الحالية عندما يُسأل الضيف عن مواصفات شريك حياته المثالي فكرت بأن اسأل نفسي عن مواصفات جاري المثالي.
فلاحظتُ بأني إن تجردتُ من كل الاعراف و الاخلاق و الدين و بقليل من الانانية سأطلب من الله ان يرزقني بجار يمتلك هذه المواصفات الثمانية جميعاً منطلقاً من مبدأ ان جميع ما قد يحدث في منزل رب اسرة ضعيف يكون سببه الرئيسي الجيران فلذلك اتمنى ان يتحلى جاري بكل المواصفات التالية ولا اتحلى انا بأي منها:
فما هي مواصفات الجار المثالي؟
اولا: أن يكون بيتهُ مباحاً لي وبالتالي يمكنني تشكيل معتقداته وافكاره وتوجهاته كما يحلو لي وهذا ما سيترتب عليه قابليتي على اخضاعه لتطبيق النقاط الأخرى.
ثانيا: أن يكون تابعاً قوياً يحميني من الآخرين بتشكيلهِ جداراً عازلاً من نواياهم ان امتلكوا اي نوايا سيئة اتجاهي لكن بشرط ان يكون قوياً على الآخرين وضعيفاً إتجاهي.
ثالثا: أن يكون كريماً وغبياً بذات الوقت لأن كرمه قد لا يكون كافياً بل اتمنى ان يقصر على افراد اسرته من اجلي.
رابعاً: ان يسمح لي بأي وقت ان اقطع عليه الطرق والامدادات ، لا بل ان استولي عليها ايضاً.
خامساً: يقبل بل و يفرح بأن اتصارع داخل منزله حتى لا يتم تخريب منزلي ولا يتضرر.
سادساً: ان يتصارع احياناً نيابةً عني بالكامل.
سابعاً: أن يكون ضعيفاً غير مستقر مشغولاً بنفسهِ حتى لا يؤثر بأي شكل من الأشكال على تربيتي لأبنائي وادارتي لاسرتي.
ثامناً: أن لا يطلب مقابل اتجاه كل طلباتي بل ان يجعلها واجباً عليه وان يسعى لارضائي دوماً.
إذ إنَ من المتعارف عليه حتى لو كان للفرد عدة اصدقاء فأن الجيران بإمكانهم ان يقوموا بالمساعدة الفورية فمن الضروري اختيار جيران مثاليين او جعلهم مثاليين مناسبين لتطلعاتي و اخضاعهم ومن ثم اخضاع ممن حواليهم وما الضير في اخضاع المنطقة كلها من اجل مصالحي ما داموا يقبلون بذلك فتارةً يكونُ الجار عصي لدرجة تتطلب العنف والشدة وتارةً يكون خانعاً يقبل بكل الشروط بلا أي مقاومة.
هذه هي مواصفات جاري المثالي ومن يدري إن طالت عطلة تشكيل الحكومة قد نكتب عن مواصفات افراد الاسرة المثاليين.