شهادة برزان حول مقتل كامل حنا على يد عدي
شهادة برزان حول مقتل كامل حنا على يد عدي
فراس الغضبان الحمداني
يستطرد برزان في شهادته : كانت العلاقة مع الرئيس أشبه بالسابق عدا المناسبات التي هي الأعياد إلى أن إنفجرت المشكلة بينه وبين إبنه وزوجته بسبب علاقته مع سميرة الشهبندر وقيام عدي بقتل كامل حنا بسبب قيامه بدور حلقة الوصل بين الرئيس وسميرة ، ولأنه مكلف من قبل الرئيس بجلبها له وإرجاعها إلى بيتها ، حيث إنفجرت الحالة التي كانت أشبه بالنار تحت الرماد في ليلة 17/10/1988 كنتُ في تكريت لأن أحد أعمامنا الذي هو أحمد عبد المسلط قد توفي فكنتُ جالسا في مجلس الفاتحة .
صباح يوم 18/10/1988 وفي حوالي الحادية عشرة من صباح ذلك اليوم جاءني الشخص الذي يعمل عندي في البيت وقال لي أن الرئيس إتصل يطلب الكلام معك ويطلب أن تتصل به ، فذهبتُ للبيت وإتصلتُ بالرئيس بعد السلام .. سألني عن مكان وجودي . قلتُ له أنني في تكريت , قال تصورت إنك هنا في بغداد لأني محاتجك ، وهذه لأول مرة أسمع الكلمة منه لا يقولها مطلقاً ، قلتُ له سوف أكون عندك بعد أقل من ساعتين . قال طيب ولكن عليك أن لا تسرع في السياقة . وصلتُ إلى بغداد بعد الظهر . وفي البيت أخبرتني زوجتي ( شجرة الدر ) حيث يطلق برزان على زوجته احلام في كتابه هذا إسم ( شجرة الدر ) وهي إبنة الحاج خيرالله طلفاح أي شقيقة ساجدة زوجة صدام . بما قام به عدي بقتل كامل حنا وقالت إن عدي حاليا في المستشفى وحاول الإنتحار لأنه تناول عدد من حبوب الفاليوم ، قلتُ لها إن الرئيس طلب حضوري ، قالت إتصل به ، فإتصلتُ به وطلب مني أن أذهب إلى بيته ، كانت الساعة الخامسة بعد الظهر ، ذهبتُ ووجدته في حالة حيرة أكثر منها في أي حالة أخرى . أخبرني بما حصل وقال أن عدي قتل كامل حنا عندما كان كامل مع مجموعة من أقربائه يسهرون في جزيرة الأعراس وعلى ما يبدو أنه كان مخمور وقام بإطلاق العيارات النارية ، وكان عدي قريب من المنطقة التي كان فيها كامل حنا وأيضا كان بدوره مخمور فأرسل له خبر بطلب الكف عن إطلاق العيارات النارية ، ولكنه لم يتوقف فقام بضربه بعصا على رأسه مما سبب نزيفاً داخل رأسه سبب وفاته .
ويضيف برزان تبين أن كامل حنا كان محتفل بزواج عمه من سميرة الذي تم قبل أيام . وبما أنه مدلل الرئيس وصاحب الحظوة الكبيرة عنده وفي داخله يعتبر نفسه أمين سر الرئيس ، وقبل ذلك أو أثناءه أن الرئيس أعطى كامل حنا نفوذ فاق ما أعطى أي مسؤول في الدولة . كان الوزراء وأعضاء القيادة وغيرهم يتوددون لكامل حنا ، كان يتنقل بالهليكوبتر ، وعندما يذهب إلى المحافظات لترتيب الأمور قبل وصول الرئيس أو لأي سبب يخرج المحافظ لإستقباله .
حاولتُ أن أخفف عليه وقلتُ له أن الحادث وقع وعلينا أن نتدبر الأمر ، قال إن هذا الولد سيء وناقص تربية ، لم أعقب بشيء ولكنني قلتُ له سوف نتدبر الأمر وعليه أن يهدأ ، طبعا عندما توفي كامل حنا أرسل الرئيس إلى عزة الدوري لتشييعه . وفي اليوم الثاني ذهبتُ للمستشفى التي كان عدي فيها لزيارته ولإستطلاع الوضع ، كان في مستشفى إبن سينا وكانت شجرة الدر معي ، كان متمارض أكثر من ما هو مريض ، كانت أمه هناك وأخوه قصي وحسين كامل وأخواته ، الأم كانت قليلة الكلام وأقرب إلى الصمت ، حسين كامل كان مسروراً لما حصل لأن ما حصل سوف يحتاج لفترة لإصلاح العلاقة بين الأب والأبن . أما أخوه قصي أيضا كان وضعه أشبه بوضع حسين كامل بل كان يتصرف ويتحرك كمن يريد إستغلال الفرصة وإظهار نفسه على أساس أنه المخلص المطيع والمستقيم .
كنتُ في الصالون وشجرة الدر وأم عدي وآخرون لأن حسين كامل وآخرين كانوا في غرفة عدي ، سمعنا أصوات أقدام وركض وصراخ ، خرجتُ لأستطلع ما حصل وإذا بقصي يقول لي أن عدي خرج وأخذ السيارة وذهب ، وأعتقد أنه ذهب إلى الرضوانية لملاقاة أبي . وعندما سمعت أمه وأخواته لاحظتُ خوفا وقلقاً إنتابهن حتى سمعتهن يقولن يا ستار سوف واحد يقتل الآخر !! . إستغربتُ من هذا الكلام .
بعد ما يقارب النصف ساعة خرجتُ وشجرة الدر عائدين للبيت ، وبحدود الساعة السادسة مساءاً إتصل بي الرئيس يقول أحضر فورا للبيت ، خرجتُ مسرعاً متوجها إلى بيت الرئيس . وصلتُ ووجدته جالس في الصالون يرتدي ملابس سبورت ، بنطلون وسترة وشفقة( قبعة) على رأسه ، قال لي هل تعرف ما حصل ؟ قلت لا .. قال جاء هذا المجنون إلى الرضوانية ويؤشر بإصبعه نحوي قائلاً إذهب إلى زوجتك يقصد أمه ( أم عدي ) وأضاف أن تصرفه وحركته كانت مهينة أمام الحماية ، ولكن لحسن الحظ لم يكن المسدس في حزامي وإلا لقتلته ، كانت أمه جالسة والأخوات سهام ونوال وبنات الرئيس ، ووصل وطبان كذلك ، في هذه الأثناء دخل قصي يركض وهو يصرخ لقد وصل ، لقد وصل . إستفسرتُ منه . من الذي وصل ؟ قال عدي . قلت أخبره لكي يدخل لنضع حد لهذه التصرفات ، قال لا بيده بندقية ويريد أن يضرب بابا .
خرجتُ مسرعاً ولحق بي وطبان وجدناه أمام الدار الذي يسمى قصر القادسية وبيده بندقية كلاشنكوف ، إقتربنا منه محاولين أخذ البندقية منه ولكنه شعر بذلك فتراجع للوراء وصوب البندقية نحونا ، وعندما إستمرينا بالمشي نحوه أطلق عدة طلقات تحت أقدامنا ، فتكلمتُ معه بأسلوب ومفردات لا أذكرها لأنني كنتُ منزعج ، بعد ذلك بدأ يبكي ورمى البندقية جانباً فأخذناه للداخل ، وعند مدخل البيت شهر قصي مسدسه محاولاً ضرب أخوه ولكنني نهرته وقلت له إنك منافق وإنتهازي وتحاول إستغلال الفرصة . ودخلنا الصالون الذي كان الرئيس يجلس به طلبتُ من عدي أن يعتذر من أبوه ويقبله ، فقام بما طلبتُ منه وجلسنا كان الوضع كئيب جداً والنساء يبكون ، طبعا عدنان خير الله لم يتحرك من مكانه ولا تكلم ولا بكلمة واحدة ؟ ساد الجو صمت فضيع . بعد ما يقارب العشر دقائق أو أكثر تكلم الرئيس قائلا بعد ما حدث سوف لا أعتبره إبني . وقال مخاطباً عدي أنك قاتل وعليك تهيئة نفسك لتذهب إلى مركز الشرطة لتسليم نفسك لأن هذا هو الحل .. قلتُ له نعم سوف يعمل ما تقوله ، وفعلا كنت مع هذا الإتجاه لأن المشكلة أصبحت معروفة لدى عامة الناس ، وتركها دون سيناريو من هذا النوع يسبب للرئيس حرج كبير لأنه في ذلك الوقت كان يلاحظ بعض الشيء لما يقوله الناس ، بعد ذلك ذهب الرئيس وقمتُ بالحديث مع عدي لإقناعه بتسليم نفسه ، وسوف نرتب الأمور ، لأن هذا هو المخرج الوحيد أشعرني أنه سوف يعمل ذلك وأعتقد أنه فعلاً كان مقتنع ولكنه على ما يبدو غيّر رأيه فيما بعد .
عدتُ وشجرة الدر للبيت وبقيت كل من سهام ونوال أخواتنا وأعتقد الهام أخت شجرة الدر كانت أيضا هناك وعرفنا منهم أن الرئيس عاد للبيت بعد حوالي الساعة وكان معه حسين كامل وأخوه صدام ، في هذه الأثناء نزل عدي من جناحه في قصر القادسية فإستدعاه أبوه وكانت أمه وأخواتنا والهام موجودين ، فقال له لماذا تتصل بأحدى السفارات وتطلب تسهيلات للذهاب إليها ؟
يبدو أنه أتفق مع حسين وصدام كامل على إعتقال عدي ، ففي هذه الأثناء هجم الإخوان على عدي وإعتقلوه ووضعوا بيديه ( الكلبجة) وأخذوه إلى الرضوانية وضعوه في غرفة ملحق بها حمام بسيط وغرفة جلوس متوسطة ، لأنني زرته هناك ، الذي تبين أن عدي إتصل بأحدى وكان يطلب تأشيرة دخول طالبا اللجوء اليها ، وكان هاتفه مراقب من قبل حسين كامل ، فأسرع بإخبار الرئيس بذلك وقام الرئيس بإعتقاله . بقي في الرضوانية ثلاثة أسابيع بعدها خرج ومعروف كيف وجه وزير العدل الذي كان على ما أعتقد أكرم عبد القادر الدوري رسالة للرئيس كلها نفاق ودجل وبعيدة عن الحق والقانون الذي هو حارس عليه ولحمايته . بعد فترة من خروجه حصلت مشكلة مع عامل بدالة القصر وقام بضربه ، مما أزعج الرئيس وحصلت مشكلة وقمنا بمعالجتها أيضاً ، ولكن الذي لاحظته أن الرئيس منزعج ومحرج وحيران بطريقة التعامل مع إبنه ، بعد أيام من حصول المشكلة مع عامل البدالة قام بضرب ضابط أمن يعمل في القصر مع حسين كامل إسمه صالح رحيم كان له على ما يبدو دور متابعة عدي ومراقبة تلفونه ، مما أدى إلى شق في رأس هذا الضابط لأن عدي ضربه بقبضة المسدس ، وهنا غضب الرئيس وقال أن هذا التصرف وصل إلى حد لا يمكن السكوت عليه ، لأن عدم معالجة هذا الوضع سوف يجعل الحمايات والحراسات لا تقوم بواجباتها ، في هذه المرة شعرتُ أنني شبه عاجز عن تهدئة الامور لأن عدي لا يريد أن ينهي الأمور ولا على تهدئتها .
قمتُ الإتصال بحامد حمادي الذي كان سكرتير الرئيس في ذلك الوقت ، طالبا منه أن لا يسمح لهذا الضابط من الدخول للرئيس لحين ما نرتب الأمور ، ولكنه أخبرني أن حسين كامل وقصي طلبوا منه أن يسمح لهذا الضابط بالدخول إلى الرئيس ليشاهده بدمائه ، وهو الآن في غرفة الرئيس يعرض تفاصيل ما حصل ، إتصلتُ من بيت الرئيس لأن أم عدي إتصلت بي طالبة الحضور لها وقالت حدثت مشكلة جديدة ، عدتُ إلى الغرفة التي كانت زوجة الرئيس وإبنها عدي يجلسون بها وأخبرتهم بما حصل ، وقلت لهم توجد عناصر في العائلة تحاول إستغلال الوضع لأهداف خاصة بها وفعلا إستطاعوا من تنفيذ الكثير من الحوادث وعلى مر الأيام . Firashamdani57@yahoo.com