دعوات مغرضة وساذجة لعودة ( اليهود العراقيين)والمطالبة بتعويضهم خطوات أخطر من التطبيع

بقلم… سلام موسى جعفر

الدعوة الى عودة ما يسمى ب “اليهود العراقيين” والمطالبة بتعويضهم، أخطر من الدعوة الى التطبيع!

لم يكن في نيتي النشر هذا اليوم ولا الأيام القادمة بسبب ظرف طارئ يمنعني. ولكن دعوة من أحد الأصدقاء الأعزاء وصلتني على الخاص للاطلاع على تعليقات “تزرف الگلب” في صفحة صديقة عزيزة، دفعتني الى تحدي الظرف الخاص والمساهمة في التصدي للحملة المسعورة التي يقوم بها أعضاء الجاليات الصهيونية التي تعيش وسطنا متبوعين من قبل السذج والقطيع.

تصاعدت في الآونة الأخيرة أصوات عدد من المتحمسين لما يسمى غباءًا باليهود العراقيين.
رافقها نحيب متواصل على ” حقهم بالتعويضات”.

ليس جديداً علينا سماع هذه الاصوات النشاز، لكنها تصاعدت بعد اقدام عدد من محميات الخليج على ارتكاب جريمة التطبيع العلني باسم ” السلام الابراهيمي” متبوعة بالسودان والمغرب، واتخذت طابع التهويل نهيقاً وزعيقاً. وبلغت ذروتها بعد زيارة البابا وما رافقها من دعوة الى الدين الجديد “الابراهيمية” المصنع في مراكز البحوث التابعة الى أجهزة المخابرات.

ولهذا السبب أحاول في السطور التالية لفت انتباه العراقيين الذين وقعوا في فخ المشاركة في حملة إعلامية صهيونية دون أن يدركوا مخاطر وتبعات مشاركتهم العمياء لكل ما ينشره صهاينة العراق، من مختلف انتماءاتهم المخابراتية وأصولهم الاجتماعية وتأريخهم الأخلاقي:

• ترافق تصاعد الحديث عن تهجير اليهود العراقيين مع جملة تسريبات صحفية إسرائيلية عن خطة وضعتها دوائر العدو الاستخبارية للمطالبة بتعويضات من الدول العربية التي هاجر منها اليهود. ومن ضمن هذه التسريبات، أن الحكومة الأمريكية سوف تطرح موضوع التعويضات الى اليهود العراقيين في مرحلة أولى، ثم سيفرضه في مرحلة لاحقة.

• الحملة الإعلامية التي تنشر في المواقع الإسرائيلية ويعيد نشرها العملاء متبوعين بالسذج عن تمسك اليهود من أصل عراقي بالثقافة العراقية، هي حملة مزيفة، يُقصد منها تشكيل صورة إيجابية لدى العراقيين عن هؤلاء واقناعهم بعراقيتهم. الهدف الرئيسي من الحملة هو تهيئة نفوس العراقيين للقبول بدفع تعويضات لهؤلاء، على شكل أراضي وعقارات. هذا يعني القبول بتواجد إسرائيلي لإدارة هذه الأملاك والاستثمار فيها. ثم يتطور الأمر الى غض النظر عن وجود مخابراتي إسرائيلي تحت غطاء شركات استثمارية.

• لا يتحمل الشعب العراقي مسؤولية هجرة اليهود العراقيين الى دولة الكيان الصهيوني قبل أكثر من سبعة عقود. لأن العراق كان خاضعاً لبريطانيا التي كانت تشرف على عمل الحكومة العراقية وهي التي نصبت وحمت العائلة المالكة التي جلبتها من الحجاز. ولهذا فان مسؤولية أعمال العنف التي حصلت ضد اليهود العراقيين بغرض دفعهم الى الهجرة تقع على عاتق من كان يُدير العراق وقتها. وأعمال العنف تلك تمت بتخطيط من الوكالة اليهودية للهجرة واشراف السفارة البريطانية وغض النظر من قبل الحكومة العميلة على قيام العصابات الإجرامية بمشاركة من الغوغاء في تنفيذها.

• من هاجر من اليهود العراقيين الى دولة الكيان الصهيوني، لم يعد عراقياً. فقد تجندوا في جيش العدو، هم وأبنائهم. ومارسوا قتل الفلسطينيين بهدف تهجيرهم عن أراضيهم.

• الجيل الذي هاجر الى الكيان الغاصب، انقرض. أي لم يعد له وجود. ومن بقي منهم على قيد الحياة، لم يعد على قيد الإنسانية. فقد تلطخت أياديهم بدماء ضحاياهم.

• الأكلات العراقية التي يتزقنبها اليهود من أصل عراقي، والأغاني التي يستمعون إليها، والتحدث داخل البيت باللهجة العراقية، لا يعني حباً بالعراق أو بشعبه، ولا يعني أنهم ليسوا صهاينة. دعونا ننظر الى الأمر من الزاوية الصحيحة. هؤلاء لم يعرفوا اللغة العبرية، لأن العبرية لم تكن وقت هجرتهم معروفة لهم إلا بحدود ضيقة. كما أن أعمار بعض أفراد العوائل لم تساعد هؤلاء على تعلمها، ناهيك عن اتقانها. ولهذا السبب تعاملت العوائل باللهجة العراقية في الحياة اليومية. أما الأكلات والموسيقى فهي جزء من ثقافة المجتمع الذي نشأ فيه هؤلاء، جزء من الجذور. أما الجيل الثاني منهم، الذي يظهر في أفلام الفيديو التي يعرضها الاعلام الصهيوني والتي يُراد منها اقناع العراقي البسيط بان اليهود العراقيين المهجرين الى إسرائيل اكثر حبا بالعراق من شعب العراق، هو جيل فقدت أعداد كبيرة منهم جذورها الثقافية. أما الجيل الثالث فلم يعد له صلات تُذْكر بتلك الجذور.

• هذا لا يعني عدم وجود يهود من أصل عراقي لم يتحولوا الى صهاينة. الأغلبية من هؤلاء رفضوا الهجرة الى دولة الكيان الصهيوني. منهم من هاجر الى الدول الأوربية، ومنهم من عاش وقضى عمره داخل العراق.

عزيزي الساذج، عزيزتي الساذجة! لا تكن ساذج/ ة حتى النهاية، فتُردد/ ي ما يُنشر دون تفكير بتبعات ما تردده! فهل تعلم انك بهذا السلوك الحموري تدعم دعوة إيلي كوهين الذي يشترط ان يقوم العراق بتعويض الدولة الصهيونية ما قيمته 100 مليار دولار حتى تقبل هذه الدولة ان تطبع مع العراق؟ هل فكرت بمعنى هذا التصريح أيها الغبي/ ة؟

المخ وُجد للاستخدام، وليس للخزن، فاستعمله حتى لا تفضح نفسك. اصرارك على مواصلة النشر عن “طيبة ووطنية” اليهود من أصل عراقي في إسرائيل، ينقلك من ساذج بسيط الى غبي بدرجة حمار. الأمر يعود لك!

بالمناسبة سأكون سعيداً للغاية بجميع التعليقات الداعية الى تعويض اليهود الذي كانوا عراقيين، بغض النظر عن شخص المعلق، سواء كان دونياً أو ساذجاً. فهي من الفرص التي لا تعوض لكي أقوم بغسلهم إهانة وسخرية قبل تنظيف صفحتي منهم باعتبارهم من القاذورات!