لماذا دفعت الصين الهند للتقارب مع الغرب بعد سنوات من التعايش البارد بين البلدين؟
![](wp-content/uploads/2020/12/received_251897479714082.jpeg)
لماذا دفعت الصين الهند للتقارب مع الغرب بعد سنوات من التعايش البارد بين البلدين؟
كتب ـ محمـــــــــــود الحسيني
كان عام 2020 فارقاً في العلاقة بين بين الهند والصين والتي لن تعود إلى سابق عهدها من التعايش البارد أو المتوتر كما كان في السابق.
ورغم الإحراج الكبير الذي تعرَّضت له الهند، في المناوشات الحدودية التي جرت بين البلدين بدون سلاح ناري، فإن الهند خرجت ببعض المكاسب من هذه المواجهة التي تعجلت بكين في تنفيذها هذا العام.
فالمواجهة بين الهند والصين في منطقة جبال الهيمالايا ربما تكون التطور طويل المدى الأكثر أهمية في منطقة المحيط الهندي والهادئ، والذي سيمثل تحدياً لصُنَّاع السياسات في أنحاء العالم.
لم تُظهِر القوات الصينية أي إشارة على التراجع من المواقع التي احتلتها بطول “خط السيطرة الفعلي”، الذي يُقسِّم مناطق سيطرة الهند والصين في منطقة لاداخ، منذ إبريل، في الوقت نفسه، تحتشد القوات الهندية عند الحدود المتنازع عليها، وتطالب نيودلهي بإعادة شاملة للوضع السابق. وفشلت عدة جولات من المباحثات العسكرية والدبلوماسية في التوصل إلى أي نتائج، الأمر الذي يؤكد الرهانات العالية لدى كلا الجانبين.
من الممكن جداً أن يكون 2020 هو العام الذي ماتت فيه أخيراً النزعة الرومانسية بشأن العلاقات بين الهند والصين. فقد أظهر الكثيرون في نيودلهي اعتقاداً ساذجاً بأنَّ الهند ستكون قادرة على التعامل مع الصين دبلوماسياً وأنَّها ستمنع شبح الخلاف الحدودي من أن يلقي بظلاله على العلاقات الأكبر، على الرغم من أن كل الأدلة التي تشير إلى عكس ذلك.
يشبه ذلك الصدمة التي أصابت زعيم الاستقلال الهندي ورئيس وزرائها جواهر لال نهرو الذي تخيل أن مكانته ومكانة نيودلهي المحورية كزعيمة لحركة عدم الانحياز قد تساهم في إدارة العلاقات المتوترة بين الهند والصين وخاصة فيما يتعلق بالحدود، ولكن الحرب التي اندلعت مع الصين عام 1962ضربت هذا التصور ومعه الكرامة الهندية في مقتل، حتى لو لم تغير الأمر الواقع على الأرض كثيراً، بعدما انسحب الجيش الصيني إثر نهاية الحرب من مساحات في داخل الحدود الهندية، ثم عاد إلى حدود ما قبل اندلاع الحرب.
ومنذ ذلك الوقت كانت الهند تحاول أن تتعامل مع جار أقوى بكثير منها مع محاولة بلورة الانخراط الثنائي بعيداً عن النزاعات. نجح الأمر لفترة، لكن من الواضح أنَّ بكين كان لديها خطط أخرى.
وفي محاولتها لإعادة تعيين خط السيطرة الفعلي لصالحها من جانب واحد هذا العام، انتهى المطاف ببكين إلى تجاهل المبادئ الأساسية لكل الاتفاقيات التي وقَّعتها مع الهند منذ 1993 لإبقاء الأوضاع على الحدود سلمية بين أكبر دولتين في العالم من حيث السكان.
وسيؤدي سلوكها حتماً إلى تغيير مسار العلاقة بين الهند والصين، التي قامت على أساس فهم بأنَّ البلدين يمكنهما المضي قدماً في مجالات المشاركة الأخرى– الدولية والإقليمية والثنائية- حتى في وجود المشاكل الحدودية بدون حل.
لكنَّ هذا المبدأ الأساسي بات اليوم يبدو أنه يتم تقويضه على نحوٍ خطير ويهدد بتغيير كبير في العلاقة بين الهند والصين.
يمكن تفهُّم الحزم الصيني في بعض جوانبه. فطالما كانت الصين هي الطرف المهيمن بطول الحدود، وبإمكانها مواصلة إظهار ادعاء أنها تريد الحفاظ على السلام والهدوء. ففي نهاية المطاف، كان ذلك وفق شروطها.
ولكن يحدث تطور يبدو أنه دفع الصين لتغيير موقفها، إذ تجري عسكرة خط السيطرة الفعلي بوتيرة غير مسبوقة اليوم، جزئياً لأنَّ البنية التحتية الهندية باتت في حالة أفضل بكثير والدوريات الهندية أكثر فعالية بكثير، وبصياغة مُبسَّطة، بات للجيش الهندي الآن حضور في مناطق لم يعتد الجيش الصيني على رؤيته فيها.