سالفة ألها رباط
![](wp-content/uploads/2020/09/IMG-20200910-WA0016-1-scaled.jpg)
سالفة ألها رباط…
بقلم:ماجد الكاتب
حكى لي أحد أصدقائي من العسكريين هذه القصة… يقول:
بعد انتهاء الحرب العراقية الايرانية عام 1988 تم سحب بعض القطعات العسكرية من الجبهة ، لغرض التدريب وأعادة التنظيم ، وتم تحديد أحد مدارس القتال الى لوائنا في احد المحافظات ، لتكون معسكرا لهُ…. وقبل موعد الحركة الى المعسكر الجديد طلب مني آمر اللواء ان اصطحب احد ضباط الركن ، وأذهب معه لغرض أستطلاع المكان الجديد ، والتأكد من صلاحيته ، وتدقيق كافة الأمور الخاصة بالتدريب والأمور الأدارية….. يقول والكلام له أستأذنت آمر اللواء بالذهاب ، وقال توكلوا على الله…..
المكان معروف لدينا ، ولايحتاج الى دلالة ، لكنه بعيد جدا يقول:
تحركنا في الصباح الباكر ، بأتجاه الواجب ، وكان الجو حار جدا حيث كان الصيف في ذروته ،
وبعد المسير لساعات طويلة أصبحنا قريبين من المكان المقصود……
الوقت الان
قارب الساعة الثالثة عصراً ، ولم يبق على وصولنا الى الهدف سوى عبور أحد الجسور ، وفجأةً سمعنا انا وزميلي صوت دوي لم نستطيع أن نميزه ومن باب الاحتياط خففنا سرعة السيارة إذ توقعنا أن أحد الاطارات ، قد تعرض للعطب (بنچر) …… توقفنا على جانب الطريق ، لكن صوت الدوي مستمر ، فتيقنا ان الصوت ليس بسبب الاطار ، وتوقعنا ان الصوت قد يكون من المحرك ………
تم أطفاء المحرك ، لكن صوت الدوي مازال مستمر!!!!
لم تأخذ منا عملية الفحص والتدقيق هذه سوى ثواني معدودة ، يقول : أعدت تشغيل السيارة ، واتجهت نحو الجسر ، الذي يأتي بعده بمسافة قصيرة معسكرنا الجديد.
ونحن في اعلى نقطة من الجسر شاهدنا جمعاً غفير من الناس يمتد على مسافة أكثر من كيلو متر ، وهم يسيرون على الطريق المبلط راجلا وعكس أتجاه السير ، وامامهم سيارة حمل صغيرة (بيك آب) تسير ببطيء شديد ، وهنا اشتد صوت الدوي وأصبحَ أعلى من قبل وأشد رعباً…
تأكدنا أن هذا الصوت المرعب ناتج عن الرمي من الاسلحة التي كان يرمي بها هؤلاء القوم الذين اصبحوا أمامنا……..
أستمرينا بالمسير ، وعبرنا الجسر وأصبحنا وجهاً لوجه مع هذا الجمع الغفير من الناس وأضطررنا ان نخرج من الطريق المبلط ونتوقف على التراب من جانبه الايمن ….
ترجلنا من السيارة ، وبقينا نراقب ما، يحدث ، واذا بعجلة الحمل البيك آب التي كانت تسير أمامهم على مهل تحمل جنازة…. الجنازة وضعت بالعرض في حوض السيارة……
العشرات بل المئات من الناس يسير خلفها ، وكل شخص فيهم
بيده بندقية ، ويرمي ، والبعض الآخر يحمل رشاشات متوسطة….
تيقنا انا وزميلي أنها عملية تشييع جنازة….
قال زميلي: يبدو ان المرحوم شخصية كبيرة جداً……
قلت له: أحتمال المحافظ ، أو شيخ عشيرة!!!!
زميلي قال: أعتقد أنه شيخ عشيرة ، أو رفيق حزبي لو كان المحافظ لرأيت معه سيارات الشرطة والنجدة!!!
قلت له لماذا هذا الجدال دعنا نسأل احدهم…..
– أخوان البقية بحياتكم ، بدون زحمة المرحوم منو؟؟؟؟؟
لم يكلف أحد نفسه بالرد علينا الجميع منشغل بالرمي!!!!!
أنهم
ينظرون لنا بشزر ويشيحون بوجوههم عنا ، ويعودون الى الرمي مرة أخرى….
أما نحن فمتسمرين داخل السيارة ، والجموع من البشر تسير ، والرمي مستمر ، وكلما مرت مجموعة نبادر الى سؤالهم عن المرحوم لكن لا جواب…..
بدأت الجموع تخف شيئاً فشيئاً ، وإذا بأثنين من الشباب توقفوا بالقرب منا لتبديل مخازن العتاد الفارغة بأخرى ممتلئة….
قلت لزميلي هذه فرصة دعنا نسألهم عن هوية المرحوم….
قلت لأحدهم ، وهو منهمك في تبديل مخزن البندقية…..
الله
يساعدك أبن العم
-هلا هلا
-بدون زحمة هاي الجنازة أَلمن؟؟؟؟
التفت الى الشخص الذي كان الى جانبه ، وقال له: أگولك الميت منو؟؟؟
أجابه زميله: والله ما أعرف ، ثم تركونا ، وأستمروا بالمسير ، والرمي بصليات متقطعة من بنادقهم…. وإلى هذه اللحظة لم نعرف المرحوم منو؟؟