بعد مقتل ثمانية أشخاص يوم أمس في نزاع عشائري
![](wp-content/uploads/2022/05/IMG-20220505-WA0058.jpg)
بعد مقتل ثمانية أشخاص يوم أمس في نزاع عشائري
أضحت ظاهرة التناحر العشائري حديثاً وسلوكاً معتاداً ومغالى في أتباعه تحت قاعدة لم تعد تتناسب مع أوضاعنا الحالية وهي “المعروف عرفاً كالمشروط شرطا” التي فسرت وطبقت بشكل مطلق دون تقييد فاصبحت من أخطر ما فرض على مجتمعنا فقد أنطوت تحتها الكثير من الانتهاكات الانسانية ضد النساء والمجتمعات القاطنة بين أجنحة عشائرنا الكريمة ، لا يخلو شهر دون ان يعلن خبر مؤسف عن ضحايا أبرياء نتيجة للنزاعات العشائرية بل طالت تلك النزاعات عددًا من عناصر إنفاذ القانون من رجال الأمن وهذا امر غير مقبول ، وان الباحث على عجالة في امر هذه المشكلة يجدها صعبة الحل لان لا قوة تعلو قوة العرف العشائري والذي يعتبر موازياً لقوة القانون بسبب ما ذكرت من تفسير خاطئ للعلاقة بين المجتمع العشائري والدولة اضافة الى المسافة الشاسعة بينه وبين القانون والنظام العام التي اعتبرها بعض المتنفذين عشائريا ملغية بسبب العصبية لصالح الموروثات القبلية ، ولكن بقليل من البحث والتحليل وجدت ان المجتمع العشائري يقبع تحت نص دستوري مهم ورائع وان الدولة لا يمكن ان تشل حركة أدواتها وتعتبر نفسها في منأى عن ما يحصل بين العشائر بحجة إحترام أعرافها وان موقفها هذا أدى إلى دخول العلاقات العشائرية منطقة خطرة من اللاتفاهمات وتبني ثقافة العنف ، حيث تنص المادة ٤٥/ثانيا من الدستور على (تحرص الدولة على النهوض بالقبائل والعشائر العراقية وتهتم بشؤونها بما ينسجم مع الدين والقانون وتعزز قيمها الانسانية النبيلة وبما يساهم في تطوير المجتمع وتمنع الاعراف العشائرية التي تتنافى مع حقوق الإنسان ) ان هذا النص لا يترك لنا الكثير لنقوله تبريرا لأسباب تفاقم الوضع لدرجة حدوث معارك بين عشيرتين ينتج عنها انتهاكات كبيرة لحقوق الانسان في الأمان على حياته وجسده وكرامته وحريته في التنقل اضافة لما تتضمنه تلك الصراعات من اختراق للقانون والابتعاد عن المبادئ الدينية لعدم الالتزام بالنصوص الشرعية التي تدعو الى التراحم والبنيان المرصوص ولا ضرر ولا ضرار وغيرها من المعاني النبيلة ، ان ما يحصل بعيد عن حقيقة اصل وعراقة عشائرنا الكريمة وهو فتنة دخيلة على عشائرنا بهدف تقويضها وصرفها عن الاهتمام بتعزيز لحمة هذا البلد وبنائه والمساهمة في إعادة اعمار ما هدمته تلك القوى المظلمة التي تزرع الفتنة وتستغل فطرة وبساطة ابنائنا في الريف فتوقع فيما بينهم، ولكم يؤسفني ان أسمع عن وقوع ضحايا من العوائل الآمنة نتيجة لتراشق الرصاص والاسلحة الخفيفة والمتوسطة بين منطقتين عشائريتين ولكن السؤال هل يفعل القانون على كل من حمل السلاح واستخدمه فيحاسب عن جريمة القتل الخطأ على أقل التقدير عند وقوع ضحايا وأليس من المفترض أن يعتبر قتلاً عمداً يحاسب عليه كل من سمح بتحويل منطقة مأهولة الى ساحة حرب ؟ بل ارى ان يحاسبوا عن جريمة الشروع في القتل في حال عدم وقوع ضحايا عن المعركة التي تنشب وتسبب الرعب للآطفال والنساء، وسؤال ثان كيف توفرت الجرأة والامكانية والمساحة لاستخدام أسلحة محضور حملها واستخدامها لغير افراد الجيش ؟ واين الدولة والامن القومي والوطني من هذا ؟ والا تتفقون معي ان في ذلك مساس بهيبة الدولة وقوة فرض القانون ؟ فسؤال اخير ، أين دور رؤساء العشائر؟؟؟؟! ولم لا تمنحهم الدولة الاهتمام والدعم الكافيين؟؟؟؟؟
ليتمكنوا من السيطرة على زمام الامور او تحويل من تجرفه النزاعات منهم الى عنصر إيجابي وساند في فضها ؟ لكم أسفني الخبر الذي نشر مؤخراً عن وفاة رئيس عشيرة برصاص طائش اثناء نزاع عشائري ، وبذلك فان النار المتأججة لم يسلم منها حتى رؤساء العشائر وعليهم ان يأخذوا دورهم الوطني والاجتماعي والانساني والقانوني عرفاً وفقاً للغتهم ويتفقوا على سياسات مواجهة جادة لكل ما يجتاح آمن مناطقهم من تطرف سلوكي او ثورة لجهال لا يحسبون العواقب جيدا .. ثم اختم بعلامة تعجب هذه المرة وانا أشعر بآن الارهاب ينزع جلداً ويضع أخر لأني لا أرى اختلافاً كبيرا ًبين هذه المشكلة وبين الأرهاب فالنتيجة واحدة والمختلف آن من يخل بأمننا هذه المرة هم أبناء بلدنا لأسباب قد لا تكون مهمة بل التعصب من يجعل منها كذلك ويقود بأهله الى ارهاب مجتمعهم.. فكفى غضبا .
رسالتي الى الأمراء الاجلاء ورؤساء القبائل والعشائر لأخذ دورهم الوطني
دكتورة الحقوقية فاتن الحلفي