حوارات مع المبدعين الضيف: د. أحمد الزاهر لكحل– مترجم وباحث في الأدب الأندلسي.


حوارات مع المبدعين
الضيف: د. أحمد الزاهر لكحل– مترجم وباحث في الأدب الأندلسي.
البلد: المملكة المغربية
إعداد وحوار: كمال الحجامي
تزخر المملكة المغربية بالعديد من الشعراء والكتاب والباحثين والفنانين التشكيلين وغيرها من الطاقات الثقافية والعلمية المتعددة. ويعد الدكتور أحمد الزاهر لكحل من رواد البحث والترجمة والكتابة في الأدب الأندلسي حيث درس اللغة الإسبانية في كلية الآداب، جامعة سيدي محمد بن عبد الله بمدينة فاس وبعدها واكب دراسته لشهادة الماجستير في مجال الترجمة بمدرسة الملك فهد العليا للترجمة في تخصص ترجمة عربي -إسباني ليتوج بشهادة الدكتوراه في الأدب الإسباني والترجمة. عمل مترجما فوريا في عدة مؤتمرات ونشرت له مقالات علمية وترجمات داخل وخارج المغرب مثل إسبانيا، العراق، سوريا، السودان، ليبيا، والعديد من دول أمريكا اللاتينية. صدرت له عدة ترجمات منها ترجمة ديوان مقامات وقصائد أندلسية إلى اللغة الإسبانية للشاعر بوجمعة العوفي وأيضا ترجمة المجموعة القصصية مجرد سؤال للأديبة المغربية رشيدة القدميري وترجمة المجموعة القصصية قرية الفراشات للأديبة السورية ميادة مهما سليمان وترجمة السلسلة القصصية للناشئة أيمن ونهى التي تصدرها الرابطة المحمدية للعلماء وغيرها من الإصدارات المتعددة. ويشغل الدكتور أحمد الزاهر عضوا في عدة هيئات دولية أبرزها المعهد العالمي للتجديد العربي…فأهلا وسهلا بالدكتور أحمد الزاهر في حوارنا معه.
- كيف تبسط أعمالك المترجمة وصقلها في مخيلة القارئ الأجنبي في سلاسة السرد وبلاغة للواقع الأدبية المترجم؟
بعد تحديد النص والجمهور المستهدف، أقسمه إلى فقرات صغيرة لتسهيل العمل. أفهم المعنى جيدًا قبل الشروع في الترجمة، وأستخدم عبارات واضحة ومباشرة تناسب لغة القارئ. بعد الانتهاء، أراجع الترجمة بدقة لتضمن خلوها من الأخطاء واحتفاظها بروح النص الأصلي. السر في الترجمة الجيدة هو التبسيط دون تفريط، والدقة دون تعقيد. تكون أغلب الكتابات سواء المترجمة أو غيرها في ثنايا مختبركم الأدبي على المستوى العادي إلى المستوى الدولي. هل لكم اختلاف في تكوين العادي الشخصيات وبعدها عن التقليد والاستنساخ؟
لكي تكون مترجمًا أمينًا، يجب الانطلاق من فهم عميق للنص الأصلي بكل تفاصيله، ثم نقله إلى اللغة الهدف بسلاسة ووضوح، مع الحفاظ على روح الكلام ودقته. يجب كذلك تجنب الإضافات الشخصية أو الحذف إلا للضرورة، مع الحرص على أن تكون الترجمة كالمرآة الصافية تعكس المعنى دون تشويه. من أجل هذا المسعى يجب استخدام لغة طبيعية تناسب سياق النص ونوعه، سواء كان أدبياً أو تقنياً أو غيره.
- كيف تحاكي مشاعر ذائقة الطفل وتجعلها عالقة في ذهنه لكيه تبقى راسخة في عقله عبر ترجمتكم إلى لغة أخرى لمدة طويلة بكل فهم أدراك وعفوية في قصص الأطفال والكتابة لهم بعفوية وسهولة النص القصصي المترجم؟
الأطفال يحبون الكلام الحيوي الذي يلمس خيالهم. من الضروري اختيار كلمات سهلة تتناغم مع قاموسهم اليومي، والحرص على صنع جمل قصيرة تنبض بالحركة. فالمترجم لا ينبغي أن يترجم الكلمات حرفياً بل أن يصنع منها لوحة ملونة يفهمونها بقلوبهم قبل عقولهم. والمترجم الواعي يضيف نغمة موسيقية للجمل، ويستخدم التشبيهات القريبة من عالمهم الصغير. فالطفل يحب أن يشارك في القصة، لذا يجب ترك له مساحات ليسأل أو يتخيل.
- تعد ترجمة الواحة الشعرية في أجناسها المتعددة في الشعر الفصيح أو الشعر العامي الشعبي والفلكلوري ميدانا واسعا في بلاغته وحسن كلامه سواء في القصيدة الفصحى أو العامية (الشعبية)وغيرها من مجالات الأدب بدون تشذيب أو اقصاء بعضا منها في جمالها وبلاغة مفرداتها النصية.
ترجمة الشعر عملية إبداعية تنقل الروح لا الحروف. تحاول إعادة صياغة الصور الموسيقية والعاطفة بلغة جديدة، مع الحفاظ على جوهر القصيدة. توازن بين الأمانة للنص الأصلي وضرورات اللغة الهدف، وتتطلب حساسية شعرية خاصة. أكبر تحدياتها نقل الإيقاع والمجازات الثقافية دون تشويه. بعض المترجمين يفضلون الالتزام بالمعنى، بينما يضحّي آخرون بالحرفية لإنقاذ الموسيقى الشعرية. في النهاية، تظل الترجمة الشعرية “خيانة مخلصة” – خيانة للحروف، لكن إخلاصًا للروح. المترجم الشاعري يعيد صياغة القصيدة كأنها وُلدت بلغته من جديد.
- ماذا يستفاد من إقامة الدورات في مجال الترجمة والكتابة في بعض من الدول العربية التي ذكرتها في حدوده زمنية قصيرة لغرض استيعاب اللغة وصقلها في ذاكرة المتلقي لفترة محدودة؟
دورات الترجمة والكتابة في بعض من الدول العربية ليست مجرد ورشٍ تعليمية، بل مشاغلُ ثقافية تخلقُ حراكاً معرفياً في العالم العربي. تفتحُ أبوابَ المهنةِ للموهوبين، وتُعيدُ للغةِ العربيةِ بهاءَها كلسانٍ حيويٍ قادرٍ على استيعاب العلوم والأدب العالمي. كما تُشكّلُ منصةً لالتقاء الخبرات، حيثُ يتعلمُ المبتدئ من ذوي الخبرة، وينتعشُ سوقُ النشر. الأهم أنها تُذكّينا أن اللغةَ ليست جدراناً، بل جسورٌ – نعبرُ بها إلى آفاقٍ أوسع، ونعرفُ الآخر دون أن نضيعَ في زحامِ العولمة. هذه الدوراتُ استثمارٌ في العقلِ والهوية، وخطوةٌ نحوَ عصرٍ عربيٍّ ينتجُ المعرفةَ بدلاً من استهلاكها. - هل تقف رؤيتك للكتابة عند حدود المدارس السردية المعروفة. وهل لكم بوادر لكتابة وترجمة الرواية سواء كانت قصيرة أو طويلة في واقعها الملموس أو الخيالي إلى الدول الاجنبية الأخرى؟
ترجمة الروايات فنٌّ يجتاز حدود اللغة لينقل العوالم السردية بكل أبعادها. المترجم هنا ليس ناقلاً للأحداث فحسب، بل خياطاً ماهراً يحيك نسيج الثقافة والزمان والمكان بلغة جديدة. أهم تحدياتها نقل الخصوصية الثقافية (كالأمثال والعادات) دون تعقيد، مع الحفاظ على بصمة الأسلوب الفريدة لكل روائي. المترجم الناجح يذوب في النص الأصلي ثم يعيد تشكيله كأنه كُتب بلغة القارئ منذ البداية. فكل حوارٍ يجب أن ينبض بالحياة، وكل وصفٍ يجب أن يلمع بالصور الذهنية ذاتها. الترجمة الروائية الناجحة هي التي تجعل القارئ ينسى أنها مترجمة أصلاً!
ترجمت بعض الأعمال الأدبية لكتاب عرب وأجانب، ولدي مشاريع ترجمية لروايات إسبانية لم تترجم بعد للعربية من بينها رواية لكاتب إسباني تعود للقرن السابع عشر الميلادي.
وأخيرا شاكرا لتواصلكم عبر هذا الحوار الشيق معكم وأنا ممتن من التواصل والحوار مع قامة ثقافية وأدبية ولكم الشكر والامتنان.





