آخر الأخبار
لقاءات وحوارات

حوارات مع المبدعين/ سماح خليفة/ روائيّة وشاعرة وناقدة فلسطينيّة.

حوارات مع المبدعين/ سماح خليفة/ روائيّة وشاعرة وناقدة فلسطينيّة.
حاورها/ كمال الحجامي
سماح خليفة مواليد عام 1978م، حاصلة على درجة الماجستير في الأدب العربي تخصص نقد ثقافي/ بكالوريوس في الأدب العربي/ دبلوم في التأهيل التربوي/ إجازة في ترتيل القرآن الكريم. تعمل لدى وزارة التربية والتعليم، وتكتب في مجال الشعر والرواية والنقد، صدر لها: ديوان “أبجديات أنثى حائرة”، رواية “نطفة سوداء في رحم أبيض”، طوباسيوز (يوميات طفلة الانتفاضة) مجموعة قصصية في أدب السيرة، وكذلك عدد من الكتب النقدية منها:  “أسلوبية التّشكيل الصّوتي وأثره في رباعيات رابعة العدوية”/ “قصيدة الأعشى “أوصلت صرم الحبل من سلمى لطول جنابها” دراسة تحليلية نقدية وفق المنهج الأسطوري”/ “أسطرة الأسطورة في شعر آمال رضوان، ديوان أدموزك وتتعشترين نموذجا”/ “سؤال الهوية وتشظي الذات بين الأنا والآخر، مقاربة تطبيقية في رواية “جنة لم تسقط تفاحتها، لثورة حوامدة”/ “صفقة القرن من البدايات إلى المآلات، دراسة نقدية في ضوء الاستشراق”/ “الأسطورة الأندلسية بين الحب والحرب، ولّادة بنت المستكفي وابن زيدون”/ “نسق الفحل ودوره في ترسيخ الأنثى الثقافية”، كما كتبت  قصصًا للأطفال عن جمعية الزيزفونة: أمل والبحر، أمل والاقصى، عودة أبي.
تنوعت أعمال الروائية والناقدة والباحثة الأكاديمية في مجالات متعددة في مسيرتها الأدبية والثقافية ما بين النشر والمخطوط: مخطوطة ديوان شعر عمودي بعنوان: “وشم على جيد القصيدة”، تأهل في القائمة القصيرة لجائزة موزاييك، دورة الشاعر الكبير (نزار قباني)، كذلك ديوان “غزّة على وتر القلب”، سيصدر قريبًا عن وزارة الثقافة الفلسطينية.
وهي عضو في اتحاد الكتّاب، وعضو في اتحاد المعلمين، وترجمت قصائدها إلى اللغة الإسبانية والإنجليزية، وشاركت في دواوين جماعية، تكتب في العديد من الصحف والمجلات، مثل جريدة القدس، وصحيفة القدس العربي، وصحيفة الرأي، وغيرها، فأهلًا وسهلا بالكاتبة والروائية الفلسطينية، سماح خليفة، في هذا اللقاء الحواري معها عبر الأثير.
“أسلوب المحاكاة يقوم على سلاسة اللغة والتعبير الإدراكي، بهدف تسهيل فهم القصة أو الأنشودة أو المعلومة”، كيف يتحقق هذا الأسلوب عند القاصة أو الكاتبة، خاصة في نصوص الأطفال مثل القصة أو الأنشودة أو المعلومة التعليمية؟
أسلوب المحاكاة في هذا السياق لا يعني التبسيط المخلّ، بل الترجمة الوجدانية لعالم الطفل، الكاتب هنا يحاكي طريقة تفكير الصغير ولغته الداخلية، فينزل بلغته إلى مستوى فهمه لا بمستوى قيمته، سلاسة اللغة هي الجسر الذي يصل النص بعقل الطفل وقلبه، والتعبير الإدراكي هو القدرة على أن تُشعره المعنى وتوصله له قبل أن يفقهه بالعقل، القصة أو الأنشودة الناجحة هي تلك التي لا تُقدَّم كمعلومة جاهزة، بل كتجربة يعيشها الطفل، يسمعها، يتخيلها، ويعيد إنتاجها بلغته الخاصة، وهذا لا يتحقق إلا حين يعي الكاتب أن اللغة ليست أداة نقل، إنّما وسيلة تواصل وجداني ومعرفي، تُصاغ بعفوية مُنضبطة، وبجمالٍ يوازي نقاء الطفولة.
من الواضح أن الشعر، في مضمونه، أصبح لغةً خصبةً للقارئ بمختلف أجناسه وأساليبه. كيف ترين الطريق الأنسب لتقريبه من المتلقي، خاصة في تنوّع أشكاله بين النثري والحر والهايكو؟
لكل جنس أدبي مبدعوه وقراؤه ومتابعوه، وهناك مستويات للكتاب والشعراء من حيث المعجم اللغوي والبلاغي والإبداعي، كما هناك مستويات للقرّاء، وبالنسبة لتطور الأجناس علينا أن نتقبلها جميعها، لأن تطور العصور وتلاقح الثقافات يفرض تطور الأدب وتلاقح الأجناس، وهذا أدى إلى ظهور الهايكو وقصيدة النثر وغيرها، في الوقت ذاته يجب أن نعترف بثقل تراثنا الحضاري الشعري، وأنّ الشعر ليس مجرد ترف فكري، بل سجلّ حضاري ووجداني تمثل في ديوان العرب الشعري الذي هو الأرض الخصبة التي نمت وتطورت عنه مختلف أنواع الشعر فيما بعد.
الرواية في الأدب العربي تمثّل محاكاة متكاملة في فصولها ومشاهدها. كيف توثقين شخصيات تلك الرواية، وتنسجينها داخل مختبرك السردي، لتصبح الأحداث متكاملة ومتسلسلة؟ وكيف تجعلين الحبكة والسرد سلسين وواضحين للقارئ؟
بذور الشخصيات الرئيسيّة في روايتي تكون واقعية حقيقية، من خلال ملاحظة شخصيات في الواقع، وكذلك من تجارب حياتية تلفت نظري، ثمّ تنمو هذه الشخصية بمزيج من الواقع والخيال، وقد أضيفُ إليها جوانب من شخصيات أخرى وأصقلها بالخيال الكافي؛ لأكسبها معنى عام وتصبح نمطًا كبيرًا أو رمزًا لجيل أو شريحة معينة، أما الشخصيات الثانوية بعضها قد تكون بذرتها واقعية، والبعض الآخر يولد في الرواية دون أي تخطيط مسبق، إنما تفرض عمليةَ الخلق هذه السياقُ والمناخ السردي وتطور الأحداث، فضلا عن الرواسب أو المكبوتات النفسية أو خبرات شعورية اكتسبتها، والتي تتسلل إلى الشخصيات لا إراديًا، وتكسبها صراعات نفسية، والشخصية الرئيسية في الرواية هي التي تقود الحدث وتطوره، وهي التي تخلق الشخصيات وتميت أخرى، وهي التي تحزن وتفرح وتتمرد أو تقيد نفسها، كل ذلك يقوده العقل الباطن للشخصية الروائية، الذي يفاجئني أنا ككاتبة، فأضطر أحيانا أن أكبح جماحها لأضع نهاية للرواية وأنهي الكتابة، وإلا تبقى تنمو وتولد أجيالًا وأحداثًا. وبالنسبة للحبكة فلابد من خلق عنصر مفاجأة يظهر في نهاية الرواية، يكسر توقعات القارئ، ويوفر عنصر الإدهاش.
ذكرت في مستهل مسيرتك في دراستك النقدية/أسلوبية التشكيل الصوتي وأثره في رباعيات رابعة العدوية، ماذا تعنيه بهذا المصطلح اللغوي للقارئ في بساطة المعنى وحسن الاختيار بهذا النقد وجماليته للاخرين:
إن المُطّلِع على أشعار رابعة العدويّة يستشف من خلالها مستويات أسلوبيّة غنيّة بالطّاقة الإيحائيّة على الرّغم من الإرث القليل لها، فكان اعتمادي على المنهج الأسلوبي للكشف عن تلك السّمات والعناصر الأسلوبيّة في النّص، ودراسة أثر التّشكيل الصّوتي على أشعارها وذلك من أجل استقراء الظّواهر الصّوتية فيها، وإبراز أهميّة المستوى الصّوتي في كونه يهتم بالبِنى الصّوتية التي تختزن في داخلها الطاقة التّعبيرية والفكريّة والعاطفيّة لدى الشّاعر، والتي تفصح عن مهارة الشّاعر في اختياره للأصوات، وانسجامها مع المعاني المبتغاة في البناء اللغوي والفنّي للقصيدة. أمّا دلالة “رباعيّات” فقد اعتمدتها بناء على تقسيم الأبيات الشعريّة موضوع الدّراسة.
الكتابة في مجالاتها الأدبية المتعددة تمثل جهدًا وبلاغة وارتقاءً في سياحتها اللغوية. هل استطعتِ أن تترجمي بعض نصوصك النقدية أو قصصك القصيرة إلى لغات أخرى، ليطلع الجمهور الخارجي على منجزك السردي ومختبرك البلاغي بسهولة وفهم، ويواكب ما يسعى إليه القارئ الغربي، كما فعل العديد من الكتاب والنقاد في هذا المجال الأدبي؟
لا شك أن الترجمة الأدبية تلعب دورًا مهمًا في بناء جسور ثقافية بين القرّاء والكتاب والمبدعين حول العالم، مما يعزز من تبادل الأفكار والمعارف بين مختلف الحضارات، وهذا يكسب الأدب عمومًا عمقًا وثراءً كبيرًا، كما أن الترجمة تسمح للأعمال الأدبية بالوصول إلى جمهور أوسع كاسرة حواجز اللغة مما يعزز التأثير الثقافي والفكر العربي، ويفسح المجال أمام الباحثين الغرب لدراسة الأعمال الأدبية العربية، وتصحيح الصور النمطية وحماية تراثنا من الاندثار. بالنسبة لي، لم أحظ حقيقة بترجمة أعمالي سوى بضع قصائد إلى اللغة الإسبانية والإنجليزية، وأتمنى أن يحالفني الحظ، مستقبلا، في الترجمة والانتشار بكل تأكيد؛ ليصل إبداعي الشعري والروائي، وفكري النقدي خاصة للجميع.
الشعر يُعدّ لوحة عاكسة وصورة ناطقة في سردها وحسّها ومبتغاها. ما الذي أعددتموه من برامج وإصدارات في المستقبل القريب، سواء في مجال قصص الأطفال أو كتابة الرواية أو غيرها من المجالات الأدبية والثقافية؟
لا يخفى على أحد حجم التحديات والصعوبات التي تواجه الكتاب في نشر أعمالهم، من حيث التكلفة العالية، ومصداقية دور النشر في متابعة العمل في جميع مراحل ما قبل وبعد الطباعة، والنشر والتوزيع وحفظ حقوق الكاتب، في فلسطين خاصة والدول العربية عامة، بالنسبة لي لم أتعامل مع دور النشر منذ ست سنوات تقريبًا، على الرغم من وجود مخطوطين لكل من: الشعر، والرواية، وقصص الأطفال، جاهزة تنتظر الإفراج عنها. وحاليا أكتفي بنشر مقالاتي حتى أتمكن –بإذن الله- من طباعة أعمالي.
وأخيرا شاكرا لتواصلكم عبر الاثير وامتناني وتقديري لكم في هذه الحوارية الشيقة معكم وفقكم ربي وبارك فيكم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى