آخر الأخبار
لقاءات وحوارات

حوارات مع المبدعين

حوارات مع المبدعين
الكاتبة والقاصة والمخرجة: خلود الشاوي حاورها: كمال الحجامي
مرحلة الطفولة ليست مرحلة عابرة، بل هي بذرة إنسان تُزرع بالفن والمنجز الفردي لنشر الجمال بين الأطفال. بهذه العبارة تفتتح الكاتبة والقاصة خلود الشاوي حوارها معنا، مؤكدة أن الفن والتعليم حين يلتقيان يخلقان حياة جديدة داخل الطفل. خلود الشاوي أستاذة اللغة العربية في معهد الفنون الجميلة للبنات، وعضو الاتحاد العام للأدباء في العراق، وعضو منتدى أدب الطفل في البصرة، وعضو الاتحاد الدولي لفناني الدمى (اليونيما). لها أعمال مسرحية عديدة كتبتها وأخرجتها وصممت دماها، من بينها: «يوم في المدرسة»، «عيد الأعياد»، «داني»، «كيس البطاطا»، «الحبل القصير»، و«سلوان». جمعت هذه الأعمال في كتاب واحد بعنوان «يوم في المدرسة»، كما كتبت العديد من القصص التي نُشرت في مجلات عراقية وعربية. وترى الشاوي أن التعليم يمكن أن يتحول إلى إبداع حيّ، فقد بدأت مشوارها عام 2018 بمادة اللغة العربية، وحوّلت منهج أدب الطفل إلى مسرح ينبض بالحياة والفن، مؤكدة أن الطفولة ليست مرحلة مؤقتة، بل هي نواة الجمال التي تُروى بالفن والخيال.
كان لنا معها هذا الحوار الشيق:
1. كيف تصلين إلى المتلقي؟ حين أرسم أو أكتب، لا أبحث عن قارئ عابر، بل عن روح تتنفس الجمال معي. أؤمن أن كل عمل فني يولد وهو يحمل رسالة تبحث عن قلب يسمعها قبل الأذن. أصل إلى المتلقي بخيوط الضوء التي تربطنا جميعاً بالخيال، وبالصدق الذي يتجاوز الألوان والحروف ليصير دفئاً يُلمس لا يُرى. إنني أتعامل مع الفن كرحلة روحية، لا كنتاج فكري فحسب، رحلة تبدأ من دهشة الطفولة ولا تنتهي عند حدود المعنى.
2. كيف تبنين عملك الفني ليستوعبه عقل الطفل؟ في مختبري الصغير، حيث الألوان تتنفس والأفكار تلعب، أضع أمامي قلب الطفل قبل أن أضع القماشة أو القلم. أستلهم من بيئتي تفاصيلها الصغيرة؛ نخلة في البصرة، قطرة ماء من شط العرب، أو ضحكة من فناء مدرسة. أؤمن أن الطفل لا يفهم بالتلقين بل بالإحساس، لذلك أحاول أن أجعل العمل الفني أقرب إلى اللعبة الذهنية الجميلة، يتعلم منها الطفل دون أن يشعر أنه يتعلم، ويستمتع دون أن ينسى.
3. لماذا اخترت الكتابة للطفل رغم صعوبتها؟ الكتابة للطفل ليست نزهة لغوية، بل مسؤولية إنسانية. الطفل قارئ ذكي لا يخدع بسهولة، إنه يريد الصدق مغلفاً بالسحر. أستلهم من “الخلدونية” ومن حكايات الجدات نكهة الحروف الأولى، تلك التي بقيت عالقة في ذاكرتنا رغم مرور السنين. أحاول أن أجعل اللغة عذبة وسلسة، تُشبه صوت الأم حين تحكي، وتبقى في الوجدان كأغنية لا تُنسى.
4. كيف تتبلور لديك فكرة المسرحية أو اللوحة؟ الفكرة تولد همساً… ثم تنمو لتصبح نداءً لا يُسكَت. أحياناً تأتيني من موقف بسيط، من نظرة طفل، أو من مشهد في الشارع، فأبدأ بملاحقتها حتى تتجسد على الخشبة أو في القصة. المسرح عندي ليس عرضاً مؤقتاً، بل حياة تتجلى في لحظة، أحرص أن تصل للمشاهد بصدق وعفوية، لأن الفن إذا فقد عفويته فقد روحه.
5. ما رأيك في السرقات الفنية المنتشرة على الإنترنت؟ السرقات الفنية جرح في ضمير الإبداع. هي لا تسرق عملاً فحسب، بل تسرق روح صاحبه، وتُطفئ جذوة الخلق فيه. الفن لا يُستنسخ، لأنه وليد تجربة إنسانية فريدة، ومن يقلّدك لا يستطيع أن يسكن وجعك أو دهشتك. لذلك لا أُطارد من يسرق الضوء، فالنور الحقيقي لا يُسرق، بل يبقى في صاحبه مهما كثر المقلدون.
6. هل وصلت أعمالك إلى العالمية؟ العالمية ليست مكاناً نصل إليه، بل حالة نبلغها حين نصدق في التعبير عن ذواتنا. وصلت أعمالي إلى عيون كثيرة في الوطن العربي وخارجه، وتلقت إشادات من فنانين وكتّاب من دول عدة، لكن ما يعنيني أكثر هو أن تصل رسالتي إلى قلب طفل واحد، لأن ابتسامته هي أجمل تتويج يمكن أن أناله.
7. ماذا عن مشاريعك القادمة؟ هناك أكثر من حلم يتهيأ للخروج إلى النور، يحمل رسائل محبة وسلام مستوحاة من تجارب الطفولة وذاكرة الأمل.
8. كيف تقيّمين معهد الفنون الجميلة ودوره؟ معهد الفنون الجميلة هو بيت الروح والفكر، فيه تُصقل المواهب وتُغذّى الأحلام. أرى في طالباتي بذوراً لفنانات قادرات على حمل شعلة الجمال بوعي ومسؤولية. هناك أسماء واعدة تبشر بمستقبل مشرق، يحمل ملامح التجدد والاختلاف، وما عليّ إلا أن أفتح لهن النوافذ كي يدخل النور.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى