هل البيئة الاجتماعية تُنتِج أفرادًا أم مواطنين؟


لا يخفى على أحد أن حلم الفرد العراقي اليوم غالبًا ما يتمثل في الحصول على وظيفةٍ حكوميةٍ دائمة بعد إكمال الدراسة الأولية أو العليا، ليؤمّن معيشته ويؤسس أسرةً يعيش بها حياةً اعتيادية خالية من الطموحات البعيدة أو الأهداف المجتمعية الكبرى. ومع مرور الوقت يتحول هذا النمط إلى ثقافةٍ عامة تشجّعها الأنظمة الفاسدة التي تكرّس الجمود وتخشى الإبداع، لأن المواطن المبدع يشكّل تهديدًا لركودها.
نحن بحاجةٍ إلى بيئةٍ تصنع مواطنًا لا فردًا؛ مواطنًا يمتلك روح المبادرة والقدرة على التحليل، يوظف التكنولوجيا والمعرفة لخدمة وطنه ورفع شأنه، ويجعل من الإبداع وسيلةً لنهضة الدين والمجتمع، لا مجرد وسيلةٍ للرزق أو الوجاهة. فالمواطنة الحقيقية لا تُقاس بالحقوق فحسب، بل بالواجبات والعطاء والتضحية في سبيل الإصلاح والبناء.
ومع الأسف، نجد أن من نذروا أنفسهم لخدمة الوطن ولتحقيق الإصلاح السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، كثيرًا ما يُهمَّشون أو يُحارَبون، بل قد يكون مصيرهم السجن أو الإقصاء، لأنهم يواجهون منظومةً لا تؤمن بالإصلاح الحقيقي.
👇👇
الخلاصة:
إنّ المواطن المنتج والمبدع في مجتمعاتنا لا يُكافأ كما يجب، بل يُثبَّط ويُحارَب، حتى من أقرب الناس إليه الذين يوصونه بأن يعيش “مثل الآخرين” وألا يتدخل في الشأن العام. وهنا يكمن مقتل الإبداع وموت الوعي.
إذا أردنا أن ننهض بوطننا فعلينا أن نمنح المواطن المبدع حرية التعبير والفكر، وأن نؤمن بأن التنمية المستدامة لا تقوم إلا على عقولٍ حرّةٍ ومواطنةٍ واعيةٍ قادرةٍ على التغيير.
د. فراس الراوي






