آخر الأخبار
ألمقالات

الإصلاح الغائب: لماذا يتأخر التغيير في مجتمعاتنا؟

سعد محمد الكعبي
عليك أن تتصف بقانون السماء, الحقّ، الرحمة، الصبر، فهي القيم التي تُصلح نفسك أولًا ثم تمتد لتُصلح المجتمع من حولك. فالتغيير يبدأ من الداخل، من صفاء القلب وعدل الفكر، قبل أن يتحول إلى سلوكٍ وإصلاحٍ خارجي.

في كل مجتمع يتحدث الناس عن الإصلاح ويطالبون بالتغيير ويحلمون بمستقبل أفضل لكنّ السؤال الحقيقي الذي يجب أن يُطرح هو هل نحن مستعدون فعلًا لهذا الإصلاح؟
فالإصلاح لا يُولد من فراغ ولا يأتي بقرار فوقي ولا يتحقق بمجرد رغبة فردية هنا أو هناك بل هو نتاج وعي جماعي ورغبة عامة يشترك فيها الناس جميعًا، تُترجم إلى فعلٍ وسلوكٍ وموقفٍ يوميٍّ تجاه الوطن والمجتمع.

التغيير الحقيقي يحتاج إلى نَفَس جماعي إلى إحساس مشترك بالمسؤولية وإلى وعي بأن بقاء الحال على ما هو عليه يعني التراجع والانهيار فحين يفقد المجتمع قدرته على التفاعل الإنساني والإحساس بالآخر ويتحول أفراده إلى جزرٍ معزولة لا تربطهم سوى المصالح الضيقة عندها يموت الحسّ الاجتماعي، ويغيب الفعل الجماعي الذي يُحرّك عجلة الإصلاح.

إن أخطر ما يمكن أن يصيب أي مجتمع هو أن يتعوّد على الخلل وأن يتعامل مع الفساد والظلم بوصفهما أمرين طبيعيين لا يمكن تجاوزهما عندها يصبح الإصلاح مشروعًا مؤجَّلًا إلى أجلٍ غير مسمّى لأن الأرض التي لا تزهر بالوعي لا تُثمر تغييرًا.

في العراق على سبيل المثال يبدو أن طريق الإصلاح لا يزال طويلاً وشاقًّا فغياب الثقة بين المواطن والدولة وتراجع الإحساس بالمسؤولية العامة وتضاؤل العمل الجماعي لحساب المصالح الشخصية الانا.. هذه العوامل تجعل من الإصلاح حلمًا بعيد المنال وإن كان ممكنًا في النهاية، لكنه سيأتي متأخرًا جدًا ما لم تتغير البنية الفكرية والاجتماعية للمجتمع نفسه.

إن التغيير لا يُفرض من الأعلى بل يُصنع من القاعدة، من الناس أنفسهم فحين يدرك الأفراد أن خلاصهم لا يكون إلا بالعمل المشترك وأن مصلحتهم الخاصة لا تنفصل عن المصلحة العامة، حينها فقط تبدأ شرارة الإصلاح بالاشتعال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى