الدكتور عباس علي الأوسي… رحلة علمٍ من ميسان إلى آفاق المعرفة.


الدكتور عباس علي الأوسي… رحلة علمٍ من ميسان إلى آفاق المعرفة.
……………………………………………………….
من أرض ميسان المعطاء، تلك المدينة الجنوبية التي زُرعت في تربتها جذور الحضارة والثقافة، بزغ نجم الدكتور عباس علي الأوسي عام 1954، ليكون واحدًا من أبناء العراق الذين جمعوا بين الأصالة والمعرفة، وسخّروا حياتهم لخدمة اللغة العربية وعلومها. نشأ الأوسي في بيئة تحترم العلم وتجلّ الثقافة، فكان شغوفًا بالكلمة، مولعًا بجمال البيان العربي منذ صغره.
بدأ مشواره العلمي في جامعة بغداد – كلية الآداب، حيث نال شهادة البكالوريوس في اللغة العربية، واضعًا أولى لبنات مسيرته الأكاديمية. ثم واصل دراسته العليا في جامعة البصرة – كلية الآداب، فحصل على الماجستير، قبل أن يتوج جهده العلمي بشهادة الدكتوراه من جامعة بابل – كلية التربية في اللغة العربية، مؤكداً مكانته الأكاديمية بين الباحثين العراقيين.
لم يتوقف عطاؤه عند حدود التدريس الجامعي، بل امتد ليشمل البحث والتأليف. فقد قدّم الدكتور الأوسي مجموعة من المؤلفات التي أثرت المكتبة اللغوية العربية، من أبرزها:
المدارس النحوية، وهو عمل تناول تطور الفكر النحوي ومدارسه عبر العصور.
الإحالة في القرآن الكريم، دراسة عميقة تجمع بين الدرس النحوي والبلاغي في تحليل النص القرآني.
الدرس النحوي في الموصل، وهو جهد توثيقي وعلمي يرصد مسيرة النحو في إحدى أهم الحواضر العلمية العراقية.
كما نشر الأوسي بحوثًا ومقالاتٍ عديدة في المجلات والصحف العراقية، تناولت موضوعات لغوية وأدبية وثقافية متنوعة، عكست عمق معرفته ودقته في البحث والتحليل. وقد تميّز أسلوبه بالمزاوجة بين المنهج العلمي الرصين والرؤية الثقافية الواسعة التي ترى في اللغة العربية كيانًا حيًا يعبر عن هوية الأمة وحضارتها.
بهذه المسيرة الغنية، يظل الدكتور عباس علي الأوسي مثالاً للعالم العراقي الملتزم بالعلم والمعرفة، ولابن ميسان الذي حمل اسم مدينته إلى فضاءات الفكر واللغة، مجسدًا روح الباحث الأصيل الذي يؤمن بأن اللغة ليست فقط أداة للتعبير، بل وعاء للثقافة، وذاكرة للأمة، وجسرٌ يربط بين الماضي والمستقبل.






