العلاقة بين التخصص العلمي في الكليات الإنسانية وقبول الطلبة من الفرعين العلمي والأدبي


بقلم الاستاذ الدكتورعلي عبد الصمد خضير
تُعد الكليات الإنسانية من الركائز الرئيسة في منظومة التعليم العالي، فهي التي تُسهم في بناء الوعي الثقافي والفكري للطلبة، وتعزيز قدراتهم التحليلية والتواصلية، وترسيخ القيم الاجتماعية والمعرفية. وقد شهدت هذه الكليات خلال السنوات الأخيرة تطورًا واضحًا في برامجها الأكاديمية، بهدف مواكبة التحولات الرقمية ومتطلبات سوق العمل المتجددة.
وفي هذا الإطار، يُطرح اليوم توجهٌ علمي وتربوي يدعو إلى إتاحة القبول في عدد من التخصصات الإنسانية أمام طلبة الفرعين العلمي والأدبي، انسجامًا مع طبيعة هذه التخصصات التي تجمع بين الجانب الإنساني والفكري من جهة، والجانب العلمي والتطبيقي من جهة أخرى. فالتخصص العلمي في الكليات الإنسانية — مثل المعلومات وتقنيات المعرفة، والإعلام الرقمي، والجغرافيا، والاتصال المؤسسي والاقتصاد — لا يعني بالضرورة أنه مخصص لخريجي الفرع العلمي فقط، بل يمكن لطلبة الفرع الأدبي الالتحاق به أيضًا، لما يمتلكونه من مهارات فكرية ولغوية يمكن توظيفها في هذه المجالات الحديثة.
ويمثل هذا التوجه رؤية متقدمة نحو تكامل المعارف وتداخلها بما ينسجم مع مفهوم التعليم المتعدد المسارات، الذي يجمع بين الثقافة التقنية والفكر الإنساني. كما يسهم في توسيع قاعدة القبول الجامعي وإتاحة فرص أكثر عدالة أمام الطلبة لاختيار تخصصات تتوافق مع ميولهم وقدراتهم، وتُسهم في إعدادهم لمتطلبات سوق العمل.
وتبرز أهمية هذا الطرح في أنه يعزز من دور الكليات الإنسانية في سد حاجة السوق بخريجين يمتلكون مهارات مزدوجة تجمع بين التحليل والفهم والابتكار التقني، وهو ما يجعلها بيئة أكاديمية قادرة على إنتاج كفاءات نوعية تواكب التحولات التكنولوجية والثقافية.
ومن الجدير بالإشادة هنا بدور وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في دعم هذا التوجه العلمي المرن، الذي يُسهم في تطوير أنماط القبول الجامعي وتحديث سياسات التعليم، بما يضمن التكامل بين الكليات الإنسانية والعلمية ويخدم أهداف التنمية الوطنية.
رسالة إلى الطلبة الجدد:
إنّ اختيار التخصص الجامعي لا ينبغي أن يُبنى على الانتماء لفرع علمي أو أدبي فقط، بل على الطموح والقدرة والاستعداد للإبداع. فالعصر الحديث تجاوز الفصل التقليدي بين التخصصات، ويفتح مجالات رحبة أمام من يمتلك الرغبة في التعلم المستمر والتطور. والكليات الإنسانية اليوم تمثل فضاءً رحبًا للمعرفة والعمل، فكونوا أنتم جيل التكامل بين الفكر والمهارة.