تحليلٌ للهجومِ المشترك للولايات المتحدة وإسرائيل على قطر


سمير باكير يكتب-
إيال زمير، القائد العام لجيش الاحتلال، أعلن قبل عشرة أيام من الهجوم على الدوحة: إن معظم قادة حماس يتواجدون في الخارج، وسنصل إليهم. كما أن نتنياهو قال ذلك مرارًا. إن العملية المؤلمة التي نفذتها حماس قبل يوم واحد من هجوم الاحتلال على الدوحة في القدس، شكّلت ذريعة لتسريع عملية الانتقام ضد قيادة حماس.
تنفيذ عملية النظام ضد الدوحة دون تنسيق مع الولايات المتحدة، بالنظر إلى مكانتها السياسية والأمنية والعسكرية، أمر مستحيل. ولو أن هذا الهجوم نجح؛ لربما كانت إدارة ترامب ستتحمَّل مسؤولية المشاركة فيه.
بِافتراض أنّ حماس كانت على درايةٍ بقرارِ الكيانِ القاضي باستهداف قيادتها، وتلقّت تهديداتٍ متكرّرةً في هذا الشأن؛ فقد اتّخذت إجراءاتٍ احترازيةٍ أمنيّة. وطبقًا للمعلوماتِ المُسَرَّبة، لم يُعقد اجتماعهم في المَكانِ الأوّلِ الذي اجتمعوا فيه، وبوضع الهواتفِ النقالةِ في ذلك المكانِ نُقلوا إلى موقعٍ آخر يبعدُ مئاتِ الأمتارِ لعقدِ الاجتماع. وبذلك نجوا من كارثةٍ كبيرةٍ.
هذا الإجراء العسكري يؤكد مجدداً أن الولايات المتحدة شريكٌ كاملٌ للكيان الصهيوني في جميع حروب المنطقة، من طوفان الأقصى حتى اليوم، ولا يوجد اختلاف في هذا الصدد بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي. والهدف المشترك الآن هو استمرار حرب إبادة في قطاع غزة من خلال إخفاق حركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية.
إنّ إقدام الكيان على مهاجمة الدوحة يؤكّد تكرار سياسة التضليل الأميركي بالتنسيق مع الكيان، وهي سياسة لها سوابق في المفاوضات المتعلّقة بحرب حزب الله والكيان الصهيوني أو في المفاوضات مع الجمهورية الإسلامية بشأن الملف النووي.
بعد هذا الهجوم تُطرح تساؤلات: هل ستستمر الدوحة في استضافة قيادة حماس؟ وهل سيكون هؤلاء القادة واثقين من أمنهم وسلامتهم بعد الآن؟ وهل ستوافق الولايات المتحدة على هذه الاستضافة؟ إنّ الإجابة عن هذه التساؤلات مرتبطةٌ بمحادثات وقف إطلاق النار. ورغم تشدّد لهجة قطر في إدانة عدوان الكيان، إلا أنّ من مصلحتها ألّا تتخلّى عن دور الوساطة، لا سيّما أنّ الولايات المتحدة تسعى لاستمرار هذا الدور في الاستضافة والوساطة.
إنّ استمرار اعتداءات نتنياهو سيجعل قيادة حماس تشعر بأنه لا يوجد أي مكان آمن لها؛ حتى تركيا التي كانت حتى الأمس مكاناً آمناً لهم. إذ لا يوجد أي ضمان بألا تُستهدف مواقع تواجدهم هناك، ولا سيما في ظلّ تضارب المصالح بين تركيا والكيان الصهيوني في سوريا. هذا الحدث يفرض ضغوطاً إضافية على حماس ويُضاف إلى قائمة الضغوط المفروضة عليها في هذه المرحلة.
يُطرح سؤال: هل سيؤدّي هذا الحدث إلى تسريع توقيع اتفاق تبادل الأسرى أم سيؤدّي إلى انهيار المفاوضات؟ والجواب هو أنّ ما تنتظره الولايات المتحدة والكيان من المفاوضات هو استسلام حماس، وهما لا يقبلان بأقلّ من ذلك. ومع ذلك فإنّ موقف حماس هو الاستمرار في الصمود والمقاومة، وكلّ شيء يتعلّق بواقع الميدان الذي ينطوي على تحديات كبيرة. والكيان لا يمانع في مفاوضاتٍ تؤدّي إلى تحقيق أهدافه؛ وفي الوقت نفسه يُصرّ على استمرار الحرب ويرى أنّ الخيار الوحيد هو مواصلة القتال حتى النصر الكامل.
الكيان، من خلال هجومه على الدوحة الذي جرى بدعمٍ من الولايات المتحدة، أراد أن يقول إنّه لا توجد خطوطٌ حمراء أمام تنفيذ أهدافه. ويسعى إلى تقديم صورة دولةٍ إقليميةٍ كبرى تمتدّ يداها بعيداً ولا تكترث بأيّ شيء.
يسعى نتنياهو إلى أن يظهر الكيان كقوةٍ جبّارةٍ لا تُقهَر ولا تكترث بأيّ شيء؛ غير أنّ الواقع مختلف، إذ لم يحقّق الانتصارات التي كان يطمح إليها في الحروب الأخيرة. وفوق ذلك، يُعاني من الانقسامات الداخلية، ومشكلات الجيش، وانهيار صورته الأخلاقية والسياسية في العالم، ولا سيما في الولايات المتحدة.
إنّ إدانة الكيان في الساحتين العربية والإسلامية وكذلك في الساحة الدولية لم تؤثّر في سياسة نتنياهو ولا في مواقفه، ولم تُسهم في تقييد جرائمه وعدوانه. فإنّ نتنياهو يحظى بغطاءٍ سياسي ودعمٍ لازم وشراكةٍ كاملة من إدارة ترامب.