آخر الأخبار
ألمقالات

على قارعة الحاجة يسقط الشرف!!

كتبت : رباب النويري

لي فترة وأنا أتابع برامج الإعلامي القدير الأستاذ تمام عبد الحميد، وكلما شاهدت حلقة من حلقاته التي يستضيف فيها نساء متهمات بالدعارة والبغاء، صدمتني تلك الألسن التي تتقن التبرير،ودور الضحية الذي يتقنّ ادائه، وكأن الكرامة كانت شيئًا ثانويًا، وكأن الشرف يمكن أن يُهدر على مائدة الظروف،كل واحدة منهن كانت تحكي مأساتها على طريقتها، واحدة تقول إنها اضطرت لأنها مديونة، وأخرى لأنها تريد أن تطعم أطفالها، وثالثة لأنها فُرض عليها الخيار بين الموت والدعارة، ورابعة تقول إنها كانت خائفة، كلهن يحملن أعذارًا واهية، وكل ما فيهن يصرخ بأن الكرامة لم تكن يومًا من خياراتهن، وأن الشرف لم يكن ضمن قاموسهن، جميعهن اخترن النجاة على حساب الشرف والكرامة، جميعهن قبلن العيش بلا شرف ولا كرامة بدلًا من الموت ، جميعهن بعن أنفسهن بثمن بخس وظنن أن العذر يكفي لستر العار، في المقابل، هناك امرأة احترقت في سيارتها ورفضت أن تخرج وجسدها مكشوف بعد أن التهمت النيران ملابسها، فضّلت أن تموت محترقة ولا تخرج عارية فيراها الأجانب، وهناك امرأة حامل قاومت حتى النفس الأخير من كان يحاول اغتاصبها، قاومته وهي تعلم أنها أضعف جسدًا، لكنها أقوى عزيمة، فقتلها قبل أن ينال منها، وماتت حرة عفيفة لم يُدنّسها بجسده القذر ، وهنالك الأسيرات اللواتي شوهن وجوههن واجسادهن بالماء المغلي رفضا لأن يُصبحن سبايا، رفضا أن يُبعن في أسواق النخاسة، منهن من قتلت ابنتها حتى لا تُغتصب، وهناك من عملت في الشارع تبيع الماء تحت حر الشمس، لتكسب دينارًا شريفًا، وهناك من بقيت مع زوجها المريض، المعدم، القاسي ، السكير ربما ، تتلقى الضرب ليلا نهارا ، صبرت على الجوع وعلى الذل، لكيلا تتطلق وتضطر لبيع جسدها ، وهناك من عُرض عليها المال مقابل الجسد فاختارت السجن على أن تُباع، هناك من عضّت على جراحها، وهنالك من لم تساوم على كرامتها، وهنالك من وقفت في وجه العوز ورفضت أن تُذل، في حين أن أولئك اللواتي يظهرن على الشاشات يبكين بدموع كاذبة، يتحدثن عن الحاجة وكأنها إذنٌ للانحراف، وكأن الشرف خيار إضافي يُحذف وقت الحاجة، نساء اخترن أن يُسلمن أجسادهن بحجة البقاء، اخترن أن يسلُكن درب الهوان على أن يَمُتن بشرف، نساء بلا عزّة، بلا خجل، بلا أدنى إحساس بالذنب، يُجيدن لعب دور المظلومة بينما هن الظالمات لأنفسهن، لأنوثتهن، ولجميع النساء الشريفات، فما أقسى أن تتحول الدعارة إلى تفصيل إنساني وما أوقح أن يُقدَّم العار مغلفًا بعبارة كنت مضطرة ،الشرف ليس ترفًا، الكرامة ليست وجهة نظر، العرض ليس ملفًا قابلًا للتفاوض،جميعهن كن على يقين أن الموت أفضل من الذل وان الحياة بلا شرف وبلا كرامة لا تستحق العيش.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى