القاضي والمحامي جناحان من أجنحة الحق وتحقيق العدالة


الدكتورة منى محمد فتحي
تعبر عن حقيقة جوهرية في النظام القضائي ، وهي أن العدالة لا يمكن أن تتحقق بمعزل عن دور كل منهما . فكلاهما يكمل الآخر ، ويعملان معًا لضمان سيادة القانون وحماية حقوق الأفراد.
القاضي والمحامي جناحان من أجنحة الحق تجسيدًا دقيقًا للعلاقة التكافلية والضرورية بين هاتين المهنتين في تحقيق العدالة. فالقاضي والمحامي ليسا خصمين في ساحة الصراع ، بل هما شريكان في السعي نحو إحقاق الحق وإرساء مبادئ العدل ، لكل منهما دور محوري لا يكتمل بدونه بناء صرح العدالة .
دور القاضي ، ميزان العدل هو الحَكَم النزيه الذي يتولى مسؤولية الفصل في النزاعات وتطبيق القانون . دوره يتجاوز مجرد سرد المواد القانونية ، فهو يمثل ميزان العدل الذي يوازن بين الحجج والبراهين ، ويتحرى الحقيقة بموضوعية تامة . إنّ قراراته تستند إلى الأدلة المعروضة أمامه ، وإلى فهم عميق للقانون وروح التشريع . يجب أن يتسم القاضي بالحياد التام والنزاهة المطلقة ، وأن يكون ضميره هو مرشده الأول والأخير . فمن خلال سلطته القضائية ، يضمن القاضي حماية الحقوق الأساسية للأفراد ، ويُعلي من شأن سيادة القانون فوق كل اعتبار .
أما دور المحامي ، يأتي دوره كـصوت الحقوق ودرع الحماية للمتقاضين . فالمحامي ليس مجرد ممثل لموكله ، بل هو حارس على الحقوق الدستورية والقانونية ، وداعية للعدالة بشتى صورها . يقوم المحامي بجمع الأدلة ، وتحليل الوقائع ، وتقديم الحجج القانونية التي تدعم موقف موكله ، سواء كان مدعيًا أو مدعى عليه . يسعى المحامي جاهدًا لتوضيح الصورة الكاملة أمام القاضي ، مستخدمًا كل الأدوات القانونية المتاحة لضمان حصول موكله على محاكمة عادلة وإجراءات قانونية سليمة . وجود المحامي يضمن أن يتمتع كل فرد بحقه في الدفاع ، وأن لا يتعرض للظلم أو التجاهل.
لذلك فالتكامل والتعاون ، صرح العدالة وإنّ العلاقة بين القاضي والمحامي هي علاقة تكاملية وليست تنافسية . فالقاضي يعتمد على المحامي لتقديم الحجج والأدلة بشكل منظم وواضح ، مما يساعده على فهم القضية من جميع جوانبها واتخاذ القرار الصحيح . والمحامي بدوره ، يعتمد على القاضي في تطبيق القانون بنزاهة وعدل ، وفي توفير بيئة قضائية تضمن احترام حقوق الجميع .
ومن خلال هذا التعاون ، تتجلى صورة العدالة في أبهى صورها ، القاضي بقراره الذي ينهي النزاع ، والمحامي بدفاعه الذي يكفل حقوق الأطراف . كلاهما يعمل على تحقيق هدف واحد ، إرساء الحق والعدل في المجتمع . فإذا غاب أحدهما أو اختل دوره ، فسوف يختل ميزان العدالة بأكمله ، وسيتعرض صرح القانون للوهن .
في الختام ، يمكن القول إنّ مقولة (القاضي والمحامي جناحان من أجنحة الحق) ليست مجرد عبارة بلاغية ، بل هي حقيقة راسخة تبرز الأهمية القصوى لدور كل من هاتين المهنتين في بناء نظام قضائي قوي وعادل ، نظام يحمي الأفراد ويضمن استقرار المجتمعات.