ظلم مطلوب لا يُترك


🔸️ *ظلم مطلوب لا يُترك*🔸️
■ *الشيخ محمد الربيعي*
مما ورد عن مدرسة اهل البيت اهل النبوة ( ع ) ، حديث عن الامام علي ( ع ) يقسم فيه اصناف الظام ويبين ان الظلم اصناف منها :
ظلم الله ، ظلم النفس ، ظلم العباد والجميل ان الامام علي ( ع ) قد بين اثار ونتائج تلك الاصناف على متمثل بها او جعل من الظلم رداء له او واسطة لتعاملة مع الاخرين …كما هو النص ( الظلم ثلاثة؛ ظلم لا يُغفر، وظلم يُغفر، وظلم مطلوب لا يُترك) .
ولانريد ان نتعرض لصنفين اعلاه ، ولكن محور حديثنا عن الظلم الذي سيكون صاحبه مطلوبا ، ولن يترك من مسؤوليته ابدا ….وهو الصنف الاخير .
♦️[[ واول المعنيين به اصحاب السياسة و السلطة و المناصب ]]♦️
الظلم المطلوب الذي لا يُترك فهو ظلم العباد بعضهم بعضاً”، بأن يظلم الإنسان الإنسان الآخر في مال أو في إحداث ضرر أو جرح أو ما إلى ذلك، فإنّ هذا الظلم لا يتركه الله، بل إنّه تعالى يحاسب عليه ولا يغفره حتى يغفره صاحبه.
وقد ورد في بعض الأحاديث، أن الإنسان يؤتى به يوم القيامة وأعماله مثل الجبال، حتى إن الناس ينبهرون بهذا الحجم من الأعمال الخيريّة، ويأتي أصحاب الحقوق ليطالبوا بحقوقهم وينادون: “يا عدل يا حكيم، احكم بيننا وبين فلان فقد ظلمنا”، فيقول الله: “خذوا حقوقكم من حسناته”، فيبدأ الملائكة يأخذون من حسناته العظيمة ويعطونها لأصحاب الحقوق، ثم يقول الملائكة: “يا ربّنا، لقد فنيت حسناته وطالبوه كثير”، فيقول الله تعالى: “أضيفوا من سيّئاتهم على سيئاته”، ومعنى ذلك أنّ الله تعالى لا يترك حقّ أحد.
وورد في الحديث عن الإمام عليّ (ع): “من ظلم عباد الله ـ ظلم زوجته في حقّها أو العكس، ظلم الأب لأولاده والعكس، ظلم الناس الذين يتعاملون فيما بينهم بأن يأكلوا أموال بعضهم بعضاً بالباطل، أو ظلمهم في الاعتداء على أجسادهم، أو في ظلم المسؤولين لشعوبهم ـ كان الله خصمه دون عباده”، ومن كان الله خصمه، فكيف يمكن أن يكون مصيره؟ وفي حديث الإمام عليّ (ع): “بئس الزاد إلى المعاد، العدوان على العباد”، فالله يأمرنا بالتزوّد من خير الزّاد وهو التقوى، فكيف حال الإنسان الذي يحمل زاده إلى معاده يوم القيامة من خلال ظلم النّاس؟ ويقول (ع) وهو إمام العدالة: “والله، لئن أبيت على حسك السّعدان مسهَّداً، أو أُجرّ في الأغلال مصفَّداً، أحبّ إليّ من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد، وغاصباً لشيء من الحطام، وكيف أظلم أحداً لنفس يُسرع إلى البِلى قفولها، ويطول في الثّرى حلولها؟!”.
ويقول الإمام عليّ (ع): “والله لو أُعطيت الأقاليم السبع ـ السموات ـ بما تحت أفلاكها، على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت”، فكيف بمن يأكلون أموال النّاس بالباطل، ويصادرون أموال الأمّة ويسرقونها، ليصبحوا من أصحاب الملايين وقد كانوا من الفقراء؟
ويقول (ع): “إياك والظلم، فإنّه أكبر المعاصي”. ويقول (ع): “ليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة الله ـ بحيث إنّ الله يعاقبه بإزالة نعمته ـ وتعجيل نقمته من إقامة على الظّلم، فإنّ الله يسمع دعوة المظلومين، وهو للظالمين بالمرصاد”.
ويرد الحديث في هذا المجال عن النبيّ (ص) وهو يتحدّث عن ظلم الضعفاء، كالإنسان الذي يظلم زوجته التي لا سند لها يدافع عنها، أو يظلم ولده الصغير الذي لا يملك أن يدافع عن نفسه، أو يظلم الضّعيف في المجتمع، يقول (ص): “اشتدّ غضب الله على من ظلم من لا يجد ناصراً إلا الله”، وقد ورد عن عليّ (ع): “ظلم الضّعيف أفحش الظلم”. والإمام (ع) يثير مسألة أنّك قد تشعر بالقوَّة؛ قوّة المال أو السلطة أو العشيرة أو الحزب، لأنّك تملك وسائل القوّة، والآخرون من المستضعفين لا يملكونها، فكيف تمنع نفسك إذا دعتك إلى أن تظلم هذا الضّعيف بين يديك؟! يقول (ع): “إذا دعتك القدرة على ظلم النّاس، فاذكر قدرة الله سبحانه على عقوبتك، وذهاب ما أتيت إليهم وبقاءه عليك”.
وقد رأينا الكثير من الظّلمة الذين سرقوا أموال النّاس أو قتلوهم أو جرحوهم، كيف انقلبت الأمور عليهم، {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}، فيوم علينا ويوم لنا، ويوم نُسَاءُ ويوم نُسَّرُ. وفي الحديث عن الإمام الصّادق (ع): “العامل في الظّلم والمعين له والرّاضي بالظلم شركاء ثلاثتهم”.
وقد ورد: “من عذر ظالماً بظلمه، سلَّط الله عليه من يظلمه، فإن دعا لم يستجب له ولم يأجره على ظلامته”، وقد ورد عن رسول الله (ص)، وهي موجَّهة إلى “أزلام” الظالمين والمتحزّبين لهم والمتعصّبين لهم: “من أعان ظالماً على ظلمه، جاء يوم القيامة مكتوب على جبهته: آيس من رحمة الله”. وورد في القرآن الكريم: {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ}.
ولا بدّ لنا أن نقف ضدّ الظالمين والمستكبرين في كلّ أوضاعهم وخطوطهم ومواقعهم، هذا هو خطّ الإسلام الذي لا بدّ للإنسان أن يربي نفسه للسير فيه.
إنّ الله تعالى أراد للعدل أن يشمل العالم كلّه، وأراد للناس أن يعيشوا العدل، وقد أكّد الله تعالى في القرآن أنّ كلّ الرّسالات جاءت من أجل تحقيق العدل في الحياة: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}. ولذلك، فإن معنى أن تكون مسلماً أن تكون عادلاً، عادلاً مع نفسك فلا تظلمها بالمعصية، وعادلاً مع ربّك فلا تظلمه بالشّرك، وعادلاً مع غيرك، وهكذا.
ولا بدّ لنا أن نقف ضدّ الظالمين والمستكبرين في كلّ أوضاعهم وخطوطهم ومواقعهم، هذا هو خطّ الإسلام الذي لا بدّ للإنسان أن يربي نفسه للسير فيه….
اللهم احفظ الاسلام واهله
اللهم احفظ العراق و شعبه