إيران مستعدة ليوم القيامة بشكل كبير..وأمريكا تعلق آمالها على الصليب


رسول حسين
في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية، تبرز إيران من جديد كقوة عسكرية متأهبة لمواجهة ما تسميه “معركة يوم القيامة” ضد مثلث الشر المطلق: الولايات المتحدة، والغرب، والكيان الصهيوني. تعبر هذه المعركة عن طموحات إيران الإقليمية واستراتيجيتها المستقبلية في ظل تهديدات تُعتبر وجودية بالنسبة لنظامها.
استعدادات غير مسبوقة
تُظهر إيران استعدادات ملحوظة لمواجهة هذه التحديات، حيث تشير الأنباء إلى انضمام حوالي ثلاثة ملايين مقاتل، وبشكل سري للغاية، معظمهم ينتمون إلى فصائل استشهادية، إلى صفوف القوات المسلحة. هذه الجيوش التي أتت من مختلف التوجهات السياسية والدينية تعزز قدرة إيران على خوض معركة عسكرية مكثفة ضد أي تهديد خارجي. تعكس هذه الأعداد الكبيرة عقيدة الشعب الإيراني العميقة وتصميمه على الدفاع عن أراضيه ومبادئه.
عقيدة الشعب الإيراني
يمتلك الشعب الإيراني عقيدة راسخة تدور حول مفهوم المقاومة والصمود في وجه الاستكبار. تُركّز هذه العقيدة على النضال ضد الظلم والاحتلال، وهو ما يميز إيران عن أعدائها. وتستند قاعدة الدعم الإيراني على مزيج من الوطنية والدين، حيث يُعتبر الدفاع عن البلاد والمقاومة ضد القوى الخارجية جزءًا لا يتجزأ من الهوية الإيرانية.
حلفاء محور المقاومة
إيران ليست وحدها في هذا الصراع. فحلفاؤها داخل محور المقاومة، بما في ذلك فصائل مثل حزب الله وحركات المقاومة الفلسطينية، يشكلون دعامة أساسية لإستراتيجيتها العسكرية. يعتمد هذا المحور على عقيدة مشتركة تدعو إلى التصدي للهيمنة الغربية ودعم القضايا العادلة في المنطقة. هذه الوحدة في الهدف تمنح إيران مزيدًا من القوة في مواجهة التحديات القادمة، وهي القوة التي يفتقدها محور الشر والاستكبار.
القوة الإعلامية والحرب الناعمة
إلى جانب الاستعدادات العسكرية، تثبت إيران قدرتها على كسب المعارك في الفضاء الإعلامي. تعتمد إيران على استراتيجيات الحرب الناعمة في التعزيز من صورتها، حيث تدير حملات إعلامية تؤكد على روايتها السياسية وتسلط الضوء على مظالم الشعب الإيراني. يمكن اعتبار ذلك من أبرز نقاط القوة التي تتيح لها بناء قاعدة شعبية محلية وإقليمية. تُظهر هذه الديناميكيات أن إيران لا تكتفي بالاستعدادات العسكرية فقط، بل تُدرك أهمية الحروب النفسية والإعلامية في تشكيل الوعي العام سواء محليًا أو دوليًا. وبذلك، تظل إيران على استعداد لمواجهة ما تُطلق عليه “معركة يوم القيامة” بكل ما أوتيت من قوة، محملة بعقيدتها الثابتة وجيوشها المتابعة.
وفي تطور لافت ومحاولة أمريكية خبيثة وماكرة، ظهر وزير الخارجية الأمريكي مؤخرًا مع رمز الصليب على جبينه، وهو تمثيل قد يُفسّر على أنه محاولة لإبراز التوجه الديني كجزء من السياسة الخارجية الأمريكية الجديدة. هذا الإظهار يُعزى إلى استراتيجية أمريكية تهدف إلى توحيد الدول الغربية تحت مظلة الصليب لمواجهة ما يُعتبر “عدو مشترك” ، مما يخلق انطباعًا بأن التحالفات الغربية متماسكة وقوية في مواجهة التحديات.
دلالات الرمزية
هذا الاستخدام للرموز الدينية يُشير إلى محاولة تواصل بين الجانب الأمريكي والدول الغربية عبر قنوات تاريخية وثقافية. ويعكس تحرك واشنطن نحو استدعاء المكونات الدينية لتبرير تدخلاتها في مناطق متعددة من العالم، في استثمار لعامل الدين لتسهيل التوافق حول مواقف معينة.
دليل على الضعف والتراجع
ومع ذلك، يمكن اعتبار هذه الاستراتيجية علامة على الضعف والتراجع في النفوذ الأمريكي. فاستدعاء الدين يعكس الحاجة الملحة إلى إيجاد دعم اجتماعي وسياسي، ما يدل على أن الولايات المتحدة قد تواجه صعوبة في الحفاظ على تحالفاتها التقليدية في غياب قاعدة قوية من الدعم والمصداقية.
تأثيرات على السياسة الخارجية
هذه الخطوة قد تقدّم للبلدان الغربية تفسيرًا بدائيًا عن القضايا العالمية، مما قد يساهم في تقوية النزعات القومية والدينية داخل تلك الدول. هذا التوجه يمكن أن يؤدي إلى تفكك التحالفات التقليدية، فإذا لم تكن هناك أسس مشتركة حقيقية، فقد تتعرض العلاقات الأمريكية مع حلفائها لخطر كبير.
يأتي ظهور وزير الخارجية الأمريكي بصليب على جبينه كتعبير رمزي عن العودة إلى الدين في السياسة الخارجية ليس سوى ألاعيب جديدة قد تكون فشلت قبل أن تبدأ، مما يعبّر عن قلق أمريكي من فقدان القدرة على بناء تحالفات فعالة. إلا أن استخدام الرموز الدينية كأداة للتأثير قد يدل على توجّه ضعيف، حيث يُظهر حاجة ماسة للترويج لعدو مشترك في زمن يتسم بتعقيدات سياسية وجيوسياسية متزايدة. بالتالي، قد تواجه الولايات المتحدة تحديات كبيرة في الحفاظ على توازنها في الساحة الدولية. و إن استعداد إيران ليوم القيامة حسب ما يدعيه البعض، لا يُبشر بالخير بالنسبة لمثلث القوى التي تواجهها، حيث تعكس استعداداتها العسكرية عقيدة صلبة وإيمانًا عميقًا في المقاومة. مع حلفائها الاستراتيجيين وقدرتها الفائقة على كسب النزاعات الإعلامية، تُشكّل إيران قوة لا يُستهان بها على الساحة العالمية، ما يجعل مستقبل المنطقة يحدوه الغموض والتوتر.