امريكا ولعبة الحرب ضد العراق؟ !


امريكا ولعبة الحرب ضد العراق؟ !
بقلم : محمد جواد الدخيلي
(3)
نكمل معكم الجزء الثالث والاخير من مقال حول أمريكا ولعبة الحرب ضد العراق لذا نجد لم يطلق آياة الله الاصوليون، السلاح الحديث والقوي المتوفر بين أيديهم، والمتمثل في القدرة على تنظيم مظاهرات جماهيرية.ان استقرار العراق مستقبلا، رهن باستخدام الأصوليين الشيعة هذا السلاح لإنهاء الاحتلال، او قبولهم الفعلي بمجتمع علماني تعددي.على العكس من ذلك، فإن الأكراد بتاريخهم المليء بالقمع على يد حكومة بغداد، يحثون على نظام فيدرالي، يبقي للحكومة المركزية، فقط، السياسات الخاصة بالدفاع والخارجية والعمليات الإدارية الضخمة، مع القليل من سلطات تتيح لها التدخل في الحكم الذاتي. ويعرف الأكراد الحكم الذاتي بأنه مختلف عن الاستقلال في التفاصيل الدقيقة التي لا ترى بالعين المجردة.من جانب آخر ما زال السنّة يندبون ضياع امتيازاتهم، فمع هيمنتهم على العراق خلال معظم حقب تاريخه، فانهم لا يمتلكون دورا ـ على الأقل حتى الآن ـ في حماية الكيان الجديد الذي اصبح في طور التشكل. وبغض النظر عن حجم التنازلات التي ستجرى أثناء تشكيل الحكومة، فإن ذلك سيؤدي إلى تخفيف عدائهم لها، لا إزالته تماما. لذلك، فقد طرح المكون الشيعي السياسي، خلال النقاش الدائر حول الترتيبات الجديدة، تحدي حدود التعددية، مثلما هي الحال مع الأكراد الذين طرحوا تحدي حدود الفيدرالية، بينما طرح السنّة العرب تحدي المصالحة.ولعل العامل الحاسم بالنسبة للدور الأميركي، هو تأثير مثلنا الديمقراطية في القيم التقليدية السائدة في العراق. فالغاء حال عدم المساواة بالنسبة للمرأة، الذي يأخذ طابعا مؤسساتيا، سيضعنا، على سبيل المثال، في نزاع مع المؤسسات الدينية. لذلك فإن القضية التي ستسود، في نهاية المطاف، هي العلمانية في مواجهة الدولة الدينية. والقوة العلمانية الأساسية في المجتمع العراقي، هي حزب البعث الذي أقصيناه عن الحكم. لذلك فإن العثور على شركاء محليين سيصبح الاختبار الأساسي المطروح أمام الإدارة الأميركية.ستكون للدول المجاورة للعراق أفكارها الخاصة حول هذه العملية. سورية قادرة على العيش مع نظام علماني في عراق نامٍ، لكن ليس مع نظام ديني، ولن تكون متساهلة مع عراق مناصر للغرب. وإيران تخاف بشدة من عراق قوي، وهي ستعارض أن يكون مناصرا للولايات المتحدة. أما بالنسبة لتركيا فهي سترحب بعراق قريب للغرب لكنها لن توافق على عراق فيدرالي.ويبقى السؤال الأساسي المستقبلي المطروح هو، كيف سيتعامل الحلفاء (في الناتو) مع دولة عراقية في طور التشكل: هل سيتوحدون خلف الولايات المتحدة لتحقيق عملية يشارك فيها الجميع، أم يستخدمون قدراتهم في الوصول إلى حكومة العراق المستقلة ليبدؤوا التنافس معنا، من أجل تقليص النفوذ الأميركي في بغداد؟ ام تحاول أوروبا أن تكون الطرف الثاني في الموازنة، أو أن تكون شريكا في صياغة مستقبل العراق والشرق الأوسط؟ هل أوروبا على استعداد للقيام بمساهمة أمنية ومالية تتناسب مع نفوذها المتعزز هناك؟يظل الملف الأمني أساسيا، لكن المرحلة الجديدة قد تسمح بقيام القوات العراقية، وبشكل تدريجي، بمهمات الحفاظ على الأمن، مع استمرار الأميركيين في حراسة الحدود، ومنع التسلل إلى الأراضي العراقية من الخارج، إضافة إلى الوقوف أمام أي هجمات تجري ضد مؤسسات الدولة من وحدات عسكرية كبيرة.وطالما أن عملية تدويل المستقبل السياسي للعراق، ستبدأ في موعد أقصاه 1 يوليو المقبل، فإن من الأفضل، بالنسبة للولايات المتحدة، ان تقودها، منذ الآن، عن طريق إشراك بلدان أكثر في العملية. ويتم ذلك على مرحلتين: الأولى، عن طريق فريق اتصال مع الناتو، لإرساء قاعدة تنظم عمل الحلفاء في العراق.والثانية، بجلب اكبر عدد من الدول تحت مظلة الأمم المتحدة لتعميق علاقة العراق بالمجتمع الدولي.وهذا لا يتطلب تخليا عن السياسة الأميركية الهادفة إلى تحقيق إجماع تعددي بل صياغته مع وجود قيادة قوية. سيكون لدينا صوت أساسي ـ وقد يكون مهيمنا ـ بسبب حجم مساهمتنا العسكرية والمالية مثلما هي الحال في أفغانستان. فنحن تمكنا من تحقيق أهم هدف ويتمثل في إزالة التهديد الذي كان يشكله صدام ، عن طريق تحالف استند إلى البلدان الراغبة في المشاركة بهذه المهمة. ويتطلب ذلك بناء كيان جديد للسلم وقاعدة أوسع مما هو قائم حاليا.