الامام الحسن سمو النفس والكرم الذاتي


🔸️ *الامام الحسن سمو النفس والكرم الذاتي* 🔸️
● *الشيخ محمد الربيعي*
الحديث عن سمو النفس ,سمو النفس صفة من الصفات التي يتحلى بها العملاقة والكبار,سمو النفس ماذا يعني؟! عندما يقال هذا الشخص يملك سمو في نفسه وعلو في نفسه ,سمو النفس عندما نرجع إلى علم الأخلاق ,علم الأخلاق يفسر سمو النفس: بما يبتني على قاعدة فلسفية وهي أن الذاتي لا يتغير والذي يتغير هو العرضي وليس الذاتي.
مثلاً:نحنُ عندما نقارن بين حرارة النار وحرارة الماء ,حرارة النار حرارة ذاتية أي أن النار لا تكتسب الحرارة من غيرها والنار بذاتها حارة,النار بطبعها حارة,هي لا تكتسب الحرارة من شيئاً أخرى,إما الماء يكتسب الحرارة من النار,يأخذ الحرارة من النار,إذاً حرارة الماء (حرارة عرضية) وبينما حرارة النار(حرارة ذاتيه)حرارة الماء حرارة مكتسبة,حرارة النار حرارة غير مكتسبة,لأجل ذلك هناك فرق بين هاذين الدرجتين وهاذين الصفتين:
حرارة النار: لأن حرارتها ذاتيه يعني ليست مكتسبه من شيء أخر هذه الحرارة لا تتغير ,النار لو جعلتها تحت أطنان من الثلج تبقى النار حارة,حرارة النار ذاتية للنار والذاتي لا يتغير.
حرارة الماء: الماء بمجرد أن تعرضه إلى النار يكتسب الحرارة فإذا عرضته إلى عامل مضاد تقل درجة حرارته,إذاً حرارة الماء لأنها حرارة عرضيه فهي قابله للتغير والتبدل وهذا ما نقصده أن(الذاتي)كحرارة النار لا يتغير ,و(العرضي)كحرارة الماء يتغير.
هذا الشيء يأتي حتى في عالم الأخلاق (الخلق الذاتي) لا يتأثر ولا يتغير,و(الخلق المكتسب) قابل لئن يتغير ولئن يتبدل عندما نأتي مثلاً: للكرامة أحساس الإنسان بالكرامة يختلف هل كرامته ذاتيه إما كرامته عرضية؟! مثلاً: شيخ العشيرة(كرامته مكتسبه)من العشيرة نفسها ,كرامة شيخ العشيرة ليست كرامة ذاتية إنما هي كرامة مكتسبة وكرامة مستقاة من العشيرة من المحيط الذي يعيش فيه ,لذلك لو أعتده شخصياً على شيخ العشيرة فإنه يتأثر ويصاب بالإحباط لماذا؟لان يشعر أن كرامته في موضع الاهتزاز ,في موضع النقص,في موضع الإنسلام والخدش, لأنه كرامته ليست ذاتيه وإنما هي مكتسبة لذلك كرامته تخضع للنقص ,وتخضع للجرح وتخضع للإنسلام لذلك يتأثر عندما يخدشه شخصاً,أو يعتدي عليه شخصا أخر .
بينما هناك إنسان(كرامته ذاتيه)وليست مكتسبة كرامته تنبع من فضائله ,تبع من مناقبه ,تنبع من مواهبه التي وهبه الله إياها ,هذا الإنسان الذي يعيش كرامته ذاتيه لا يتأثر بالشتم ولا يتأثر بالاعتداء ولا يتأثر بالتجاوز لأنه يشعر أن كرامته ثابتة لا تتغير قائمة بنفسها ,والقائم بنفسه لا يتغير ولا ينقص بشتم الآخرين,أو اعتداء الآخرين ولا يتأثر بالتجاوز لأنه يشعر أن كرامته ثابتة لا تتغير,قائمة بنفسها والقائم بنفسه لا يتغير ولا ينقص بشتم الآخرين أو اعتداء الآخرين .
لذلك أهل البيت(عليهم السلام)يعيشون(كرامة ذاتيه)والكرامة الذاتية لا تتغير ولا تتبدل لأنها تنبع من الفضائل والمناقب ,لهذا ترى أن هذا الشخص الذي يعيش الكرامة الذاتية شخصاً لا يتأثر بالاعتداء ,ولا يتأثر بالشتم ,ولا يتأثر بالسباب لأنه كرامته ثابتة قائمة بنفسها,الإمام الباقر(عليه السلام):قال له شخصاً يريد أن يثيره يريد أن يحرك عواطفه قال له أنت البقرة؟ قال :لا أنا الباقر, قال:أنت أبن الطباخة ؟قال:تلك حرفتها قال :أنت أبن السوداء البذيئة,قال أن كانت كذلك غفر الله لها وإن لم تكن كذلك غفر الله لك قال تعالى:{وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا},قال تعالى:{ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً}لا يتأثرون لأن كرامتهمفوق هذا التأثر.
الإمام الحسن الزكي (عليه السلام)لأنه يعيش سموا النفس ومن كان يعيش سمو النفس لا يتأثر بالاعتداء أبداً, الإمام الحسن الزكي(عليه السلام): مر عليه رجلاً شامي قال:من هذا؟!قيل:هذا الحسن بن علي فنهال عليه بالسباب والشتم ,والإمام الحسن يستمع إليه إلى أن انتهى من سبابه وشتمه التفت إليه الإمام الحسن قال :يا هذا أظنك غريباً ولعلك اشتبهت فينا فإن كنت طردياً آويناك وأنت كنت جاعاً أشبعناك وأن كنت عطشاً أرويناك فهلا حولت رحلك إلينا ونزلت ضيفاً علينا فإن لنا منزلاً رحبا,وجاهاً عريضة,ومالاً وفيرة فما تمالك الرجل حتى أنكب عليه يقبله ويقول:{اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}فيكم أهل بيت النبوة ,إذاً هذا منبه على أن الإمام الحسن الزكي يعيش سموا النفس والكرامة التي لا تتأثر بالخدش ولا تتأثر بالاعتداء وسُباب أو الشتم.
لب فضائله لكل إمام فضائل ولكن قد تبرز بعض فضائله على بعضاً من أبرز فضائله كرمه حتى لقب(بكريم أهل البيت), الإمام الحسين الزكي(سلام الله عليه) أقبل إليه رجلاً يعول قبيلة طرقه بابه وقال:
لم يخب الآن من رجاك ومن حرَّك من دون بابك iiالحلقه
أنت جواد وأنت iiمعتمد أبوك قد كان قاتل iiالفسقه
لو لا الذي كان من iiأوائلكم كانت علينا السماء iiمنطبقه
أخرج إليه الإمام صرةٌ من الدراهم و الدنانير و قال:
خذها فإنّي إليك معتذر واعلم بأنّي عليك ذو iiشفقه
لو كان في سيرنا الغداة عصا كانت سمانا عليك iiمندفقة
لكنَّ ريب الزمان ذو iiغير والكف منِّي قليلة iiالنفقه
قال له هل سمعت سؤال و عرفت ما أريد قال:
نحن أناس نوالنا خضل يرتع فيه الرجاء و iiالامل
تجود قبل السؤال iiأنفسنا خوفا على ماء وجه من يسل
لو علم البحر فضل iiنائلنا لغاض جدباً وإنه iiخجلُ
عندما نسمع كلمة كريم أهل البيت يتصور الكثير منا أنه كان يغدق أمواله وكان يغدق أملاكه ويغدق ما عنده على الناس من دون حساب ومن دون حدود؟!
لا كريم أهل البيت لأنه ضحى بما هو أعظم من المال ,الإمام الحسن ضحى بشي أعظم من المال ,التضحية بالمال أن تكون شيء سهل لا كثير من الناس ,التضحية بالنفس قد تكون لشيء سهل لذا بعض من الناس ,لكن التضحية بالموقع الاجتماعي أصعب بكثير من التضحية بالأمور الأخرى,الإنسان قد يضحي بماله لا يبالي ,قد يضحي بنفسه إذا عرف أن له أجراً عظيماً يرتجيه عند الله ولكن إذا كان له مقام اجتماعي,مقام عزه ,مقام جلاله ,مقام أكبار بين الناس يضحي بهذا المقام الاجتماعي لأجل الأمة ولأجل المجتمع فهذا أبلغ التضحية ,وهذا أبلغ الكرم ,الإمام الحسن ضحى بموقعه الاجتماعي ,ضحى بذلك الموقع الذي كان تشرئب إليه الرقاب و تنشده الأعناق ضحى به ولم يبالي في سبيل الأمة وفي سبيل حقن دمائها وفي سبيل أصلاح أوضاعها أن الأمر الذي أختلف فيه أنا ومعاوية هو حقاً لي تركته لصلاح الأمة وحقن دمائها وكان متواضع تواضعاً بليغاً .
مر يوماً من الأيام على فقراء يأكلون كسر الخبز قالوا يبني فاطمة تغذى معنا قال:أن الله لا يحب المتكبرين ,نزل من على بغله وجلس معهم على الأرض وصار يأكل من خبزهم ثم لما انتهى دعاهم إلى بيته واكرهم ,وأغدقا عليهم من فيضه وجوده (صلوات الله وسلامه عليه) وكان مهيباً حمل في شخصيته سمات الأنبياء ,وبهاء الملوك,وكان إذا فرش له أيام الصيف الحار على قارعة الطريق امتنع المارة هيبة له وجلاله وهو القائلمن أرد العزة بلا عشيرة وهيبة بلا سلطان فليخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعته).
اللهم احفظ الاسلام واهله
اللهم احفظ العراق واهله