آخر الأخبار
ألمقالات

شهر رمضان بين الماضي والحاضر

كمال الحجامي
قبل اكثر من ثلاثين سنة خلت كان مقدم شهر رمضان المبارك يمثل لنا ذكريات جميلة في طفولتنا الزاهية فهي تعد جملة من اللحظات والافراح السعيدة التي تتوالى وتتعاقب وتبلغ ذروتها صباح أول ايام العيد فقد كانت طلقات البنادق وهي تعلن عن قدوم شهر رمضان وكانها مقدمة موسيقية شجية.ولذلك كانت اصوات الفرح تنبعث من افواه وصدور الاطفال والشباب في كل بيت من بيوت قريتنا (عشاءر حجام) في سوق الشيوخ لتشكل فواصل من الفرح والهتاف بين اصوات البنادق وعياراتها لغرض استقبال شهر رمضان.فاذا انتهى مهرجان طلقات البنادق التي تحسم (ليلة الشك باليقين)تدافعت موجات من مشاعر الحب والصفاء بين افراد العاءلة من الصغار والكبار.ثم تدب الحياة في القرية في بيوتها ومضايفها ودواوينها استعدادا لسحور أول ليلة من ليالي الشهر الفضيل وبالرغم من انه كانت هناك اذاعة الألم حق التبليغ الاول لقدوم شهر رمضان كان متروكا لتلك الطاقات المؤثرة والشجية.وبعد دخول التلفاز بدات حياتنا تاخذ منحا جديدا حيث تراجعت تلك الطقوس عن دورها التقليدي البهيج.ولم يعد صغارنا يترقبونها كما كنا نفعل بالامس.ولم تعد صيحات الفرح التي كانت توحد مشاعرنا تنطلق من حناجر صغارنا كما كان الحال في الماضي.ان الليلة الأولى من شهر رمضان لها طعم اخر يختلف عن كل الليالي التسع سبقتها ولها مذاق آخر ففيها سعادة وافراح غامضة.واتذكر في ذلك الوقت أن للملة أبو كاظم مكانة استمدها من شكله الوسيم الجذاب ولحيته المشذبة داءما والتيه يمتلك سوادها بياضها ومن صوته الجهوري وعن حكاياته العجيبة التي كان الأطفال يتلقون بعضا منها.وكان هذا (الملة)يسكن وسط القرية فيسبقه صوته إلى اطرافها.ويبدا بالنداء على كل باب من ابوابها مستخدما عصاه في طرق تلك الابواب ويعد صوته جزءا من الليلة الأولى من ليالي الشهر الفضيل.لقد قسم اهلنا في القرية العشرة الأولى من شهر رمضان (للقصاب)والعشرة الثانية (للقماش)والعشرة الثالثة (للخياط).وذلك ماكان يحدث فعلا..ففي العشرة الأولى يهتم الناس بما ياكلون من أصناف الطعام أما في العشرة الثانيه فقد كان الاهتمام يتركز على مايلبسون من شراء الاقمشة بشكل رئيس والذي مازلت اذكر كيف كان القماش (الديوانية)و(الجرسي)
و(الكودري) أما الاولاد فكان اصرارهم على أن تكون ثيابهم من القماش الأبيض (الناصع البياض). أما العشرة الأخيرة فكانت تتثاقل علينا بايامها في ترقب لرؤية الهلال الذي يملا قلوبنا بالفرح وتجمعنا عند شيخ عشيرة حجام الشيخ الحاج دايم الحاج حسين الياسر اطال الله بعمره في مضيفه العامر من الأقرباء والأصدقاء في القرية ولست ادري كيف نفشل نحن اليوم في صنع ولو جزء يسير من تلك الفرحة بالرغم من الوفرة التي يتمتع بها الحاضر وعلى كل المستويات في القياس إلى الماضي.كان الصيام في شهر الصيف جهادا دون شك خصوصا لمن هم في سن العاشرة من العمر.واذكر أن (حبوبتي)رحمها الله كانت تخفف علينا بقولها إذا دخل الشهر في الربع (خلص) وابشربقرب الفرح…انتبه اشعر بعظمة ماعشنا من حياة فقد كان الصيام في حياتنا متعة مابعدها متعة

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
أفتح الدردشة
اهلا بك في وكالة الراصد نيوز24
كيف يمكنني مساعدتك؟