آخر الأخبار
ألمقالات

*الصدر الثاني عطاء الحياة والاثر الطيب

🔸️ *الصدر الثاني عطاء الحياة والاثر الطيب* 🔸️
🖋 *الشيخ محمد الربيعي*
يقول المولى عز وجل: «إنا نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مُبين». وكما جاء في التفسير: «نكتبُ ما قدموا في الدنيا من خير وشر، ونكتبُ ما تولّد عن ذلك من آثار، وما تسبّبوا في إيجاده من ذلك في حال حياتهم وبعد وفاتهم، ونكتبُ آثار خُطاهم إلى الطاعة أوالمعصية، فنجزيهم على ذلك، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر».
لذا فإن الأمر خطير يجدر معه بأن يُراجع المرء خطواته، ويوزنها بميزان الخير والشر، ومن الضرورة بمكان أن يُراجع علاقته مع ربه، حتى يستطيع أن يتجنّب كل خطوات الشر، ويُبدلها بخطوات الخير، وأن يجعل حياته كلها إحسان في أثر الخير والإيجابية.
وفي ظل هذه المفاهيم التي يجب أن تتشرب بها نفوسنا ونعمل بها في إحسان الحياة، تتعمق في أذهاننا أهمية العطاء الذي هو أساس بقاء الصورة الذهنية الإيجابية لدى كل من تتعامل معه في مواقف الحياة، وأهمية أن تراجع حساباتك وتُدرك أن «مردنا إلى الله»، وأن الدنيا بسرعتها المُخيفة لا تُمهلك الكثير حتى تُعطي بما تحلم به وتسعى إلى تحقيقه.
علمنا الصدر الثاني في كل يوم تشرق فيه شمسه، ان تحس بانك في أمسّ الحاجة لكي تولد من جديد، و أن تلبس ثوب العطاء بهيئة جديدة تسر الناظرين غير تلك المعتادة. ان تشعر بأن التحدي القادم يدفعك بأن أتقدم عطاءات أفضل من تلك التي مضت.
وأن تسعى إلى رسم عطاءات من جديدة في أيام الحياتك المُتسارعة قبل أن يأتي يوم تتوقف فيه العجلة بلا عودة! عندما تتشرب نفسك مفاهيم العطاء والأثر الإيجابي، فإنك حينها لن تقبل أن تسيّر حياتك بلا أهداف، وتعيش مُنزوياً عن كل شيء، ولا تقبل أن تكون تقليدياً جامداً، بل ستكون الأداة التي تُغيّر وتتفاعل مع الكون. جميل أن تُحسّ بأنك موجود لتكون فاعلاً في كل محطاتك، وأن تكون طاقتك مُباركة في المكان، وتشجّع من حولك للعطاء اللامحدود.
وهذا ما زرعه الصدر الثاني ( قدس سره ) من الاثر الطيب وما اكده بكل ماقدمة من علم وتقوى وهداية للامة حتى بذلك الاثر الطيب كان طاقة الهداية للاجيال جيلا بعد جيل ، حتى بقى خالدة مابقى الدهر .
محل الشاهد :
عندما تقرأ التاريخ ورجاله والتعمق في العطاء والتطوير والإنجاز والتأثير والتغيير في المجتمع أو المحيط الاجتماعي تتفق جميعها على أن العمر لا يقاس بعدد السنوات التي يعيشها الإنسان ولكنه بعدد الأيام التي استطاع أن يغير فيها مجتمعه وأن يكون ذلك التغيير والأثر إيجابيا طبعاً ولصالح إنسان الوطن أو البشرية عموماً.
لقد قرأت وأمعنت النظر في أعمار العظماء وفترات عطائهم ووجدت أن أكثر المغيرين والمطورين في مجتمعاتهم من القيادات والعلماء إلى أقل المراتب هم الأشخاص الذين قضوا الفترة الأقصر في العمل والأكثر من حيث الإنجاز والتغيير والتطوير، وأن كلما زادت فترة الشخص منهم قل عطاؤه ثم غاب ذلك العطاء ثم تحول إلى عطاء سلبي.
إن قياس عمر الإنسان لا يكون إلا بحجم ما قدم من عمل وإنجاز وعطاء لمجتمعه بشكل خاص وللعالم أجمع بشكل عام، وأذكر في هذا السياق ذلك العامل الذي يملك خبرة سنة استمر يعمل بها لأكثر من 40 سنة دون أن يقدم أي تغيير أو تطوير لعمله أو مجتمعه، ومع ذلك نجده كثير التضجر والعتاب على مسؤوليه بعدم ترقيته، ولم يدرك أنه لم يقدم لعمله ومجتمعه أي جديد، وأن كل ما يملكه هو خبرة سنة وكررها لمدة 40 سنة دون تطوير أو تجديد وبناء عليه ووفقاً لنظرية الإنجاز والفترة هو عمره لا يتجاوز بضعة أيام وربما هذا العمر أكله التقادم، ولهذا يمكن أن يقال ولد ومات ولم يقدم شيئا حقيقيا لمجتمعه.
إن طرح مثل هذا الارتباط بين العطاء والعمر والتذكير بأهمية ترك الأثر الإيجابي الذي يتركه الإنسان بعد مغادرته هذه الحياة، وأن هذا الأثر والعمل يكون حافزا وملهما للأجيال القادمة وهذا ما شاهدناه و عرفناه من الشهيد الصدر الثاني قدس سره …
وهناك إضافة إلى ماتقدم ، ما يتركه من فائدة وأثر إيجابي في عقبه من الأبناء والبنات والأحفاد والأسرة، وإذا أخذنا البعد الديني في العطاء فإنه يحقق أجري وخيري الدنيا والآخرة، لأن العمل الإيجابي المستفاد منه يبقى خيره للإنسان بعد وفاته، لقول الخاتم – ص – : ”إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث”.. الحديث. وذكر منها ”علم ينتفع به”، ولهذا أوضح الله – سبحانه وتعالى – عدم فائدة العمل النافع لمن لا يؤمن بالله، كما جاء في سورة الكهف ”(102) ”قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً (103) الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً (104) أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا”، وهذه الآية شارحة ووافية في إيضاح النعمة التي تكون للمبدع والمنجز المسلم الذي يحقق أجري الدنيا والآخرة.
فكل ذلك تعلمته الامة من ذلك الاب و المرجع و المعلم و الاستاذ الشهيد الصدر الثاني قدس سره ، كل ماهو فيه سعادتهم بالدنيا و الاخرة وكان خير مثال للاسوة الحسنة الممتدة من اسوة رسول الله ( ص ) ..
اللهم احفظ الاسلام و المسلمين
اللهم احفظ العراق و شعبه

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
أفتح الدردشة
اهلا بك في وكالة الراصد نيوز24
كيف يمكنني مساعدتك؟