كونوا مهدويين لا محتفلين دون عقيدة


🔸️ *كونوا مهدويين لا محتفلين دون عقيدة* 🔸️
🖋 *الشيخ محمد الربيعي*
قال [الإمام الصادق](عليه السلام): «من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل من أدركه… ولا ريب أنه كلما اشتد الانتظار ازداد صاحبه مقاماً وثواباً عند الله عز وجل…».
وقال الإمام الصادق (ع) في
خصوص انتظار الفرج للإمام المهدي (عج) حيث يقول: «طوبی لشيعة قائمنا، المنتظرين لظهوره في غيبته والمطيعين له في ظهوره، أولئك أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون».
والانتظار يعني: «ترقب ظهور وقيام الدولة القاهرة والسلطنة الظاهرة لمهدي آل محمد (عليهم السلام). وإمتلائها قسطاً وعدلاً وانتصار الدين القويم علی جميع الأديان كما أخبر به الله تعالی نبيه الأكرم ووعده بذلك، بل بشر به جميع الأنبياء والأمم؛ أنه يأتي مثل هذا اليوم الذي لا يعبد فيه غير الله تعالی ولا يبقی من الدين شيء مخفي وراء ستر وحجاب مخافة أحد…».
أن الانتظار لا يكون صادقاً إلا اذا توفرت فيه: «عناصر ثلاثة مقترنة: عقائدية ونفسية وسلوكية ولولاها يبقی للانتظار أي معنی إيماني صحيح سوی التعسف المبني علی المنطق القائل: (فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون…) المنتج لتمني الخير للبشرية من دون أي عمل إيجابي في سبيل ذلك».
من التكاليف المهمة التي أكدتها الأحاديث الشريفة لمؤمني عصر الغيبة هو تمتين الارتباط الوجداني بالمهدي المنتظر والتفاعل العملي مع أهدافه السامية والدفاع عنها والشعور الوجداني العميق بقيادته وهذا هو ما تؤكده أيضاً معظم التكاليف التي تذكرها الأحاديث الشريفة كواجبات للمؤمنين تجاه الإمام مثل الدعاء له بالحفظ والنصرة وتعجيل فرجه وظهوره وكبح أعدائه والتصدق عنه والمواظبة علی زيارته وغير ذلك مما ذكرته الأحاديث الشريفة .
ان الإنتظار هو أفضل أعمال الاُمّة في زمان غيبة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف كما في الحديث الشريف ، ومن المعلوم انّ الإنتظار يستبطن التهيّؤ وإعداد جميع الوسائل والمعدّات لنصرة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف بعد ظهوره.
فلابد أن يأتي المؤمن بجميع الواجبات الإلهيّة ويترك جميع المحرّمات الإلهيّة ويتأدب بالأخلاق والآداب الإسلاميّة لكي يكون مستعدّاً ولائقاً نفسيّاً وروحيّاً لاستبقال الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف والاشتراك مع المؤمنين في نصرته.
كما انّه لابدّ أن يجعل همّه وتفكيره ودعائه ورجاءه وأمله خروج الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف ويلهج بذكره ويدعو لسلامته وقضاء حوائجه ويقدم ذلك على الدعاء لنفسه وأقاربه وان كان الإمام عليه السلام مستغنياً عن دعائنا لكن الدعاء له بالسلامة والعافية إظهار للمحبّة والمودّة له.
وينبغي ان يتصدّق في اوّل النهار واوّل الليل بمبلغ ولو كان يسيراً لسلامة الإمام عليه السلام.
ويحسن إلى شيعته ومحبّيه ويشترك في المجالس التي تقام لإحياء أمر أهل البيت عليهم السلام خصوصاً المجالس الحسينيّة التي يذكر فيها مصائب سيّد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام وغيره من المعصومين عليهم السلام فإن تلك المجالس تكون مورد عناية الإمام المهدي عليه السلام وقد يشترك في بعضها.
محل الشاهد :
إنّ الاقتراب من إمام الزمان ليس بمعنى الاقتراب المكانيّ ولا بمعنى الاقتراب الزماني. فأنتم الّذين تريدون أن تقتربوا من ظهور إمام الزمان، فإن الاقتراب من إمام الزمان ليس له تاريخٌ محدّد كأن يُقال مثلاً، بعد مئة سنة أو خمسين سنة، حتّى نقول أنّنا عبرنا سنةً أو سنتين أو ثلاث سنوات، من هذه الخمسين أو المئة سنة، فيبقى عندئذٍ هذا المقدار من السنوات، كلا، وليس أيضاً بلحاظ المكان حتّى نقول أنّنا تحرّكنا من هنا باتّجاه الشرق أو غرب العالم مثلاً، أو نحو الشمال أو الجنوب، لنرَ أين هو وليّ العصر لنصل إليه. كلا، إنّ اقترابنا من إمام الزمان هو اقترابٌ معنويّ، أي أنّكم في كلّ زمانٍ إذا استطعتم أن تزيدوا من حجم المجتمع الإسلامي كماً ونوعاً إلى خمس سنوات أو عشر سنوات أخرى، أو حتّى مئة سنة أخرى، فإنّ إمام الزمان صلوات الله عليه سيظهر.
لو استطعتم أن تحقّقوا في أنفسكم وفي غيركم، في داخل مجتمعكم – التقوى والفضيلة والأخلاق والتديّن والزهد والقرب المعنوي من الله، وجعلتم قاعدة ظهور وليّ العصر صلوات الله وسلامه عليه أكثر رسوخاً وإحكاماً، وكلّما استطعتم أن تزيدوا باللحاظ الكمّي والمقدار، عدد المسلمين المؤمنين والمخلصين فإنّكم تكونون هنا أيضاً أقرب إلى إمام الزمان وإلى زمن ظهور وليّ العصر. فنحن نستطيع أن نقرّب مجتمعنا وزماننا وتاريخنا خطوةً بخطوة نحو تاريخ ظهور وليّ العصر صلوات الله وسلامه عليه .
ايها الاحبة :
الانتظار يرسخ تعلق الإنسان وارتباطه بربه الكريم وإيمانه العملي بأن الله عز وجل غالب علی أمره وبأنه القادر علی كل شيء والمدبر لأمر خلائقه بحكمته الرحيم بهم، وهذا من الثمار المهمة التي يكمن فيها صلاح الإنسان وطيه لمعارج الكمال، وهو الهدف من معظم أحكام الشريعة وجميع عباداتها وهو أيضاً شر قبولها فلا قيمة لها إذا لم تستد الی هذا الايمان التوحيدي الخال الذي يرسخه الانتظار، وهذا اثر مهم من آثاره الذي تذكره الأحاديث الشريفة نظير قول الإمام الصادق (عليه السلام): «ألا أخبركم بما لا يقبل الله عز وجل من العبادة عملاً إلا به… شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله والاقرار بما أمر الله والولاية لنا والبراءة من أعدائنا – يعني الأئمة خاصة – والتسليم لهم، والورع والاجتهاد والطمأنينة والانتظار للقائم (عليه السلام) …».
وتصريح الأحاديث الشريفة بأن التحلي بالانتظار الحقيقي يؤهل المنتظر – وبالآثار المترتبة عليه المشار اليها آنفاً – للفوز بمقام صحبة الإمام المهدي كما يشير الی ذلك الإمام الصادق في تتمة الحديث المتقدم حيث يقول: «من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر»، وكذلك يجعله يفوز بأجر هذه الصحبة الجهادية وهذا ما يصرح به الصادق (عليه السلام) حيث يقول: «من مات منكم علی هذا الأمر منتظراً له كان كمن كان في فسطاط القائم (عليه السلام)…»، ويفوز أيضاً بأجر الشهيد كما يقول الإمام علي (عليه السلام): «الآخذ بأمرنا معنا غداً في حظيرة القدس والمنتظر لأمرنا كالمتشحط بدمه في سبيل الله»، بل ويفوز بأعلی مراتب الشهداء المجاهدين، يقول الصادق (عليه السلام): «من مات منكم وهو منتظر لهذا الأمر كمن كان مع القائم في فسطاطه؛ قال الراوي: ثم مكث هنيئة، ثم قال: لا بل كمن قارع معه بسيفه، ثم قال: لا والله إلا كمن استشهد مع رسول الله (صلی الله عليه وآله)».
اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الحُجَّةِ بْنِ الحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِه فِي هذِهِ السّاعَةِ وَفِي كُلِّ ساعةٍ وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَلِيلاً وَعَيْناً حَتّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فِيْها طَوِيلاً.
اللهم احفظ الاسلام واهله
اللهم احفظ العراق و شعبه