قائد عادل في زمن الفتن


قائد عادل في زمن الفتن
للكاتبة الاعلامية د.مها محمد الزركاني
الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) هو أعظم القادة في تاريخ الإسلام، وُلد في مكة المكرمة في 13 رجب عام 600م، عُرف بسماته القيادية الفريدة، وتميز بالحكمة والعدل والشجاعة وعاش في زمن اتسم بالفتن والصراعات، لكن رغم ذلك استطاع أن يكون رمزًا للعدالة والمساواة في ظل تلك الظروف المضطربة.
عاش في فترة عصيبة في تاريخ الأمة الإسلامية، حيث شهدت خلافة عثمان بن عفان العديد من الاضطرابات السياسية والاجتماعية التي أدت إلى اندلاع الفتن والحروب الداخلية وبعد مقتل الخليفة عثمان، تولى الإمام علي الخلافة في وقت كان فيه المجتمع الإسلامي مهددًا بالتقسيم والانقسام فلم يكن الأمر سهلاً ، وواجه الامام تحديات كبيرة من بعض الصحابة الذين اعترضوا على خلافته، واندلعت معركة الجمل ثم تبعتها معركة صفين ورغم هذه الفتن الكبيرة، كان الإمام يحاول جاهداً الحفاظ على وحدة الأمة وتجنب تدميرها .
كانت العدالة أساس حكمه حيث يوليها أولوية في سسياسته وفي خطبه العديدة في “نهج البلاغة”، وكان يرفض تفضيل أي شخص على آخر بناء على المال أو المنصب، ويعامل الجميع بمساواة تامة ويسعى لتوفير حقوق الفقراء والمحتاجين، وكان سلام الله عليه يولي اهتمامًا كبيرًا بحقوق النساء والأقليات في المجتمع وفي أحد خطاباته الشهيرة، قال : “الناس عبيد الدنيا، فإذا مُحِصوا بالبلاء قلَّ الديانون”، مما يعكس كيف كان الإمام علي يدرك أن الناس لا يظهرون إيمانهم وصدقهم إلا في الأوقات الصعبة فقد كان دائمًا يسعى لتحقيق العدالة، سواء في الحرب أو في السلم.
واما في السياسة والقيادة والمعارك التي خاضها، فكان الإمام نموذجًا للقيادة الحكيمة التي توازن بين الشجاعة والرحمة على الرغم من العنف الذي رافق تلك المعارك، ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية ، ومنها الفتن التي نشأت بين المسلمين أنفسهم، والتهديدات من قبل الإمبراطوريات الأجنبية وكان يؤكد دائمًا على ضرورة تجنب إراقة الدماء قدر الإمكان، ويحث على التفاوض والتوصل إلى حلول سلمية ومن أهم أولوياته مكافحة الفساد وتعزيز الإصلاح الاجتماعي والسياسي ويعتبر أن من واجب الحاكم أن يراقب أداء الموظفين والقادة السياسيين ويحاسبهم إذا أساءوا استخدام سلطاتهم ففي عهده كان هناك قوانين صارمة لمكافحة الفساد، وكان يسعى دائمًا لتحسين مستوى حياة الناس، خاصة في مجالات التعليم والصحة
وبالرغم من أن الامام ترك إرثًا سياسيًا وفكريًا كبيرًا في تاريخ الإسلام كان له مواقف عادلة في وقت الفتن، وحكمته في التعامل مع المشاكل السياسية، جعلت منه قائدًا يحتذى به أصبح الإمام علي (ع) نموذجًا يُدرس في القيادة الحكيمة والعدالة في فترات الاضطرابات لانه لم يكن مجرد قائد عسكري، بل كان رمزًا للقيم الإسلامية الأصيلة التي ترفض الظلم وتطالب بالعدالة والمساواة إرثه السياسي يبقى حياً إلى يومنا هذا، ويستمر في إلهام الأجيال القادمة في كيفية مواجهة التحديات السياسية والاجتماعية بحكمة وعدالة.