آخر الأخبار
ألمقالات

إلى من تشتكي حبة القمح والقاضي دجاجة ” ؟

كتب رياض الفرطوسي
في عالم يعج بالمفارقات والظلم، يأتي هذا المثل الشعبي ليجسد صورة بليغة لغياب العدالة وانحياز المسؤول إلى طرف دون الآخر، لا لشيء سوى ارتباط مصلحته الخاصة بالقضية. “إلى من تشتكي حبة القمح والقاضي دجاجة؟” هو أكثر من مجرد كلمات؛ إنه تساؤل يحمل في طياته مرارة الواقع حين تصبح العدالة في مهب المصالح الشخصية . يصور المثل حالة من الظلم الجلي، حيث تكون “حبة القمح” رمزاً للمظلوم الضعيف الذي لا حول له ولا قوة، بينما “الدجاجة” تمثل المسؤول الذي لا يستطيع التخلي عن مصلحته، لأنه مستفيد بشكل مباشر من الظلم. إنه تصوير ساخر لحالة من التناقض بين الدور المفترض للقاضي او المسؤول كرمز للعدل، وبين تصرفاته حين تكون مصالحه الشخصية في المقدمة . المثل ليس مجرد حكاية قديمة، بل هو انعكاس لواقع مستمر في مختلف المجالات :
اولا . في القضاء: عندما يكون القاضي أو المحكم منحازاً بسبب الرشاوى أو الضغوط السياسية.
ثانيا . في السياسة: عندما تتحكم المصالح الشخصية أو الحزبية في قرارات تُفترض فيها العدالة .
ثالثا . في الحياة الاجتماعية: عندما يُطلب من شخص قريب أو متحيز أن يحكم بين طرفين، فيصبح الإنصاف مستحيلاً.
في كل هذه الأمثلة، نجد المظلوم حائراً، بلا منبر ينصفه، لأن من بيده الحكم لديه مصلحة مباشرة في استمرار الظلم . يحمل المثل رسالة تحذيرية واضحة: العدالة لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كانت بيد من لا تربطه أي مصلحة بالقضية. النزاهة والاستقلالية هما أساس العدالة، سواء في القضاء، السياسة، أو الحياة اليومية. إنها دعوة للتفكير في أهمية وضع الأنظمة والقوانين التي تمنع تضارب المصالح، وتضمن أن يبقى القاضي أو المسؤول محايداً تماماً، غير متأثر بأي منفعة شخصية . غياب العدالة لا يُضعف ثقة الأفراد في النظام فحسب، بل يُهدد استقرار المجتمعات بأكملها. فالقضاء العادل هو صمام الأمان الذي يحمي الحقوق ويصون كرامة الإنسان. إذا تهاوت ثقة الناس بمنظومة العدالة، فإن ذلك يُشعل فتيل الفوضى ويُعمق الإحساس بالظلم . “إلى من تشتكي حبة القمح والقاضي دجاجة؟” هو سؤال يحمل مرارة الواقع لكنه في الوقت ذاته دعوة إلى التفكير والعمل على تعزيز العدالة في مجتمعاتنا. العدالة ليست مجرد شعارات، بل هي مسؤولية تستوجب أن يكون من بيده الحكم بعيداً عن كل مغريات المصالح الشخصية. فهي ليست رفاهية، بل أساس تقوم عليه المجتمعات الناجحة والمستقرة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
أفتح الدردشة
اهلا
كيف يمكنني مساعدتك؟