آخر الأخبار
ألمقالات

سفينة العراق: هل ما زالت تطفو؟

كتب رياض الفرطوسي
في خضم واقع يزداد تعقيداً وصعوبة يوماً بعد يوم، تتوالى الأسئلة الموجعة عن مصير العملية السياسية في العراق. هل ما زالت هذه السفينة، المثقلة بالأزمات، تطفو على سطح الماء؟ أم أنها بدأت تتآكل والماء يتسرب إليها تدريجياً؟ هذه التساؤلات ليست مجرد كلمات تُقال، بل هي صرخات تنبع من أعماق الألم والمعاناة اليومية. أسئلة نوجهها إلى زعماء العراق، وإلى أبنائهم، وقصورهم، وكهربائهم، وحراسهم، وكراسيهم، وكل ما يمثل امتيازاتهم. أسئلة تحمل في طياتها الغضب واليأس، لكنها تحمل أيضًا بقايا الأمل في تغيير قد يأتي من صحوة ما . هذه الأسئلة تُرفع من قلب المعاناة، من مشافٍ رديئة لا تليق بكرامة الإنسان، ومن كوابيس يومية تتجدد مع كل صباح. تُرفع من شوارع غارقة بالأمطار التي تحول المدن إلى بحيرات آسنة، ومن طرق مزدحمة ومسدودة تعكس عجز البنية التحتية عن تلبية أبسط احتياجات الحياة. تُرفع من بيانات حكومية بائسة ومكررة، ومن شعارات مستهلكة لا تسمن ولا تغني من جوع . إن المشهد العام يشهد تآكلًا مستمراً للقيم وضياعاً للمفاهيم. تسود حالة من اختلاط المعايير، حيث أصبح النفاق والوشاية أدوات للبقاء، وتفشت ثقافة التزوير والاحتيال في مختلف مناحي الحياة. يعاني الناس من قلق وخوف مزمن، وأفكار مكبلة لا تجد متنفساً، في ظل نظام يعاقب الجرأة ويكافئ الصمت . في مواجهة هذا الواقع، تزداد مشاعر الحنين إلى الماضي، ليس حباً فيه، بل هروباً من الحاضر الذي يعجز عن تحقيق الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية. بين الذل والصبر، وبين الانتقام والنهب، تبرز آمال متعفنة تنتظر من ينتشلها، لكن دون أفق واضح أو خطة عملية تُعيد بناء الثقة بين الشعب وقادته إذا استمرت السفينة في هذا المسار، فالسؤال الأكبر ليس ما إذا كانت ستغرق، بل متى وكيف. الغرق في هذه الحالة ليس مادياً فقط، بل معنوياً أيضاً، حيث يفقد المواطن إيمانه بكل شيء، ويصبح الانتظار القاتل هو الخيار الوحيد . هذه التساؤلات ليست موجهة للشارع فقط، بل للقادة الذين يجب أن يدركوا أن الماء بدأ يتسرب إلى السفينة. عليهم أن يختاروا بين أن يكونوا قبطاناً ينقذ السفينة، أو أن يستمروا في الإنكار حتى تغرق بمن فيها . إن سفينة العراق لا تحتاج فقط إلى من يوجهها، بل إلى من يعيد بناءها. إعادة البناء تبدأ بالاعتراف بالأخطاء، وإطلاق مشروع وطني حقيقي يعيد الثقة للشعب ويضع البلاد على طريق التعافي. فالأمل قد يكون ضئيلًا، لكنه لا يزال قائماً في النفوس التي لم تتوقف عن الحلم بوطن أفضل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
أفتح الدردشة
اهلا
كيف يمكنني مساعدتك؟