التعداد السكاني خطوة نحو المستقبل
كتب رياض الفرطوسي
يُعد التعداد السكاني أداة أساسية لتقييم واقع السكان وتوجيه السياسات التنموية في أي دولة. وفي العراق، تستعد البلاد لإجراء أول تعداد عام وشامل للسكان منذ 37 عاما، باستخدام تقنيات حديثة. من المقرر أن يتم هذا التعداد يومي 20 و21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، ليصبح التعداد العاشر في تاريخ العراق الحديث . التعداد السكاني ليس مجرد عملية إحصائية لجمع الأرقام، بل هو مشروع وطني يرسم صورة شاملة للمجتمع. يتيح التعداد تحديد توزيع السكان وفقا للجنس، العمر، الديانة، الحالة الاقتصادية، والصحية. كما يقدم بيانات مهمة عن أوضاع السكن، مثل ملكيته أو استئجاره، ومدى توفر البنية التحتية والخدمات . من خلال هذا التعداد، تسعى الحكومة العراقية إلى تحقيق أهداف استراتيجية تتضمن :
اولا . تحسين التخطيط التنموي : توفير بيانات دقيقة لصناع القرار لتطوير خطط التنمية
ثانيا . تشخيص الوضع المعيشي: تسليط الضوء على المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، مثل البطالة، التي يعاني منها أغلبية الشباب
ثالثا . تطوير البنية التحتية : توجيه الاستثمارات نحو تحسين الخدمات العامة، مثل الكهرباء، التي ما زالت تواجه تحديات كبيرة رغم وجود أكثر من 200 ألف موظف في القطاع .
رابعا. دعم الاقتصاد الوطني: تعزيز السياسات الاقتصادية من خلال فهم أوضح لنسبة العاملين في القطاعات المختلفة
على الرغم من أهمية هذا التعداد، إلا أنه يواجه مجموعة من التحديات :
النزوح والتهجير : مع وجود أعداد كبيرة من النازحين والمهجرين بسبب الأزمات الأمنية والسياسية، تُطرح تساؤلات حول كيفية إدراجهم ضمن عملية التعداد .
عراقيون في الخارج : هناك حاجة إلى خطط فعالة لإحصاء المغتربين العراقيين، إذ إنهم جزء مهم من التركيبة السكانية البنية التحتية : نجاح التعداد يعتمد على وجود بنية تحتية قوية، خاصة مع تنفيذ التعداد لأول مرة بشكل إلكتروني.
شهد العراق عدة تعدادات سكانية منذ عام 1920، عندما أجرت الإدارة البريطانية أول تعداد. وبينما أُلغيت نتائج التعداد الثاني في 1927 بسبب الأخطاء، نجح تعداد عام 1947 بشكل كبير، مما دفع المملكة العراقية حينها لإقرار قانون ينص على إجراء تعداد كل 10 سنوات .
فيما يلي أبرز المحطات في تاريخ التعدادات السكانية في العراق :
اولا. 1920 : أول تعداد تحت الإدارة البريطانية
ثانيا . 1934: لاغراض الانتخابات
ثالثا. 1957: اخر تعداد ملكي
رابعا . 1987 : اخر تعداد شامل شمل جميع المحافظات
خامسا. 1997 : تعداد لم شمل محافظات اقليم كردستان
وفقاً لوثيقة من عام 1919، كان عدد سكان العراق حوالي 2.9 مليون نسمة. أما في عام 2021، فقد بلغ العدد حوالي 41 مليون نسمة، مما يعكس زيادة سكانية هائلة بلغت 39 مليون نسمة خلال 103 أعوام .
يعتبر تعداد 2024 فرصة وطنية فريدة لتحديد احتياجات المجتمع وتوجيه الموارد بشكل أفضل. هل سيتمكن العراق من الاستفادة من هذا الحدث لرسم خارطة تنموية شاملة وتحسين أوضاع السكان؟ الإجابة تكمن في مدى نجاح العملية، وشفافيتها، وقدرتها على معالجة التحديات الراهنة، وتحقيق رؤية عراق مستقر ومزدهر .