فلسفة الحوار. بين قانون الجدلية وبين القوانين الهامشية
فلسفة الحوار. بين قانون الجدلية وبين القوانين الهامشية.
بقلم عبدالله ابراهيم.
لم يستطع ولن يستطيع أي إنسان في العالم بناء قوانين ثابتة بمفهوم شامل لأن القوانين الثابتة هي قوانين خالق هذا الكون ويجب على الإنسان أن يصل إلى مستوى معرفي حقيقي فيما يتعلق بصلته بالكون لأن الأمر لا يقتصر على صلة الإنسان فقط بالكرة الأرضية والشمس والقمر والنجوم .لقد كتب الإنسان التاريخ من خلال حقائق وايضا من خلال نظرة خيالية وكان ذلك مزيج بين واقع حدث وبين خيال لم يحدث .اما الحدث الذي اقترن بالواقع فله دلالات علمية واما الخيال فليس له دلالات علمية أو منطقية لكن المعضلة التي مر بها الإنسان والتي لا يزال يمر بها هي وجود هذا المزيج بين الحقيقة والخيال .مما تسبب ذلك في اختراق سطحية الإنسان ورسخ مبادئ غير صحيحة في العقلية الإنسانية . ولو تعمقنا وغصنا في التاريخ لوجدنا أن هنالك اختلافات كثيرة وتناقضات فيما يتعلق بالتدوين .قد يبدو لك احيانا أن الشيء لا بد وأن يفصح عن حقيقته مهما تم تزويره أو تغليفه وهذا صحيح ولكن لا يمكن إدراك ذلك الا بالتفاعل العقلاني بين الإنسان والشيء .حيث أن العقل البشري لديه الجهوزية الكاملة لفصل الحقيقة عن الخيال ومن ثم ترسيخ المفاهيم الحقيقية للشيء .وهذا يتطلب ابداع فكري و وجود حوار بناء وشفاف بين الإنسان ونفسه من جهة وبين الإنسان والإنسان من جهة أخرى اي بمعنى ادق أن يحاور الإنسان نفسه على أسس عقلانية ثم يخرج بنتيجة معرفية فينتقل إلى مرحلة توسيع دائرة وجوده عبر حوار جماعي يقوم على اثبات حقيقة الشيء. ……..هنالك أحداث قد تحدث عنها الفلاسفة والمؤرخين عبر العصور وهذه الأحداث قد تم البناء عليها دون تتبع الحقائق وكما أسلفت أن العقل البشري يمكن أن يفصل بين الأشياء ولديه الجهوزية لبناء أرضية معرفية وكذلك لديه القدرة على إسقاط الخيال أو المادة الوهمية التي تسللت إلى ذهنه من خلال قراءة المفاهيم المغلوطة وتخزينها كمتسبات .انها مسألة وقت فيه يستطيع الإنسان أن يصل إلى الحقيقة تلك الحقيقة التي خرجت من رحم الكتب السماوية وكان آخر كتاب هو القرآن الكريم والذي شرح فيه خالق هذا الكون كل شيء ولم يترك كبيرة ولا صغيرة الا وتحدث عنها …….كل شيء وله نقيضه فلو تفكر الإنسان ونظر إلى الكون من خلال كتاب الله لوجد أن قانون الكون هو ابسط بكثير مما يتصور .لقد خلق الله الكون ومن ضمن هذا الكون الكرة الأرضية .نحن بني ادم نخضع لقانون الكرة الأرضية ولكن هنالك ما هو أكبر من الكرة الأرضية بملايين المرات متمثلا في الكواكب والمجرات .فما علاقة الإنسان بالكواكب الأخرى ؟ هنالك الشمس القمر والنجوم وهذه الكواكب من الواضح أننا كبشر على علاقة وطيدة معها ولكن وماذا عن الكواكب الأخرى ؟ من وجهة نظري أن الإنسان له علاقة في الكون كاملا وليس مجزءا لكن هذه العلاقة غير مكتشف معالمها لحتى الآن ولم يصل العقل البشري لكشف حقيقة هذه العلاقة فإذا كانت الغاية من وجود الكون هي الربط بين الإنسان والكون فلا بد وأن أخرج بنتيجة منطقية أن العلاقة مستمرة بين كل مكونات الكون .اما فيما يتعلق بالتناقضات فكما نعلم جميعا أن لكل شيء نقيض يجب علينا أن نحاور انفسنا حوارا عميق ونربط بين الخيوط لنصل إلى معرفة لأن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان بعقل جبار وهذا العقل يجب أن يكون له دور والا لم بخلقه الله بهذه القدرات .بمعنى آخر أن العقل البشري لا بد وأن يصل يوما ما إلى ما هو أبعد من ما وصل إليه …
اما بالنسبة للقوانين الهامشية …..هذه القوانين هي التي عطلت المسعى الإنساني وخلقت له علل كثيرة .وعلى سبيل المثال هنالك قوانين ثابتة وصحيحة وهذه القوانين هي مدونة في دستور خالق هذا الكون في القرآن ولكن اعتقد ان الإنسان عمل بها منذ النشأة وخضع لها طوعا أو كرها قبل آلاف السنين و كلما ابتدع الإنسان قانون هامشي خارج عن منظومة القوانين الربانية كلما اصطدم بالعلل وخلق لنفسه هامش ضيق يعيده إلى الوراء وهذا ما حدث وهذا ما يحدث ومن هنا تأخر الإنسان في ممارسة إنسانيته المطلوبة والتي يجب أن تكون مغايره لما هي عليها الآن .من وجهة نظري أن الحوار هو مفتاح بوابة الحل وأقصد بالحوار أن يحاور الإنسان نفسه بعيدا عن الهوامش وان يعمل على تفكيك شيفرات الشيء بطريقة منطقية و واقعية وان يفهم الإنسان حقيقة وجوده وما هو مطلوب منه وما هو دوره …..وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون .لذلك يجب أن نبحث عن مفهوم العبادة بشكله المطلق وليس المجزئ .لان هنالك ما هو أبعد من الشعائر فيما يتعلق بالعبادة .الشعائر هي الطريق للعبادة المطلوبة فيجب أن نبحث عن الحقيقة كاملة لأن الوصول إلى جزء ضيق من الحقيقة لا يبرهن أو يثبت الكثير بل ما يجب أن نقوم به كبشر ننتمي إلى هذا الكون هو البحث الدائم وسوف نصل وفقا لمخطط اللهي موضوعاسلفا لنا .ذلك لأن دور الله فيما يتعلق بالرسالة قد تم وبحكمة لكن قوانين المعرفة هي بين ايادينا ومن خلال العبادة لا بد وأن نصل إليها بطريقة وراثية من جيل لآخر حتى يتسنى لنا كشف ما هو ثابت اصلا ….من المؤسف أن يظن الإنسان أن العبادة مقتصرة على خمس أركان ….اولا ومن حيث المبدأ لو خضعنا لقانون التطور لاكتشفنا أن حقيقة وجودنا هي تراكمية وليست منفصلة عن بعضها البعض نحن جزء من معادلة كونية فالبحث هو بوابة المعرفة والمعرفة تجر ورائها معرفة إلى أن يصل العقل إلى العقل الآخر بطريقة صحيحة من جيل إلى آخر .في بداية الرسالة المحمدية كان دور المسلم مغاير لدور المسلم الأن والا لكان الله قد خلق الناس جميعا في نفس اليوم واماتهم جميعا في نفس اليوم ومن هنا يجب أن نستنتج أن العبادة تختلف من عصر إلى عصر آخر وهذا ما يفسر أن العبادة لا تقتصر على إقامة الشعائر بل إقامة الشعائر هي وسيلة للوصول إلى العبادة .عندما تنظر إلى الدين نظرة سطحية فهذا اذا دل فإنه يدل على عدم القدرة على التقدم ذلك لأن الدين هو تبسيط مفهوم الدستور الرباني حتى يصل للإنسان بطريقة محكمة ولكن غياب الوعي حشر الناس في زاوية مظلمة تخلو من مفاهيم المعرفة الحقيقية والمطلوبة لقد أنزل الله احسن القصص وهذه القصص هي عبارة عن شيفرات يجب على الإنسان تفكيكها بشكل ممنهج بعيدا عن الدخول في حوار خيالي بمعنى أن الحوار يجب أن يكون كما هو مصاغ في الآيات القرآنية ومن هذا المنطلق فإن الجميع سوف يكون في دائرة العبادة .ولا ننسى شيء مهم جدا جدا ويجب أن ننتبه له الا وهو أن الله سبحانه وتعالى بعث الأنبياء والرسل على أقوام وعلى ملل مختلفة ولم يبعث رسولا واحدا للعالمين الا محمد عليه الصلاة والسلام ذلك لأن محمد قد أنهى عصر الاختلافات والجدل وبدأ عصرا جديدا وهذا يعني أن الله بعد الرسالة المحمدية قد حدد كل شيء في القرآن وجعل منه دستورا عالميا .من وجهة نظري أن الأمر بسيط جدا لأن نبحث فيه ولكن الأبسط هو إعادة القراءة الصحيحة والتي تنص على أن الإنسان خلق للعبادة لذلك فإن قانون الجدلية هو القانون الثابت لأن الخير والشر هما المتنقضان اللذان لا بد من وجودهما حتى يتسنى للإنسان الخضوع للامتحان ذلك الامتحان الذي ينتهي بنهاية الإجابة على الأسئلة القدرية ولكن هذه الإسئلة لا يمكن أن يجيب عليها اي انسان على وجه الكرة الأرضية قبل أن يحاور نفسه فيما خيره الله وان يحاور الآخرين فيما سيره الله .