جرائم الابتزاز الاكترونية تحدٍ جديد

جرائم الابتزاز الاكترونية تحدٍ جديد

أخذ مؤشر جرائم الابتزاز الالكتروني في العراق يرتفع بشكل ملفت للنظر ، ( 2452) رقم كبير ذلك الذي يشير الى عدد تلك الجرائم خلال ثلاثة أشهر الأولى من عام 2022 ،بحسب الإحصائية المعلنة من قبل رابطة القاضيات العراقية ، إن جريمة الابتزاز جريمة قديمة وما جد عليها خلال السنوات الأخيرة هو التغيير في الوسيلة حيث لعب التطور التكنلوجي والالكتروني دوراً في استغلال وسائله في الاتصالات لأرتكاب الجرائم المختلفة ، ويلاحظ أن جريمة الآبتزاز وجدت من تلك الوسيلة فضاءاً واسعاً لتحقيق أركانها والتوسع من انتشارها حيث يغرر بالضحية ويسار بها نحو الخطأ أو الخطيئة وهي في منزلها ثم يتم إبتزازها من خلال تهديدها بالفضيحة إن لم تقدم المال أو أي منفعة يطلبها الجاني ، بل تأخذ الجريمة منحى أعقد حيث تكون مزدوجة ما بين الجريمة المعلوماتية وجريمة الابتزاز وذلك بأن يتلصص الجاني على مواقع وصفحات الضحية من خلال اختراق شبكاتها المعلوماتية ثم يوثق أسرارها ويأخذ بأبتزازها ، إن أكثر ما يهمني في الموضوع هو أمر بناتنا اللواتي قد يقعن في طائلة الجريمة ويجدن أنفسهن أمام تحد كبير لا طاقة لهن بمواجهته ، فقد يغرر بالبنت من خلال التواصل الاجتماعي وطلب الصداقة فيأخذ المجرم بربطها بوعود الحب والزواج ويسجل لها الأحاديث والصور والأفلام ثم يصدمها عاطفيا ويورطها اجتماعياً وقانونياً وهناك من تخشى أنتقام الأهل إن علموا فتقع في شبكة عنكبوتية من الأخطاء والتنازلات قد تضطرها الى الانتحار او ارتكاب الجرائم أو تعرضها أخيراً للقتل بدافع الشرف ، فحذار من ذلك أيتها النساء العراقيات لأن لهم أساليب قد لا تفطن لها الكثير من ذوات القلب البريئة ..
وبذلك فإن جريمة الابتزاز فعلها بسيط جدا لا يحتاج الى جهد سوى محركات البحث والاتصال والتهديد بالفضيحة ولكنه يقود إلى الكثير من الافعال الجرمية فهو يقود الى النصب والاحتيال ويقود إلى الإيقاع في ترويج وتعاطي المخدرات ويقود إلى التجارة بالجنس ويقود إلى الخيانة الزوجية ويقود الى السرقة -والقائمة تجر وتجر- لأن الضحية يقع أسيرا لدى الجاني بل يصبح لعبة بيده يحرك خيوطها كيفما يشاء لأن الأمر يتعلق بالاسرة وشرفها .
بشكل عام وقبل أن تتيع الوسائل الحديثة في الابتزاز فقد جرم قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 هذه الجريمة حيث نصت المادة 430 على (( كل من هدد شخصا بارتكاب جناية في حقه أو حق أحد من أفراد أسرته أو أذيته أو فضيحته بأمور مخلة بالشرف ، وكان ذلك مقابل أن ينفذ المجني عليه شيئا له ، أو يجبره على الامتناع من فعل شئ يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 7 سنوات )) كما نصت المادة 452 على : (( 1- يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن 7 سنين أو بالحبس من حمل آخر بطريق التهديد على تسليم نقود أو أشياء أخرى غير ما ذكر في المادة السابقة ، 2- وتكون العقوبة مدة لا تزيد عن 10 سنين إذا أرتكبت الجريمة بالقوة أو بالإكراه )) ، ولكن لم يعد ذلك كافيا لأن القاضي بحاجة الى تكييف جديد للركن المادي وبحاجة الى نص يؤكد أن ما يتم خلال شبكات التواصل الاجتماعي عبر الأثير هي أفعال مادية كافية لحدوث الركن المادي للجريمة وهو التهديد إضافة الى الركن المعنوي وهو النية المبيتة للإيقاع بالضحية أو حتى النية اللاحقة وصولا الى النتيجة وهي الحصول على منفعة غير مشروعة ، كما أن هناك حاجة لتكييف وتجريم الاختراق المعلوماتي وسرقة بيانات واسرار الضحية من حساباته الخاصة والتهديد بالتشهير به ، كل هذا دعا الى التحرك على تشريع قانون متخصص بمكافحة الجرائم الالكترونية والمعلوماتية ، والذي تم فعلا إنضاجه عام 2020 وقرائته من قبل مجلس النواب ومن ثم وضعه تحت بند التعديل بسبب اثارة الجدل والأعتراض على عدد من نصوصه التي أعتبرت من قبل بعض النشطاء بأنها مقيدة للحرية ، ولكن بشكل عام فإن هذا المشروع يحتوي على عقوبات رادعة لكل الأفعال التي تدخل ضمن حيز استغلال الاستخدام التكنلوجي للحاسوب وشبكة الانترنت استغلالاً مضراً بالآخرين بهدف الأبتزاز ، فنأمل أن يرى النور قريباً.
أما الحل فهو بأيدينا وهذه الجريمة الوحيدة التي يقع على المواطن عبء القضاء عليها ، فلا تردي على أي طلب صداقة غريب ولا تتواصلي مع غرباء ولا تنشري صورك وتتداوليها عبر الحسابات ، ولا تصدقي بعلاقات هشة عبر الأثير ، لا تمنحي الثقة بأي كان ، وكوني مجدة ومثابرة وجدية في بناء يومك وغدك ، وفي حال الوقوع توقفي عن الرد على المجرم والجئي الى الشرطة المجتمعية أو أي جهة أمنية أو منطمة مجتمع مدني أو مفوضية حقوق الانسان لكي يتم التعامل مع مشكلتك بشكل صحيح وبأقل الخسائر وبسرية كاملة .
أما الدولة فإضافة الى الواجب الأمني فإن القضاء على البطالة والاستجابة لمطاليب الشباب في فرص عمل عادلة هو المفتاح لسد منافذ اي جريمة وخاصة اللجوء الى ابتزاز الآخرين من الميسرين .
وعودة الى الإحصائية المشار اليها في مستهل العرض فقد لمست عدد من الفجوات في كم الجريمة الالكترونية بين المحافظات ولم استطع أن أجزم بأن الفرق يعود الى التباين في عدد السكان بعد أن أجريت مقارنة بين المحافظات وفق ما مؤشر في الجدول ، كما أن الجريمة ما دامت الكترونية فلا يتحدد نشاطها بنقطة واحدة فقد يكون الجاني من محافظة ويرصد ضحيته من أخرى ، وبذلك يمكن أن أعزي ذلك التفاوت الى جانبين : الأول / التقاليد العشائرية المهيمنة التي يصعب معها قيام الضحية بالتبليغ حال تعرضها الى ابتزاز الكتروني والثاني قوة فرض القانون او قدرات الجهد الأمني والاستخباراتي الذي قد يتباين من محافظة الى أخرى .
وأخيرا , لم أرى ما يشير في الاحصائية الى النوع الاجتماعي للضحايا والجناة من حيث العمر والجنس وحتى الوضع الاجتماعي لأنه مهم في التحليل والمقارنة ، ثم أعرض تساؤلا مثيار للجدل … كيف نفسر الفرق الكبير في عدد الجرائم ما بين جانبي الكرخ والرصافة( 481 جريمة و76 جريمة على التوالي) لأضعه بين يدي وزارة الداخلية للبحث والتحليل والتي لا يمكن أن ننكر جهود أجهزتها الدؤوبة في مكافحة الجريمة والتثقيف بها والذي أجده الحل الرئيسي لمواجهة انتشارها

حسب احصائية رابطة القاضيات حسب تقديرات وزارة التخطيط 2015 -2030
عدد جرائم الابتزاز الالكتروني المحافظة عدد السكان
557
481
76 بغداد بواقع /
الكرخ
الرصافة 8558625
421 ديالى 1724238
227 ذي قار 2206514
221 الانبار 1865818

209 كربلاء 1283484
207 كركوك 1682809

146 نينوى 3928215
113 القادسية 1359642
102 بابل 2174783
75 المثنى 857652
75 صلاح الدين 1680015
57 البصرة 3063059
19 النجف 1549788
14 واسط 1452007
9 ميسان 1171802
2452 المجموع

دكتورة فاتن الحلفي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد